المبادرة الوطنية الأردنية
جورج حدادين
بعيداً عن التحليل السطحي الساذج، وبعيداً عن الغرائزية البدائية المذهبية والطائفية، وبعيداً عن الرغائبية
أصبحت سوريا ساحة لصراع مصالح دول قريبة وبعيدة، ساحة صراع محاور وتكتلات، ساحة صراع مجاميع ما قبل التاريخ.
كيف اصبحت سوريا ساحة صراع للقوى والتكتلات والمجاميع؟
بعدما كانت دولة محورية في المنطقة، ودولة محورية في محور المقاومة، ومركز الحضارة ذات القيم الإنسانية النبيلة ( كل إنسان واعي وعاقل على هذه الأرض، يقول لي وطنان، وطني الذي خلقت فيه والثاني وطني ما الذي حدث سوريا )، دولة الاستقرار والتنمية، واحدة من دول العتلم الثالث، التي لم تكن مدانة لا لصندوق النقد ولا للبنك الدوليين، دولة الحماية الإجتماعية تؤمن التعليم المجاني والرعاية الصحية، وفوق كل ذلك حققت الأمن الغذائي.
ما الذي حدث لتنقلب الأمور رأساً على عقب؟
لفهم ما يجري على صعيد سوريا والمنطقة لا بد من العودة إلى لحظة حدوث تحول موازين القوى على صعيد العالم والمنطقة، إنهيار المعسكر الإشتراكي بداية تسعينات القرن الماضي ( الذي لم يكن متوقعاً، تماماً كما حدث إنهيار النظام السوري بشكل مفاجئ ) تبعه حدوث انتقال المنظومة الرأسمالية العالمية من الرأسمالية المنتجة الى الرأسمالية المضاربة، والتي أعلنت مشروعها بوضوح من خلال " توافقات واشنطن " المتمثلة بما يلي:
1. منع قيام قطب منافس للرأسمالية المضاربة ( تجاوزاً تسمى القطب الواحد الأمريكي) في حين تعتبر
الولايات المتحدة الأداة الأهم ، عسكرياً ومالياً، في يد الطغمة المالية العالمية، والكيان الصهيوني الأداة الأهم في قلب أمتنا العربية، لتنفيذ مشاريعها.
2. السيطرة على السوق العالمي ودمجه وفرض قانون السوق عبر تشريعات وقوانيين وانظمة تخدم مصالح الرأسالمال المضارب.
3. السيطرة على منابع النفط والغاز والصخر الزيتي على صعيد الكرة الأرضية.
4. السيطرة على خطوط نقل الغاز والنفط عالمياً.
5. السيطرة على العقل الجمعي المحلي والعالمي، من خلال سياسة " صناعة القبول وثقافة القطيع "
شكلت سوريا ومحور المقاومة حاجزاً في وجه إنفاذ مخططات الطغمة المالية العالمية، لا بل فسحت المجال أمام محور الإعتدال للمناورة في التوجه نحو محور البريكس وتحديداً الصين وروسيا.
وبناء عليه تم صياغة مخططات وبرامج للهجوم على هذا المحور، تم إعدادها على مدى العقود الأربعة السابقة، بإعتراف قيادات سياسية وعسكرية ومراكز أبحاث غربية، تحت عناوين ومسميات مختلفة ( الشرق الأوسط الجديد، " إسرائل الكبرى، صفقة القرن...الخ ).
جاء طوفان الأقصى، مستبقاً خطوة خطة الهجوم على محور المقاومة ( الهجمة الهمجية على غزة، ثم الهجمة على لبنان، وحالياً الهجمة على اليمن) وبإنتظار اللحظة المناسبة للهجوم على إيران، تم إعداد هذه المخططات بدقة، من قبل الطغمة المالية، بحسب تصريحات، قيادات سياسية وعسكرية ومراكز أبحاث غربية، تتداولها الصحافة العالمية بوضوح، بهدف تهيئة الرأي العام العالمي، لهذه الحروب الوحشية ضد أمتنا.
