ابتكار جديد يعيد السعادة للدماغ المرهق بعلاج غير جراحي
منوعات
ابتكار جديد يعيد السعادة للدماغ المرهق بعلاج غير جراحي
5 كانون الثاني 2025 , 14:28 م

كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو (UCSF) عن دور حاسم لدارات الدماغ التي تتأثر بالإجهاد في تحديد القدرة على التكيف مع الضغوط النفسية، وأظهرت التجارب أن تحفيز هذه الدارات يمكن أن يعكس أعراض  الاكتئاب لدى الفئران، مما يمهد الطريق لعلاجات جديدة للاكتئاب لدى البشر.

الدماغ والإجهاد: لماذا يستجيب البعض للتوتر بشكل أفضل؟

يستطيع بعض الأشخاص تجاوز الصدمات والعودة إلى حياتهم الطبيعية، بينما يظل آخرون عالقين في دوامة من الاكتئاب تفقدهم متعة الحياة، يهدف باحثو UCSF إلى فهم كيفية تشكل هذه الاستجابات المتباينة داخل الدماغ، مع التركيز على تطوير علاجات للأشخاص الذين يعانون من أعراض الاكتئاب المزمنة المرتبطة بالإجهاد.

دارات الدماغ وتأثير الإجهاد

أظهرت الدراسة أن الإجهاد يؤدي إلى تغيرات في نشاط دارات محددة في أدمغة الفئران، يمكن لهذه التغيرات أن تفسر لماذا يتمكن البعض من التعافي من الإجهاد بينما يعجز الآخرون عن ذلك.

تجربة الفئران

المراقبة الأولى: لاحظ الباحثون أن الفئران الأقل تكيفا أظهرت نشاطًا غير منتظم في اللوزة الدماغية (Amygdala)، وهي منطقة مسؤولة عن تقييم المخاطر المرتبطة بالمكافآت.

الاختبار الثاني: عُرض على الفئران خيار بين الماء العادي والماء المحلى بالسكر. الفئران القادرة على التكيف اختارت الماء المحلى بسهولة، بينما ظلت الفئران الأقل تكيفًا عالقة في حالة من التردد.

التغيير العصبي

عندما حفز الباحثون نشاط الخلايا العصبية التي تربط اللوزة الدماغية بمنطقة الحُصين (Hippocampus)، لاحظوا تحولا واضحا في سلوك الفئران الأقل تكيفا. أصبحت هذه الفئران تسعى بنشاط وراء المتعة، مثل شرب الماء المحلى.

تقنيات مبتكرة لتحفيز الدماغ

استخدمت الدراسة تقنية الكيموجينيتكس، وهي تقنية تعتمد على جزيئات صناعية تتفاعل داخل الجسم لتحفيز الخلايا العصبية.

قام الباحثون بإضافة مستقبلات إلى سطح الخلايا العصبية في الحُصين لجعلها أكثر استجابة.

عند حقن الفئران بمادة ترتبط بهذه المستقبلات، زادت استجابة الخلايا العصبية وتحسن سلوك الفئران.

النتائج:

الفئران التي كانت تعاني من التردد تحولت إلى فئران أكثر قدرة على اتخاذ القرارات.

النشاط العصبي أظهر نمطا مشابها للفئران القادرة على التكيف مع الإجهاد.

قالت الدكتورة فرانسيس شيا، إحدى الباحثات الرئيسيات:

 "كان الأمر أشبه بفكرة مستبعدة في البداية، لكن رؤية النتائج كانت مذهلة. العملية قضت تماما على حالة التردد وحولت هذه الفئران إلى كائنات قادرة على التكيف."

ماذا يعني هذا للبشر؟

أوضح الدكتور مازن خيربك، المشرف على الدراسة وأستاذ الطب النفسي في UCSF، أن إعادة ضبط هذه الدارات العصبية لدى البشر قد تقدم طريقة غير جراحية لعلاج الاكتئاب.

وأضاف:

 "هناك اهتمام كبير بفهم كيفية تطبيق هذه النتائج على البشر. إذا نجحنا، سيكون لدينا طريقة جديدة وغير جراحية لعلاج الاكتئاب."

حاليا، يعمل الفريق بالتعاون مع مركز دولبي لعلاج اضطرابات المزاج لاستكشاف طرق لتغيير أنماط الدماغ لدى البشر باستخدام البيانات العصبية.

تقدم هذه الدراسة نظرة ثاقبة حول كيفية تأثير الإجهاد على الدماغ ولماذا يستجيب الأشخاص له بطرق مختلفة، من خلال تحفيز الدارات العصبية المناسبة، يمكن علاج أعراض الاكتئاب واستعادة السعادة. هذه الخطوة العلمية تمثل أملا جديدا للملايين الذين يعانون من الاكتئاب المزمن.