نقول:
في البداية طرأ شي جديد في المنطقة، حيث توسعت منطقة العمليات العسكرية والاشتباك مع هذا الكيان لاول مرة بعد حرب 1973 داخل و خارج الكيان مقارنة بما كان قبل عملية طوفان الأقصى و امتدت من البحر الاحمر /شواطئ اليمن/ مرورا بالعراق وصولا إلى جنوب لبنان و تدخل إيران المباشر،و هذا تطور لم يكن احد يتخيله...
هذا الكيان وجد نفسه محاصراً ضمن حدوده يتعرض لاقسى ضربة عسكرية هزت أسسه ووهذا يحدث لاول مرة، ثم نزوح مستوطنيه فشكل نوع من الشلل و المفاجآت للطبقة الحاكمة في تل ابيب ،و حالة كارثية نفسية على المستوطنين ... السؤال الاهم هل حققت اسرائيل أهدافها الثلاتة المعلنة بعد حرب استمرت حوالي السنة و الشهرين ،ثم من تابع مقاتلي حماس فوق الارض بعد بدء تنفيذ وقف اطلاق النار يرى انه لم يتغير عليهم شيء تحت وفوق ارض غزة و تفاعل الناس بالنسبة للاسرائليين هذا المشهد كان صادما استنادا لادعاءات جنرالاتهم وتأكيدهم للراي العام الداخلي انه لم يتبقى من حماس و قوتها العسكرية ،اللوجستية شيء بينما تظهر عملية تسليم الاسرى عكس ذلك تماما.
ثم هل خسرت حماس لأنها قاتلت من أجل الأرض و دافعت بشكل مستميت وهزت عمق الكيان بالقصف الصاروخي بينما إسرائيل استطاعت تدمير غزة، و قتل المدنيين و تدمير المرافق الحيوية ،البيوت على رؤوس ساكنيها بلا رحمة عبر مجازر دموية هو انتصار؟؟
صحيح انها وسعت عدوانها في لبنان، و في سوريا، ناهيك عن قتل العديد من القادة و الكثير من مقاتلي حماس وتدمير "محور المقاومة" بقيادة إيران بنسبة 50٪ على الأقل ،ربما يمكننا القول انها اضعفت المحور و لكن لم تنهيه كما أرادت،
لكنه ليس نصراً ، يحاولون تصويره "انتصارا إسرائيليا" في الدعاية الاسرائيلية ووسائل اعلام خارجية التي تفترض هذه المزاعم وتروج لها بشكل غير مسبوق.
من ناحية أخرى ،في هذه المعركة ظهر اعداء جدد للكيان, اليمن والعراق إضافة للمقاومة في لبنان، و لأول مرة، هاجمت طهران مباشرة الكيان و لأول مرة في التاريخ تم ضرب أهداف في قلب "إسرائيل" من اراضي إيرانية ،بما في ذلك القواعد العسكرية السرية و المطارات بشكل فعال.
كما ان مقاتلي الفصائل الفلسطينية اليسارية منها و حركة فتح قاتلوا إلى جانب حماس و الجهاد الإسلامي في غزة و الضفة الغربية و عزز مسيحيو فلسطين تضامنهم مع المسلمين ، و أعلن الكهنة استعدادهم لتلاوة الأذان (الدعوة الإسلامية للصلاة) "إذا قتل جميع الأئمة و دمرت المساجد." اذاً تكرست وحدة شعب فلسطين ...
هل يعتبر هذا هزيمة للمقاومة في قطاع غزة والصفة..؟
من نتائج هذه المذبحة بحق شعب غزة أن العديد من رجال الدين اليهود فضحوا العقيدة الصهيونية و تصرفات حكامها في تل ابيب الوحشية.
كما ان الاحداث الاخيرة اوصلت مجموعات إسلامية الى حدود الكيان الشمالية في سورية ربما يستفز الامر اسرائيل في المستقبل و قد تصبح سوريا الجديدة دعامة أساسية للمقاومة و خصوصا حماس ،و ذلك بسبب التقارب العقائدي المفروض بينهما و انا أكاد أجزم لن يتحقق شيء من ذلك على المدى المتوسط سلطة الامر الواقع في دمشق لم يسمح لها ببيان تنديد و هي ترى من جبل قاسيون كيف تدمر كل امكانيات سورية العسكرية و بنيتها التحتية العسكرية البحثية دليل على اتفاق مسبق بينه و بين من أوصل أميرها الى قصر الشعب لذلك لن يفعل لحماس و فلسطين شيئا.
