في 31 يناير 2025، أعلنت هيئة الإذاعة النرويجية (NRK) أن السلطات النرويجية أمرت سفينة الشحن "سيلفر دانيا" بالرسو في مدينة ترومسو، وذلك بناءً على طلب قانوني من لاتفيا، السفينة التي تملكها شركة "سيلفر سي" ومقرها بيرغن، ومسجلة تحت العلم النرويجي، يُشتبه في تورطها في التدمير المتعمد لكابل الألياف البصرية تحت البحر الذي يربط بين لاتفيا والسويد.
بحر البلطيق: ساحة حرب هجينة
أصبح بحر البلطيق ساحة لصراعات الحرب الهجينة، حيث تكررت الحوادث التي تستهدف البنية التحتية تحت البحر، منذ الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا في عام 2022، تم الإبلاغ عن حالات متعددة من الأضرار غير المبررة للكابلات البحرية وخطوط أنابيب الطاقة وخطوط نقل الكهرباء، مما يشير إلى تحول نحو تكتيكات الصراع غير المتماثلة، وقد أظهرت تفجيرات خط أنابيب "نورد ستريم" مدى هشاشة البنية التحتية تحت البحر، مما دفع حلف الناتو والمخططين الدفاعيين الأوروبيين إلى تعزيز إجراءات الأمن تحت البحر.
تحركات السفينة المشبوهة
السفينة "سيلفر دانيا"، التي تم بناؤها عام 1989 ويبلغ طولها 113.4 مترا وعرضها 17.75 مترا، تعمل بين سانت بطرسبرغ ومورمانسك، وهي منطقة ذات أهمية استراتيجية للوجستيات البحرية والنقل العسكري الروسي. كشفت بيانات تتبع AIS من MarineTraffic أن السفينة توقفت بشكل غير مبرر غرب سينيا قبل التوجه إلى ترومسو، وهو نمط أثار شكوك السلطات التي تراقب البنية التحتية تحت البحر. تتوافق تحركات السفينة مع حالات سابقة تم فيها اكتشاف سفن غير معروفة بالقرب من كابلات الألياف البصرية قبل حدوث اضطرابات، مما يضيف إلى التكهنات بأن السفن التجارية قد يتم إعادة استخدامها لأغراض التخريب تحت غطاء عمليات الشحن العادية.
التحديات الأمنية لاستهداف الكابلات البحرية
يُشكل استهداف الكابلات البحرية تحديا أمنيا مباشرا، حيث يؤثر ليس فقط على الحكومات الوطنية ولكن أيضًا على التنسيق العسكري وأنظمة البنوك ووصول المدنيين إلى الإنترنت. وقد حذرت وكالات الاستخبارات الأوروبية وحلف الناتو بشكل متزايد من أن هذه الهجمات يمكن أن تكون بمثابة اختبارات لاستجابات الغرب للتخريب البحري. طبيعة بحر البلطيق، مع عمقه الضحل وتركيزه العالي من النشاط العسكري والتجاري، تجعله منطقة مثالية للعمليات السرية.
استجابة حلف الناتو
ردا على التهديد المتزايد، نشر حلف الناتو قوات بحرية إضافية في بحر البلطيق، بما في ذلك سفن حربية مجهزة بأجهزة سونار وقدرات مراقبة مصممة لمراقبة نشاط السفن بالقرب من الأصول البحرية الحرجة، كما وسع الحلف استخدام الطائرات بدون طيار تحت الماء وأجهزة استشعار قاع البحر للكشف عن العمليات غير المصرح بها في المناطق عالية الخطورة. يشير احتجاز "سيلفر دانيا" إلى تحول نحو إجراءات إنفاذ أكثر صرامة ضد السفن المشتبه في تورطها في أعمال التخريب، مما يعكس زيادة الوعي بدور السفن التجارية في الصراعات الهجينة الحديثة.
التحقيق والمستقبل
سيحدد التحقيق في سفينة "سيلفر دانيا" ما إذا كانت السفينة متورطة بشكل فعال في أعمال التخريب أو إذا كانت تعمل ببساطة في منطقة حساسة في الوقت الخطأ. بغض النظر عن النتيجة، تسلط القضية الضوء على الطبيعة المتطورة للتهديدات البحرية في بحر البلطيق، مع اعتبار البنية التحتية تحت البحر خطا أماميا في الصراعات الحديثة، أصبح تأمين هذه الأصول أولوية للاستراتيجيات الدفاعية الأوروبية، إمكانية قيام جهات تابعة للدول باستغلال الشحن التجاري لجمع المعلومات الاستخباراتية وأعمال التخريب تؤكد الحاجة إلى تعزيز المراقبة وفرض ضوابط بحرية أكثر صرامة في المناطق التي تكون فيها البنية التحتية الحرجة أكثر عرضة للخطر.



