المبادرة الوطنية الأردنية
جورج حدادين
سقط النظام في سوريا، بسبب إهماله إنفاذ مهمات التحرر الإجتماعي، بالإضافة الى عامل أخر، هاماً أيضاً، وهو إنهاك الجيش، من خلال، استباحت السماء السوري من قبل الطيران الصهيوني، على مدى أعوام، بدون ردٍ رادع.
وعدم فهم ووعي، بما فيه الكفاية، طبيعة التناقض التناحري مع هذا العدو الإمبريالي والصهيوني الفاشي التوراتي.
بالمقابل نجحت حماس، بسبب المبادرة والمباغته في الهجوم، بتحطيم هيبة جيش الفاشية التوراتية، وتعمّيق مأزق الكيان،اجتماعياً ونفسياً، وكاد أن يسقط، لو كان أن تحقق دعماً فعلياً، عربياً وأممياً، بالرغم أن قدرات حماس لا تقارن بما أمتلك الجيش السوري.
للصراع قوانين علمية وعملية، وللحروب استراتيجيات محددة،
خوض الحروب، وخاصة مع عدو يمتلك قدرات هائلة، يتطلب أولاً، معرفة القوة الذاتية ومعرفة العدو بشكل دقيق وسليم وموضوعي: مواقع قوته ومواقع ضعفه، طبيعة النظام القائم، في حالة الكيان، الأيدلوجيا الفاشية التوراتية، التي تؤمن بالإختيار والإنتقاء الألهي والوظيفة الألهية، المخول بها هذا العنصر من البشر، حسب معتقداتهم، ومعرفة التناقضات الرئيسة والثانوية الفاعلة داخل مجتمعه،
والقاعدة الثانية ، الإعتماد على الذات الوطنية، وصيانة الوحدة الوطنية، التي هي سياج الوطن، وحصنه المنيع، مترافقاً مع حشد الطاقات، عبر تفجير الطاقات الشعبية الكامنة في الذات الوطنية،
ثالثاً، اليقين أن سياسة التردد وعدم الحسم قاتلة، خاصة في ظل صراع مع خصم يمتلك قوة طاغية، وأيدلوجيا فاشية توراتية، وإيمان راسخ بأن صراعه مع محيطة صراع بقاء، هزيمة واحدة وينتهي الكيان.
انهار واسط العقد في محور المقاومة ( سوريا ) وتم تدمير البنية التحتية العسكرية والمدنية،
ماذا بعد؟
تدمير محور المقاومة هو الهدف المركزي والمعلن للطغمة المالية العالمية وأتباعها: الفاشية التوراتية
والفاشية الأسلاموية واللبرالية العربية، وبعض النخب من شخصيات يسارية وقومية متحولة.
إيران مركز محور المقاومة هي الهدف القادم فوراً،
على مدى عقود، مارس الكيان الصهيوني عمليات اغتيال للعلماء الإيرانيين، وكبار القادة العسكرين، وعلى رأسهم قاسم سليماني، وصولاً لإغتيال رئيس الجمهورية السابق السيد رئيسي ووزير خارجيته، والسيد إسماعيل هنية في عقر دارهم، ولم يكن الرد حاسماً بحيث يردع العدو، وما زال سياسة الصبر الاستراتيجي قائمة.
وكلّما زاد التمسك بسياسة الصبر الإستراتيجي، كلّما كثف الكيان من تماديه في مسلسل القتل، وكثف من قصف البنى التحتية، والهدف النهائي، المنشاءات النووية.
فهذا الكيان ومشغّله، الطغمة المالية العالمية، لن يسمح لأي دولة في المنطقة، من إمتلاك السلاح النووي، ولا تحقيق التقدم العلمي ولا إمتلاك قوة عسكرية،
فقصف البنى التحتية العسكرية والمدينة السورية، واحتلال جزء من أرضه، وبعد رحيل النظام السوري، خير دليل.
الكيان وضع تحت المجهر، منذ زمن طويل، معطيات وحقائق الوضع القائم في إيران، ويقرأ بدقة، بدعم لوجستي كامل، من حلف الناتو وأجهزة دوله الاستخبارتية، مواقع الضعف ومواقع القوة الكامنة في المجتمع والدولة الإيرانية، ويبدو أنه التقط معطيات:
• دورية الإحتجاجات المجتمعية، مظاهر أزمة اقتصادية – اجتماعية مستمرة، لم يستطع النظام الخروج منها، لتصبح مثلباً ومدخلاً لتفتيت المجتمع الإيراني، خاصة في ظل تعدد القوميات والمذاهب والإثنيات.
• عدم تبني متلازمة التحرر الوطني مع التحرر الإجتماعي ، أي لم يأخذ النظام بعد على عاتقه إنجاز مهمات التحرر الاجتماعي، أي تحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع الثروة، حيث إزداد الفقراء فقراً وازداد الأغنياء غنى، ولم يفسح المجال بعد للمنظمات الشعبية الوطنية من أخذ دور في القرار الوطني.
• عدم الانتقال من مرحلة الشحن الديني، التي انتهى وظيفتها، بعدما ترسخت الثورة، الى الشحن الوطني التقدمي أيدولوجياً، الوظيفة الموجبة حالياً، لقد كان الشحن الديني يخدم شد عصب المجتمع الإيراني في تلك الفترة من الزمن، فترة الثورة، ولكن هذا لم يعد يؤدي هذه الوظيفة الآن ، والدليل ثورة الإحتجاجات المتتالية،
• ما وظيفة تمرير قانون الحشمة مؤخراً، في هذا الظرف العصيب، الذي يتطلب تريّح المجتمع وعدم توتيره، وعدم السماح لحدوث تشققات بداخله، من أجل مقاومة الهجمة على البلاد.
" كلكم للوطن والوطن لكم "
يتبع