سقوط محور وصعود اخر.
مقالات
سقوط محور وصعود اخر.
زياد أبو الرجا
16 كانون الأول 2024 , 18:22 م


× اندلعت الحرب العالمية الاولى في ٢٨ تموز/ يوليو ١٩١٤م بين قوى الوفاق - بريطانيا وفرنسا والامبراطورية الروسية ( وانضمت اليها لاحقا ايطاليا واليونان ورومانيا والولايات المتحدة ) - وقوى المركز- - المانيا والنمسا-المجر وانضمت لها لاحقا الامبراطورية العثمانية وبلغاريا.كانت حرب تغيير الخرائط في اوروبا واقتسام المستعمرات وارث الامبراطورية العثمانية(( الرجل المريض))في المشرق العربي.انتهت الحرب في ١١ ايلول/ سبتمبر ١٩١٨ بانتصار قوى الوفاق

×-عقد مؤتمر الصلح في فرساي في ٧ ايار/ مايو ١٩١٩م بحضور مندوبي ٣٢ دولة، وحضر مندوبو الدول المهزومة للاستماع للشروط التي صدرت بحقهم.بينما وقعت المعاهدة بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة.بناء على معاهدة الصلح التي وقعتها المانيافي ٢٨ حزيران/ يونيو ١٩١٩م قُسِّمَ جزء من اراضيها وَوُزِّعَ على الدول المجاورة، وحُمِّلَتْ مسؤولية اضرار الحرب.تبعتها النمسابتوقيع معاهدة (( سانت جرمان في ١٠ ايلول/ سبتمبر ١٩١٩م التي فصلت هنجاريا( المجر) عنها .ومع هنجاريا معاهدة(( تريانون)) في ٤حزيران/ يونيو ١٩٢٠م، كما وقعت الدولة العثمانية معاهدة (( سيفر)) في ١٠ اَب/ اغسطس ١٩٢٠م والتي اعترض عليها العثمانيون فاستبدلت بمعاهدة (( لوزان)) في ٢٤ تموز/ يوليو ١٩٢٣م، وبقيت حدود تركيا ضمن اسطنبول وجزء من الاناضول.وضعت هزيمة المانيا ومعها الدولة العثمانية مصير المشرق العربي في ايدي بريطانيا وفرنسا.

×-في التاريخ البشري الصراعات والحروب هي القاعدة والسلم والسلام فقط استراحة المحاربين.وما ان تضع الحرب اوزارها حتى تبدأ الاطراف والقوى تعد وتستعد للحرب القادمة.في الاول من ايلول/سبتمبر ١٩٣٩م اندلعت الحرب العالمية الثانية في اوروبا، شاركت فيها الغالبية العظمى من دول العالم، في حلفين رئيسيين هما: قوات الحلفاء ودول المحور.كانت بريطانيا والاتحاد السوفياتي وفرنسا وبولندا والولايات المتحدة القوى الرئيسية في الحلفاء.وكانت المانيا وايطاليا وامبراطورية اليابان القوى الرئيسية في المحور.تزعمت المانيا النازية دول المحور لاستعادة ما خسرته في الحرب العالمية الاولى وانتزاع حصتها من المستعمرات والنفوذ الدولي.

×-وبما ان السياسة اعلى مراحل الاقتصاد ، فان فرض سياسة معينة لا تتم الا بالقوة والحرب لفرض الامر الواقع، وتتشكل الاصطفافات والتحالفات التي تجمعها مصالح مشتركة.يجب الا يغيب عن اذهاننا اولا ان الاقتصاد هو المحرك الرئيسي(( الدينامو))للصراعات والحروب، وثانيا ان الدول الديموقراطية ليست فاعلة خير او داعية سلام.فهتلر وصل الى السلطة عبر انتخابات ديموقراطية فاز حزبه بالاغلبية المطلقة.والدول الاستعمارية التي استعبدت الشعوب ونهبت خيراتها هي دول ديموقراطية، وكذلك الحال في الولايات المتحدة.تحارب امريكا الانظمة الديكتاتورية في العالم لتخلق ديموقراطيات خاضعة وخانعة لكي تهيمن النيوليبرالية الامريكية على العالم وتتفرد في قيادة النظام العالمي وويل للمارق!

×-انتصر الحلفاء في الحرب العالمية الثانية التي انتهت في ٢ ايلول/ سبتمبر ١٩٤٥م.اجتمع في يالطة كل من جوزيف ستالين وونستون تشرشل وفرانكلين روزفيلت من ٤--١١ شباط/ فبراير ١٩٤٥م.ناقش المجتمعون الاستسلام غير المشروط لالمانيا وتقسيمها ومحاكمة قيادات الحزب النازي.

×- بعد انهيار جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفياتي، وتفرد امريكا في قيادة النظام الدولي وهيمنة النيوليبرالية المتغولة ، لجأت الاطراف الدولية الصاعدة المتضررة الى تشكيل اصطفافات وتحالفات لحماية مصالحها.ونظرا لامتلاك كلا الطرفين لسلاح الردع النووي فان المواجهات بين القوى العظمى تجلت في تشكيل احلاف ومحاور اقليمية تتصارع بالوكالة.وفي الصراع على الشرق الاوسط تحالف الكيان الصهيوني ومخلب الناتو تركيا وقوى الارهاب العالمي و بعض القوى الاقليمية ضد ما سمّيَ بمحور المقاومة الممتد من الغرب الى الشرق- المقاومة الفلسطينية وحزب الله في لبنان وفصائل المقاومة في العراق وايران ومعهم اليمن.بعد اربعة عشر شهرا على عملية طوفان الاقصى سقط محور المقاومة التي شكلت فيه سورية حلقة الوصل في الثامن من كانون الاول/ ديسمبر الجاري.

احدث سقوط الدولة السورية زلزالا وصلت ارتداداته خارج حدود الاقليم، وتداعت الدول التي شاركت وعملت على اسقاط الدولة السورية وعلى راسها امريكا وتركيا الى عقد اجتماع العقبة الذي

دعت اليه ورعته امريكا لبحث تطورات الاوضاع في سورية.الدول المشاركة(( امريكا وبريطانيا وفرنسا والممثلة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسية الامنية والمبعوث الاممي لسورية ولجنة الاتصال الوزارية العربية التي تضم الاردن والسعودية والعراق ولبنان ومصر، وامين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية قطر والامارات والبحرين وتركيا )).والاهداف المعلنة لهذا الاجتماع هي بحث سبل دعم عملية سياسية جامعة بقيادة سورية( لانجاز عملية انتقالية وفق قرار مجلس الامن رقم 2254تلبي طموحات الشعب السوري الشقيق، وتضمن اعادة بناء مؤسسات الدولة السورية وتحفظ وحدة سورية وسلامتها الاقليمية وسيادتها وامنها واستقرارها)).

×- كل المجتمعين في العقبة شاركوا في الحرب الكونية على سورية من خلال غرف العمليات العسكرية التي قادت وسلحت قوى الارهاب العالمي وفتحت مطاراتها وحدودها لعبورها الى سورية بعد تدريبها وتسليحها بالاسلحة الخفيفة والثقيلةواعني هنا تركيا بشكل خاص والتي دخلت قواتها الى شمال غرب سورية للاشراف المباشر على قوى الارهاب.

ومعلوم ان الحرب على سورية عمقها اقتصادي (( النفط والغاز والسيلكا والفوسفات والكوارتز والثروة الحيوانية والزراعية وموقعها الاستراتيجي.

كانت تركيا تتصدر المشهد السياسي والعسكري كوكيل للناتو، وكانت قطر الممول الذي دفع المليارات.لقد عبر الشيخ حمد وزير الخارجية القطري السابق في مقابلة تلفزيونية قال: (( دفعنا 150مليار دولار وطارت الصيدة)).اما الان وقد وقعت (( الصيدة ))وسقط النظام والدولة في سورية فان الذين تصدروا المشهد ودفعوا المليارات سيكافحون للحصول على مردود استثماراتهم من خلال تشكيل محور جديد صاعد من الشمال الى الجنوب ( تركيا- سورية حلقة الوصل متجاوزين الاردن الى الجزيرة العربية حتى قطر .على غرار السلطان العثماني محمد الفاتح الذي انتصر في موقعة مرج دابق واستمر جنوبا حتى احتل القاهرة.

لكن هناك دول اقليمية وازنة ستتصدى للمحور الصاعد( مصر والسعودية والاردن والعراق والبحرين ولبنان).ولكن كلا الطرفين تربطهما علاقات استراتيجية مع الدول الغربية بشكل عام ومع امريكا بشكل خاص، وبعضها مطبع مع الكيان.ستواجه امريكا مشكلة في ادارة الصراع في وعلى سورية .فالتركي لا يريد وجودا لقوات قسد الكردية والامريكي يعتبرها حليفا له لمحاربة داعش والكيان يعتبر قسد والاكراد الحليف الموثوق، واذا تصدر الاخوان المشهد الداخلي في سورية فان الاردن سيكون في عين العاصفة حقا. وهناك خشية من تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ اذا لم تتم السيطرة على الفصائل المسلحة التي يزيد عددها عن الثلاثين فصيلا( هذه الفصائل التي لم يتقدم اي منها بضربة سيف او طعنة رمح او رمية بسهم لنجدة ونصرة غزة في حرب الابادة الجماعية والتطهير العرقي)

نحن في المشرق العربي الان (( الرجل المريض)) الذي تتصارع عليه وتتناهشه وحوش الارهاب والغرب الاستعماري.

×-لقد علمتنا الفوضى الخلاقة للخريف العربي في تونس وليبيا ومصر والسودان والصومال واليمن والعراق وسورية.ان لا مكان لللاعبين الصغار في الملعب الذي تجري عليه اللعبة الكبرى، وتدار من غرفة عمليات لا وجود فيها ( للدين والاخلاق والانسانية والالهة ).لانهم لا يقرون ولا يعترفون الّا باله ودين واخلاق المصالح الاقتصادية التي شكلت عبر التاريخ البشري المحرك ( الدينامو) لكل الصراعات التي هتكت القيم الانسانية وحطمت الحدود الجغرافية بين الدول.

لا مكان للاماني والرغبات في عالم متوحش لا يعترف الا بالاقوياء.فان لم تكن ذئبا اكلتك الذئاب.

م/ زياد ابو الرجا.                                          

المصدر: موقع إضاءات الإخباري