هل استطاع نتنياهو تدمي ر(سحق) حماس كما اراد ،بل الواضح ازداد اعداد المنتسبين إلى صفوف حماس وبقية الفصائل العسكرية من أقارب الذين قتلوا واستشهدوا على يد جيش الاحتلال،و يتم تجنيد جيل كامل ممن يريدون الانتقام لشهدائهم ، و بناء على هذه التجارب التي مررت بها المقاومة خلال الفترة الماضية ستكون الأسلحة الجديدة دور اكبر والتكتيكات القتالية الجديدة للمقاومة أكثر تعقيدا.؟
الامر المهم، ,انه ولأول مرة في تاريخ الحركة الصهيونية ، تتهم قيادتها الإسرائيلية بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية و مطلوبين بمذكرات اعتقال من محاكم دولية هذا الامر كان مجرد خرافة ان يحصل لو عدنا عقدين من الزمن الى الوراء .!ثم إن صورة إسرائيل على أنها"مجتمع وكيان للمتهضين اليهود و ضحايا معاداة السامية، و المحرقة"و بالتالي لهم الحق في الدفاع عن النفس " قد سقطت إلى الأبد، بعد ان ظهرت إسرائيل للعالم كله كدولة تقتل الأطفال ، النساء ،الأطباء و الصحفيين مع حصار لا إنساني على قطاع غزة يشبه معسكرات النازية، فهل هذا خسارة للمقاومة؟؟؟
ستقوم إسرائيل بسحب قواتها من غزة ، و سيتم إعادة بناء غزة و بالتالي إعادة تأهيل (جميع أنفاقها) في غضون عامين تقريبا فهل هذا نصر إسرائيلي..؟
لم تكن عملية طوفان الأقصى تهدف الى تحرير المسجد الاقصى ، القدس او عموم فلسطين...
قيل ذلك بكل وضوح وصراحة، لكن بعد "الطوفان"ربما تقدم الحل السلمي(دولة واحدة للجميع ، دولتان، اتحاد كونفدرالي) كبديل للحرب الدموية التي سوف تتكرر بدون ،اذا مااستمر الحال على ماكان منذ قرن تقريباً، من حال الشعب الفلسطيني
و معاناته لقد قاتلت حماس وأحزاب فلسطينية أخرى من أجل عدالة قضيتها و حق شعبها في التحرر والاستقلال ضد تحالف دولي قدم وضع كل امكانياته في خدمة آلة القتل لهذا الكيان ، رغم ذلك صمد اهل و مقاومة غزة وصنعوا الاسطورة ..وأعادوا للقضية رونقها و سكنت وجدان الناس وظهر كمية التعاطف والدعم من المجتمعات العالمية بمستوى غير مسبوق، على تنوع اعراقها و انتماءتها و تحديداً في اوروبا الغربية و أمريكا بتلك الحركات الاحتجاجية الداعمة لقضية فلسطين العادلة و لو إنسانيا أصبحت حقيقة ما يجري في فلسطين المحتلة في وجدان غالبية شعوب الارض و الاهم اجيالها الشابة، كانت هذه المظاهرات صادمة لأنظمة هذه الشعوب ، هذا هو معيار "الانتصار"، عندما تكون موازين القوى العسكرية بين الاحتلال و من يقاومه كالفرق بين السماء و الارض من حيث الامكانيات المادية و العسكرية مضافا الى ذلك حصاراً خانقا، فإن ما يعدل في الموازي الإرادة، الإيمان ، قوة الحق، والدفاع المستميت طلبا الحرية و الاستقلال ..
وإلا منطقيا لما استطاع الاحتلال فرض احتلاله على اي شعب لو ان هناك توازن قوة في كل شيء ، الضعيف هو في موقع الدفاع يقاوم يتحمل النسبة الاكبر من الخسائر في معارك مفروضة عليه و التضحيات اكثر بكثير في كل شيء و لنا في الجزائر ،فيتنام ،افغانستان أمثلة و عبر.
اذا لمن يمكن ان نُجيّر "النصر" او عدم الهزيمة في الحد الادنى بعد خوض اطول معركة في تاريخ القضية الفلسطينية.. ؟؟ لكم الكلمة.