“حماية الوطن أم حماية الكرسي؟ الحقيقة المكشوفة”
مقالات
“حماية الوطن أم حماية الكرسي؟ الحقيقة المكشوفة”
عريب الرنتاوي
25 كانون الثاني 2025 , 07:29 ص

كتب عريب الرنتاوي

تدعي الأجهزة الأمنية الفلسطينية أن حملتها “حماية الوطن” تهدف إلى ضمان أمن الوطن والمواطنين، ولكن الحقيقة أن هذه الحملة تُستخدم كأداة لحماية الكراسي والمصالح الخاصة لبعض المسؤولين الفاسدين، ولإرضاء إسرائيل وأمريكا على حساب الشعب الفلسطيني. وفي ظل هذه الحملة، يتم قمع الثوار واعتقالهم، بينما تغض السلطة الطرف عن انتهاكات الاحتلال والمستوطنين الذين يواصلون الاعتداء على الفلسطينيين.

حملة ضد الثوار لحماية الاحتلال

في الوقت الذي تسعى فيه الحملة المزعومة “حماية الوطن” إلى قمع المقاومة الفلسطينية، تظل السلطة الفلسطينية تتجاهل الانتهاكات الإسرائيلية التي لا تتوقف. تطلب إسرائيل من السلطة اعتقال الثوار الذين يدافعون عن الأرض والمقدسات، بينما تُترك المستوطنات التي تحرق القرى وتدمّر المحاصيل والممتلكات الفلسطينية بلا محاسبة. لماذا لا تتوجه السلطة لمطالبة الاحتلال بوقف عدوانه على المواطنين الفلسطينيين؟ وهل هذا يتماشى مع مفهوم “حماية الوطن”؟

الفساد المستشري في مؤسسات الدولة

حماية الوطن لا يمكن أن تتم من خلال حملات الاعتقال أو قمع الأصوات المعارضة، بل من خلال محاربة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة الفلسطينية. الفساد في المؤسسات الحكومية، بما في ذلك المقاطعة، الوزارات، والأجهزة الأمنية، أصبح جزءًا من النسيج اليومي في السلطة الفلسطينية. في هذه الأجهزة، هناك قيادات تشارك في تجارة الأسلحة والفلتان الأمني، وهو ما يهدد استقرار الوطن ويعرقل تقدمه.

التعيينات والترقيات تُمنح بناءً على المحسوبية، ويتم تجاهل الكفاءات الوطنية التي من المفترض أن تكون الركيزة الأساسية لتطوير الدولة. إذا كانت السلطة جادة في حماية الوطن، فإن أول خطوة يجب أن تكون محاربة الفساد داخل مؤسساتها.

أسئلة الشعب الفلسطيني التي تحتاج لإجابات حقيقية

الشعب الفلسطيني يعاني في صمت، وهناك أسئلة جوهرية يجب أن تُطرح:

1. هل لدينا تعليم محترم كما كان سابقًا؟

التعليم في فلسطين كان في يوم من الأيام مصدر فخر للعديد من العرب، لكن اليوم يعاني من تدهور ملحوظ في المناهج والبنية التحتية. مناهج قديمة، مدارس متهالكة، ومعلمون يُعانون من تدني الأجور وظروف العمل السيئة. أين هو التعليم الذي كان يميزنا عن باقي الدول؟

2. هل لدينا خدمات صحية ومشافٍ تليق بالمواطن الفلسطيني؟

قطاع الصحة في فلسطين يعاني من نقص في الكوادر الطبية والأدوية والمعدات. المستشفيات مكتظة بالمرضى، والخدمات الصحية لا تواكب احتياجات الشعب. ما نراه اليوم في المستشفيات الفلسطينية هو تدهور واضح في مستوى الرعاية الصحية.

3. هل لدينا قضاء عادل؟

القضاء الفلسطيني بعيد عن الاستقلالية والعدالة. الكثير من الفلسطينيين يشعرون أن العدالة مسيسة، وأن المحاكم لا تنصف الفقراء والمستضعفين، بل تعمل لصالح أصحاب النفوذ.

4. هل أفراد الأجهزة الأمنية الذين يُطلب منهم قمع الشعب يحصلون على رواتب كافية؟

أفراد الأجهزة الأمنية يعانون من تدني الرواتب، بل إنهم لم يتقاضوا رواتبهم منذ حوالي سنة تقريبًا. بينما يتعرضون لضغوط كبيرة في ظل ظروف صعبة، لا تُمنح لهم الحياة الكريمة التي يستحقونها. هذه الوضعية تضعهم في موقف صعب، ويؤثر بشكل مباشر على قدرتهم على أداء مهامهم في خدمة الوطن.

تهميش الفصائل والأطراف الأخرى

من المهم أن نذكر أن هذا القرار لم يُستشار فيه أحد، بما في ذلك الفصائل الفلسطينية وحركة فتح نفسها، التي تُعتبر جزءًا من السلطة. الفصائل الأخرى تم تهميشها بشكل كامل، مما يعكس سياسة التفرد في اتخاذ القرارات وعدم التوافق الوطني. في هذه الأجواء، تُستخدم بعض الأطراف كأدوات تبرير لحملة أمنية لا تستند إلى مصالح الشعب الفلسطيني.

غزة: الحاجة إلى إعادة البناء هو حماية الوطن

غزة ليست مجرد منطقة محاصرة، بل تعرضت لتدمير 80% من مبانيها بسبب الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة. هذا التدمير ليس فقط دمارًا للممتلكات، بل هو إبادة جماعية على مستوى البنية التحتية والإنسان. تلبية احتياجات غزة من إعادة بناء ما دمره الاحتلال هو في جوهره “حماية الوطن”. غزة بحاجة إلى دعم حقيقي لإعادة بناء الحياة هناك، من خلال تحسين ظروف العيش وتوفير الخدمات الأساسية من صحة وتعليم، وحماية المدنيين من القصف المتواصل.

حماية الوطن تبدأ بتلبية احتياجات الشعب الفلسطيني، بغض النظر عن المكان الذي يعيش فيه، سواء في غزة أو جنين أو أي منطقة أخرى تحت الاحتلال.

الخلاصة:

“حماية الوطن” لا تتحقق بحملات أمنية ضد الثوار، بل من خلال العمل الجاد لمحاربة الفساد، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتلبية احتياجات الشعب الفلسطيني في مختلف المناطق. لا يمكن أن يكون حماية الوطن عبارة عن شعارات فارغة أو حملات إعلامية. الوطن بحاجة إلى أفعال حقيقية لإعادة بنائه وتوفير حياة كريمة لشعبه. إذا استمرت السلطة في تجاهل هذه القضايا الأساسية، فستظل “حماية الوطن” مجرد واجهة فارغة لخدمة أجندات سياسية ضيقة. 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري