التعليق
هذه مناورة قذرة من العدو للضغط على لبنان وفرنسا وأمريكا وحتى مجلس الأمن حتى لا يفضح التفاهمات مع لبنان والتي أشار إليها أول َمن أمس؛ بأنه يعمل ضمنها وهو ينفذ بنود القرار 1701
لا بد من الإشارة بأن المحتل الصهيوني أمامه موضوع واحد فقط لا غير : الإنسحاب من الأراضي اللبنانية إلى ما وراء الخط الأزرق لأن التفويض بحرية التصرف في الجنوب اللبناني على هواه ليس من صلاحية أحد ويعتبر لاغيًا.
ويعتبر لبنان قد إرتكب خطيئة كبرى بعدم إستعمال حقه الشرعي في الدفاع عن الشعب اللبناني وومتلكاته وسلامة أراضيه،وخیرًا فعل.
فإذا بقي المحتل الصهيوني على ملم واحد من الأراضي اللبنانية بعد 26 كانون الثاني الحالي سيعتبر بأنه جيش إحتلال؛ والقوانين الدولية تعطي هذا الشعب الواقع تحت الإحتلال حق مقاومته بكافة الوسائل المتاحة بعد أن عجزت الدولة عن حماية المواطنين وممتلكاتهم في الجنوب اللبناني.
وقد طلب نتنياهو من ترامب المساعدة فجاء الرد من البيت الأبيض بسرعة فائقة :"تمديد وقف إطلاق النار في لبنان مطلوب على وجه السرعة".
ولا بد من الإشارة بأنه من الناحية القانونية بأنه لا يوجد أي كيان يملك صلاحية تمديد بقاء الإحتلال بعد تحديد مدة إنسحابه حتى الموقعين على الإتفاقية وإليكم السبب.
إن القرار رقم 1701 صادر عن َجلس الأمن وهو قرار نهائي جاهز للتنفيذ وغير قابل للإستئناف؛ وبالتالي فإن توقيع أي إتفاقية في ظل القرار 1701 تعتبر لاغية ولا قيمة لها بغض النظر عن موقعيها.
ولكن العامل الوحيد الذي يتلاعب بموعد تنفيذ هذا القرار هو من يمتلك القوة السياسية أو العسكرية.
فالمدة الزمنية لتنفيذ أي قرار أممي متعلق بالكيان المؤقت مصيره إما "الجوارير" المغلقة أو الصحيف الساخن. وتتحكم أمريكا بدرجة حرارة هذا الصفيح.
فمجلس الأمن فقط له الصلاحية في تنفيذ القرار؛ ولا توجد أي قوة في العالم تستطيع أن تتحدى قوة وإرادة الشعب اللبناني في مواجهة الإحتلال.
وللتذكير فإن دبابات العدو وصلت إلى العاصمة بيروت في العام 1982 بحجة طرد المقاتلين الفلسطينيين وارتكبت مجازر صبرا وشاتيلا في 16أيلول 1982.
وحاول العدو الصهيوني فرض رئيس تحت الدبابات وليوقع لاحقًا معه إتفاق 17 أيار ليصبح لبنان مرتبطًا وتابعًا للإحتلال .
فبدأت المقاومة الشعبية من مقهى ويمبي وسط شارع الحمراء في العصمة بيروت بتاريخ 24 أيلول 1982؛ حيث تقدم البطل المقاوم خالد علوان بخطى ثابتة نحو عدد من الضباط الصهاينة يرتشفون القهوة وأطلق عليهم النار من مسدسه من مسافة صفر.
واستطاع الشعب اللبناني إسقاط المشاريع الصهيونية فخرجت تظاهرة سلمية من مسجد الإمام الرضا عليه السلام بتاريخ 17 أيار 1983 في ذكرى إتفاق الذل والعار ًبصرخات الله أكبر والقبضات الحسينية وارتقى الأخ محمد مجدي شهيدًا، وأسقطوا إتفاق 17 أيار لاحقًا.
وبدأت المقاومة الوطنية تلاحق قوات الإحتلال حتى أجبروهم على الفرار َمن لبنان وهم يجرّون أذيال الهزيمة والذل في 25 أيار من العام 2000 ودون قيد او شرط.
وتوسل العدو في العام 2006 لقبول وقف إطلاق النار وفق شروط المقاومة. وعاد الأهالي إلى القرى الحدودية فور إعلان وقف إطلاق النار.وبقي الوضع مستقرا وهادئا وآمنا حتى تعكير العدو الأجواء بتاريخ 3 آب/أغسطس، 2010 لمحاولته قطعة شجرة زيتون في العديسة بحجة أنها تعيق رؤية المراقبة لدى جنوده. فحصل إشتباك وتدخل َمجلس الأمن وتمت تسوية الأمر واستمر الهدوء حتى شهر أيلول 2023 حيث إستعمال العدو آلاف الصواريخ وقنابل JDAM الأمريكية زنة 2000 باوند على منازل المدنيين.
وبالرغم من جنون هذا القصف فقد طالب نتنياهو بوقف إطلاق النار بشكل عاجل؛ ولكن تم التنسيق مع بايدن وفي إيامه الأخيرة أن يكون التفاوض مع الدولة اللبنانية لأن تجارب تفاوض العدو مع الَمقاومة كانت تؤدي دائَما إلى خسائر معنوية لا يمكن تعويضها.
وذلك نتيجة لخبرة المقاومة في التعامل في وضع الشروط في الَمفاوضات نتيجة الحاجة ااملحة للعدو لإنقاذ جنوده من حالة الإنهيار النفسي وعدم قدرتهم على مواصلة القتال لتكون النتائج لصالح الشعب والمقاومة.
فطالب الرئيس ميقاتي بوقف إطلاق النار بنبرة ولهفة عالية جدًا، وربطه بإستعداد لبنان التام بتنفيذ القرار 1701 المجمد منذ العام 2006 بكافة مندرجاته. وتبعه وزير الخارجية وبعض الوزراء. فكانت بمثابة الفرصة الذهبية لتخليص نتنياهو ورطته.
وهنا تكمن خطيئة الرئيس ميقاتي الأولى بإعطاء جوائز ترضية وهدايا للعدو لا تقدر بثمن قبل البدء بالمفاوضات.
وفي عالم التفاوض من يقول ألف سيكمل حتى الياء.
وأرسلت أمريكا مفاوضها هوكستاين الذي خدم في صفوف جيش العدو ؛ وللأسف قَبِل لبنان بهذا الوسيط غير النزيه، ولم يسمع من الطرف اللبناني بأن قنابل الأعماق الأمريكية إستُعمِلَت ضد المباني المدنية والتجمعات السكنية. والإنذارات التي كانت تعطى بقصف المناطق والأحياء كانت صورية لإنها كانت قبل عدة دقائق أو تتزامن مع الغارات؛وهذه كلها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
والخطيئة الثانية التي إرتكبها الرئيس ميقاتي هي عدم الإستفادة من خبرة المقاومة المتراكمة في التفاوض مع العدو؛ وعدم ضم خبير أو أكثر في القانون الدولي حين توقيع إتفاقية وقف إطلاق النار؛ لأن الإتفاقية التي وقعت في ظل وجود قرار مجلس الأَمن رقم 1701 ويتضمن الخطوات التفصيلية للإنسحاب (أي لا إجتهاد بوجود النص).
ولا تملك أمريكا أو غيرها أية صلاحية في تعديل بنود القرار الأمني.
والخطيئة الثالثة هي تخلي الحكومة والدولة كليًا عن الدفاع عن الشعب اللبناني ووحدة وسلامة أراضي وطننا لبنان التي جاءت في قسم رئيس جمهورية وقائد الجيش ورئيس الحكومة قبل توليهم مهامهم.
وللأسف فقد وضع العدو الصهيوني رئيس الجمهورية وقائد الجيش بعد تنحي ميقاتي موضع إتهام حين قال بأنه ينفذ التفاهمات مع لبنان (وهي غير واردة في بنود الإتفاقية - مرفقة-).
والعدو الصهيوني نتيجة كيفية تصرف الجهات الرسَمية اللبنانية معه خلال فترة التفاوض، وإعطائه تفويضًا كاملًا في التصرف الميداني بدليل تخلي لبنان عن حقه في وقف الخروقات؛ بات لا يحترم الدولة اللبنانية ولا رئيسها فأصدر ديوان رئاسة وزراء العدو أمس: "عملية الانسحاب التدريجي من لبنان ستتواصل بالتنسيق الكامل مع الإدارة الأميركية".
وهذا التصريح بإستبعاد الدولة اللبنانية من توقيت إنسحاب العدو إعتداء على مقام رئاسة الجمهورية وعلى لبنان.
فالغد هو يوم إمتحان عسير لرئيس الجمهورية وللجيش اللبناني؛ فبقاء جيش العدو على ذرة واحدة من تراب الوطن هو تفريط بالقسم الذي أقسمه رئيس الجمهورية: "أحلف بالله العظيم أني أحترم دستور الأمة اللبنانية وقوانينها وأحفظ إستقلال الوطن اللبناني وسلامة أراضيه".
وإن غدًا لناظره قريب
25 كانون الثاني/يناير 2025.
عدنان علامه
http://nabdapp.com/t/149747484