العلماء يكتشفون أن سرعة التفكير البشري أبطأ مما نتصور
منوعات
العلماء يكتشفون أن سرعة التفكير البشري أبطأ مما نتصور
23 كانون الأول 2024 , 12:53 م

توصل العلماء إلى تقدير سرعة قدرة الدماغ البشري على معالجة المعلومات في دراسة جديدة. وعلى عكس ما نعتقد، يبدو أن عقولنا ليست سريعة كما كنا نتصور. فقد أظهرت الأبحاث أن أدمغتنا تعالج المعلومات بسرعة تبلغ 10 بتات في الثانية فقط. ولكن كيف يمكن تفسير هذا الأمر مقارنةً بالتريليونات من العمليات التي تنجزها أجهزة الكمبيوتر كل ثانية؟

كيف يعالج الدماغ البشري المعلومات؟

تشير الأبحاث إلى أن هذا البطء يعود إلى طريقة معالجة الدماغ للأفكار، حيث يتم ذلك بشكل تسلسلي، مما يخلق ازدحامًا في عملية المعالجة.

وعلى النقيض من ذلك، يعمل الجهاز العصبي المحيطي على جمع البيانات الحسية بسرعات تصل إلى غيغابتات في الثانية، ما يجعل أداء الدماغ يبدو ضئيلاً مقارنةً بهذه السرعات الهائلة.

التناقض بين الحواس وسرعة التفكير

أوضح عالما الأعصاب "جييو زينغ" و"ماركوس مايستر" من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا أن هذا التفاوت بين سرعة إدخال الحواس وسرعة معالجة الدماغ يشكل لغزا علميا.

يقول "مايستر":

"كل لحظة، نستخدم فقط 10 بتات من بين التريليونات التي تلتقطها حواسنا لفهم العالم من حولنا واتخاذ القرارات."

هذا يطرح تساؤلاً: ما الذي يفعله الدماغ لتصفية كل هذه المعلومات؟

أدلة علمية على بطء الدماغ

في ورقة بحثية نُشرت مؤخرا، يدافع الباحثان عن فكرة أن الدماغ، رغم ثرائه البصري وإمكانات الذاكرة الفوتوغرافية، يعمل بسرعات محدودة نادرا ما تتجاوز عشرات البتات في الثانية.

على سبيل المثال:

حل مكعب روبيك معصوب العينين يتطلب معالجة أقل من 12 بتاً في الثانية.

لعب لعبة StarCraft بمستوى احترافي يتطلب حوالي 10 بتات في الثانية.

قراءة هذا المقال؟ قد تصل سرعتك إلى 50 بتا في الثانية مؤقتا!

الفجوة بين "العقل الداخلي" و"العقل الخارجي"

يشير الباحثان إلى أن هناك فجوة كبيرة بين معالجة الدماغ للمنبهات الخارجية (العقل الخارجي) وحساباته الداخلية (العقل الداخلي). ويقولان:

"الفهم الحالي لا يتناسب مع الموارد الهائلة التي يمتلكها الدماغ، ولم تظهر أي نظرية قابلة للتطبيق تفسر هذا الاختناق العصبي الذي يفرض التشغيل الفردي."

لماذا لا يعمل دماغنا كأجهزة الكمبيوتر؟

الدماغ البشري يتميز بقوة تحليلية هائلة، حيث يحتوي على حوالي 80 مليار خلية عصبية تشكل تريليونات من الروابط.

لكن بالمقارنة مع كائنات بسيطة مثل ذباب الفاكهة، التي تحتوي على حوالي 100,000 خلية عصبية فقط، نجد أن هذه الكائنات قادرة على أداء مهامها بكفاءة مذهلة. فلماذا لا يعمل دماغ الإنسان كـ"سرب" من الذباب، حيث يمكن لكل وحدة معالجة جزء صغير من البيانات بسرعة فائقة؟

هل نحن بحاجة إلى التفكير السريع؟

قد يكون السبب ببساطة عدم الحاجة إلى سرعة أكبر. يقول الباحثان:

"اختار أسلافنا بيئة كان العالم فيها بطيئا بما يكفي لجعل البقاء ممكنا."

حتى في أسوأ الحالات، تكون الحاجة إلى معالجة 10 بتات فقط في الثانية كافية، حيث إن معظم الوقت يتغير العالم من حولنا بوتيرة أبطأ بكثير.

مستقبل التفكير البشري والتكنولوجيا

مع تقدم التكنولوجيا، قد نصل إلى مرحلة يتم فيها ربط المعالجة الفردية للدماغ بالمعالجة المتوازية لأجهزة الكمبيوتر.

هذا يمكن أن يساعدنا في فهم كيفية تطور عقولنا بشكل أفضل، ويمنحنا القدرة على تحسين الذكاء الاصطناعي ليحاكي تصميمنا العصبي الفريد.

كما يمكن أن يبرز فوائد التفكير البطيء في التعامل مع العالم خطوة بخطوة.