بالإعتماد على الركيزة الأساس، سياسة " صناعة القبول وثقافة القطيع " وبالإستناد الى المعرفة الدقيقة بالقدرة على تزييف الوعي الجمعي للنخب والعوام في مجتمعاتنا ، بناء على دراسات وأبحاث مراكز غربية، نم شن وتضخيم حملة إعلامية، غير عقلانية وغير مسبوقة، لابل مصطنعة على الطريقة الهوليوودية، لما حدث في السجون السورية، ألم يحدث ما هو أشرس وأوقح وابشع مئات المرات في السجون الأمريكية، في أبو غريب وجونتانمو، والكثير الكثير من السجون السرية غير المعلنة، في كثير من دول العالم، لما لم فضحها من قبل دعاة حقوق الإنسان والحيوان ودعاة حماية الطفولة؟.
يجب أن نعترف بأن الحملة الأعلامية الشرسة هذه، قد حققت أهدافها بتزييف الوعي الجمعي للنخب الساذجة والعوام، بحث أصبحوا يرددوا بلا وعي، خطاب العدو الصهيوني والغربي.
الهدف، يجب أن يكون واضحاً لجميع الفعاليات الوطنية، بالطبع، عدى المجاميع الغرائزية المذهبية والطائفية، والسذج من أبناء أمتنا:
• صرف الأنظار عما يحدث، من إبادة جماعية لأهلنا في غزة ،
• التعمية على استهداف الفاشية التوراتية، البنى التحتية العسكرية والمدنية في سوريا ، لا بل إحتلال جنوب سوريا من قبل الفاشية التوراتية، وشمال سوريا من قبل العثمانية الجديدة، والإستهداف اليومي للبنان.
• التحضير للهجمة على اليمن.
• التحضير للهجمة على إيران.
نعم لقد تم شراء الذمم في هذه المعركة، في وعلى سوريا، حيث تم شراء ضمائر، عسكريين، قيادات وازنة، مفكرين وكتاب ودبلوماسيين وممثلين، ومدنيين نخب وعوام، وتم تسخير قوى التبعية اللبرالية والإسلاموية التكفرية والإبراهيمية، لخدمة هذه المخططات،
تمت الهجمة وأسقطت دمشق، الحلقة الأضعف في محور المقاومة، بسبب الوهن الذي أصاب المؤسسة العسكرية والمجتمع المدني ترافق ذلك مع سياسة غبية تم تبنيها من قبل القيادة السياسية، التوجه نحو الحضن العربي، التابع، للبحث عن حماية وهمية، وتجميد قيادات عسكرية سورية، مختبرة وطنية حتى النخاع، بناء على طلب من هذا الحضن العفن.
ماذا بعد؟
يتم العمل وبكل قوة، على تأهيل التكفريين، من قبل ماكينة الإعلام الغربي، وماكينة إعلام قوى التبعية الرسمية العربية، حكام ديمقراطيين لسوريا الجديدة.
يساهم الآعلام المحسوب على محور المقاومة، بطرح أسئلة حائرة هدفها تزييف الوعي الجمعي، من نمط، لم تستقر الأمور في دمشق، لا نعرف كيف ستكون الأمور، النظام الرسمي العربي لا يقبل تسلم هولاء السلطة في دمشق، الصراع العثماني الصهيوني على الأرض السورية ومآلاته، الخ من هذه الترحات، لا يمكن لشجرة التين أن تثمر عنباً.
خلاصة: من يدفع للزمار يحدد اللحن،
بإختصار، الصراع في وعلى سوريا، ينحصر بين قوى التحرر وقوى الهيمنة
صاحب المخطط المشغّل معروف وأدواته المنفذة معروفة، والتكفري غير قابل أن يصبح واعضاً أخلاقياً، وسلوك العبد لا تتغير، والمستجدي لا يمكن أن يصبح مانحاً.
المطلوب، البحث والتوافق على مشروع التحرر الوطني والتحرر الإجتماعي
المطلوب من المقاومة أن تجد حاضنتها الإجتماعية في حركة التحرر الوطني
المطلوب من النقابات والإتحادات والمنظمات الوطنية أن تأخذ دورها في تحرير الأوطان من هيمنة الغرب
" كلكم للوطن والوطن لكم "