عودة الكاوبوي
مقالات
عودة الكاوبوي " ترامب ".. بداية البلطجة الى محاولة السيطرة الكاملة
علي وطفي
3 شباط 2025 , 20:06 م


الرئيس الأمريكي المنتخب حديثا "دونالد ترامب قرر انتزاع "قناة بنما"و وضعها تحت السيطرة الأمريكية كونها حسب رأيه مهمة للتجارة الأمريكية و الأمن القومي, تمثل للولايات المتحدة أكثر من 72 %من حركة النقل البحري، و لسرعة نشر الفوة البحرية الأمريكية في العالم .

أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن "ترامب قرر الدخول في صراع من أجل السيطرة على طرق التجارية العالمية" بداية من "بنما انتهاء بقناة "السويس" او خلق بديل لها, الهدف هو في نهاية المعركة وقف استمرار تغول الصين التجاري.

وفق لصحيفة ديلي إكسبريس البريطانية تم تركيز الاهتمام في إسرائيل على مشروع قناة "بن غوريون" بطول حوالي 258 كم و هي مصممة كي تنافس قناة السويس المصرية أو بديل عنها سوف تربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط من إيلات (ٱم الرشراش) على خليج العقبة و عبر الحدود مع الأردن مروراً بصحراء النقب ، و الالتفاف على قطاع غزة ستكون القناة بعمق 10 أمتار مقارنة مع قناة السويس ، مما يسمح للسفن بعرض 110 أمتار و طول 300 متر بالمرور ، و توضح الصحيفة أن القناة سوف تعيق نمو قوة الصين الاقتصادية و مشروع "الحزام و الطريق و تحقق حوالي 9 مليارات دولار من إيرادات العبور السنوية و من خلال تنمية التجارة لكن الأمر لا يتعلق فقط بالصين .

في حزيران 1963م، أصدرت وزارة الطاقة الأمريكية و مختبر ليف-مور الوطني وثيقة سرية تحدد خطة لاستخدام 520 انفجاراً تحت الأرض لتسهيل أعمال التنفيذ عبر تلال صحراء النقب و تم رفع السرية عن الوثيقة في عام 1993م

عن وكالة أسوشيتد برس أن مثل هذا المسار من الأحداث يمكن أن يغير الوضع الجيوسياسي لإسرائيل في الشرق الأوسط داخل حدودها الجديدة المقترحة مع العلم انه تم وضع بداية هذه الخطة من قبل "ترامب" في ولايته الأولى حيث اقر القدس عاصمة الكيان الابدية و نقل السفارة الأمريكية إليها من تل أبيب.

نذكر في عام 2014 ، عندما أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن القدس لن تقسم أبدا لم يفهم الكثير تماما خلفية مثل هذه القرار على أنه بمثابة تأجيج الصراعات بين إسرائيل و العالم العربي ، لكن ما كان يجري هو خطة دقيقة متعددة الخطوات على خلفية تفاقم مشكلة التسوية الاسرائيلية الفلسطينية. آنذاك الانظمة العربية و كالعادة اعلنت إدانة مثل هذه التصريحات (بقوة) و بدأت التناقضات بين إسرائيل و الدول العربية ، و بين إيران ، و بدات الدول الخليجية تتجه الى التحالف الجديد .

اندلعت الحرب على غزة لكن سرعة تطور الأحداث الى المستوى الإقليمي أولا نحو لبنان ، ثم بدأت الأحداث في سوريا ، مما أدى إلى الإطاحة بنظام بشار الأسد. في الوقت نفسه ، كان هذا كله بهدف تقليم اظافر إيران" من قبل اسرائيل ، العالم العربي و تركيا حيث لكل اعتباراته المختلفة ، تبين أن الرغبة في مقاومة صعود إيران أقوى من التضامن العربي و حتى الإسلامي و حماية غزة و نتنياهو احتل منطقة مرتفعات الجولان القسم السوري من جبل الشيخ و تمدد إلى ما بعد المنطقة العازلة حيث ينتشر الاندوف بعد منذ عام 1974 باتجاه دمشق أي انها ألغت الحدود بين إسرائيل و سورية عمليا و نعلم خلال حرب الأيام الستة في الشرق الأوسط عام 1967م ، احتلت الضفة الغربية و القدس الشرقية من الأردن و قطاع غزة و شبه جزيرة سيناء من مصر ،وكذلك مرتفعات الجولان من سورية ،الآن كما نرى ،تبقى شبه جزيرة سيناء فقط خارج منطقة السيطرة الإسرائيلية المباشرة ولكن عملياً إسرائيل موجودة في مصر و كذلك في سوريا الان ، و هناك خطر كبير استجد من أن تصبح سورية دولة فاشلة على شاملة الصومال او السودان بسبب التحول الداخلي و موقف الدول المجاورة. هذه الأزمة بلا شك أصابت إيران ،الأردن العراق و مصر مع تركيا.

لاشك أن الهدف الجائزة الكبرى هو التحاق المملكة العربية السعودية بعد الإمارات العربية المتحدة و البحرين مع ما تبقى من دول الخليج بما يعرف بالإبراهيميات السياسية و هو في طريقه للانجاز غير مفاجأة "طوفان الاقصى" توقفت مرحلياً ، لكن مع ذلك تبقى مشكلة المشاكل اليمن المُستعصية على الحل كي تكمل الدائرة يتم المشروع ، ماتسعى إليه السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط ، ان تجعل إسرائيل نقطة رئيسية، بل الوحيدة على البحر الأبيض المتوسط لعبور البضائع من الهند و منطقة الشرق الأوسط بأكملها الى اوروبا و أفربقيا و مركز مالي ينهي وظيفة "دبي"كما انهت دور لبنان في ثماننيات القرن الماضي الى وظيفة "دبي".

إن إلغاء الطرق القديمة اذا لم تتم السيطرة عليها بشكل مطلق ، بما في ذلك قناة السويس حينها تصبح مصر بلا نفوذ و دور تموت تدريجياً عبر تصفير عائدات القاهرة من القناة ، إضافة الى تهديد سد النهضة الوجودي لشعب النيل في حال تقرر اسقاط مشروع قناة 'بن غوريون من الورق على ارض الواقعي يعني حصول تغييرات تاريخية و جيوسياسية غير مسبوقة في المنطقة ، من خلال هندسة جديدة للوضع على المستوى الإقليمي مشروع قناة "بن غوريون" يعزز تاثير اسرائيل الإقتصادي و الجيوسياسي إضافة لتسيّدها العسكري في المنطقة الى مستوى غير مسبوق في الشرق الأوسط و ستصبح المتحكمة بحركة تدفق و ايصال التجارة على ساحل المتوسط بالتنسيق مع واشنطن و لندن بعد ان تم إخراج مرفأ بيروت و حصار الموانئ السورية الى اجل غير معلوم،.

لاشك ان محاولات تغيير قواعد اللعبة للسياسة العالمية من خلال السيطرة على طرق التجارة الرئيسية العالمية عبر التحكم بالممرات التجارية مع اننا نتعامل فقط مع مشاريع على الورق ، يبقى السؤال: متى ستصبح هذه المشاريع المعلنة جزءا من استراتيجية واقعية متماسكة تترجم على الارض ,أم أنها مجرد نوايا تبقى في إطار من التجاذبات الدبلوماسية للوصول الى تفاهم و تقاسم بين القوى العظمى المتنافسة ،أم الإصرار على التنفيذ بهدف القضاء على احلام و خطط الصين الإقتصادية و التجارية و هو ما تسعى اليه واشنطن بكل ما تملك من قوة .. ؟

هذا يعني ان كل ما يحدث في الاقليم من صياغة الشرق الأوسط وفقا لخطة "الحصول على 14 دولة في مشروع خط الهند - حيفا بالتوازي مع الاستعداد لإنشاء قناة " بن غوريون " التي على مايبدو تم نفض الغبار عنها كما ليس من قبيل الصدفة أن يعلن الرئيس أردوغان عن نيته البدء بتنفيذ قناة 'اسطنبول" الجديدة بديل عن مضيق البوسفور و الدردنيل ،التي تدخل على بداية الحمى الدولية الجيوسياسية ، استعداداّ لخوض معارك الممرات البحرية و البرية، مخطئ من يعتقد ان المعركة هي على الاراضي او البلدان و ليس على تغيير و تنصيب انظمة ديمقراطية حرة ، إنما على طرق الإمداد، للسيطرة على طرق نقل الطاقة و التجارة في البر و البحر التي بدورها ستحدد اهداف و مناطق الصراعات العسكرية الحتمية في المستقبل وفقا للخبراء ،تبدأ من ممر "بن غوريون" و لا احد يعلم الى اين تنتهي مآلاتها مع انهيار جميع أسس النظام الأمني السابق في الإقليم و الحلقة الاضعف فيه، المنطقة العربية التائهة بالتبعية و الصراعات القبلية الطائفية.

علي وطفي

المصدر: موقع إضاءات الإخباري