بالعودة إلى تصريح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان سنة 2023 م أن:
" في السنوات الخمس المقبلة ستصبح المملكة دولة مختلفة تماما" و "الكويت ، البحرين ، قطر ، الإمارات العربية المتحدة ، لبنان ، عمان ، الأردن ، مصر و العراق ستتعزز اقتصاداتها وسنحول الشرق الأوسط إلى أوروبا".
و بدأ الخبراء يتحدثون عن عودة المنطقة إلى العصر الجيوسياسي العربي مع تشكيل كيان جديد موحد هل اخذ بالاعتبار أنه بحلول ذلك الوقت ان "تركيا" بدأت مسارها العثماني الجديد ، الذي ينص على إحياء النفوذ التركي داخل حدود الإمبراطورية العثمانية السابقة التي شملت تقريبا جميع الدول العربية الحالية
العثمانية الجديدة بمحرك أيديولوجي وقوده " الحركة الإخوانية" وسيلة وخضوع الكثير من المسلمين العرب في (مرحلة الربيع العربي) و انبهارهم و خشوعهم امام كل حركة و موقف لإردوغان و لو في الفراغ ،حتى نصبوه (إمامهم ).
إنما الغاية هي على المستوى الإقليمي للإجهاز على ما تبقى من إيديولوجية القومية العربية الذي حاول الرئيس المصري جمال عبد الناصر تطبيقها كحاجة جميع العرب إلى الاتحاد من أجل التخلص من التبعية الاستعمارية الغربية بداية هذا المشروع كانت نهاية الخمسينات من القرن الماضي ، عمل "عبد الناصر" كي يضم العالم العربي بأكمله ، و إنشاء دولة تسمى (الجمهورية العربية المتحدة ) بدا خطوته الاولى بالوحدة مع سوريا و وصف عبد الناصر "سوريا" بأنها " قلب العالم العربي و أن ما تم هو نواة صلبة لإتحاد بقية الاقطار.".
و تم وضع ٱسس لانضمام كل من العراق و الأردن الى هذه النواة ، لكن استنفار المملكة العربية السعودية و خوضها المعركة الرئيسية ضد عبدالناصر و مشروعه بالاعتماد على العامل الإسلامي التقليدي و بدعم من الولايات المتحدة و بريطانيا ما ادى عام 1961م لانهيار الوحدة السورية المصرية ، و تقسيم اليمن إلى قسمين الجنوب (على الساحل) كان من حصة جمال عبد الناصر و الشمال كان للسعودية و بدأ مستقبل العرب الوحدوي الإنحدار الى الاسوأ أجيال قادمة.
في عدوان 1967 يوم هزمت إسرائيل مصر و سوريا مع الحركة"الناصرية" التي رفضت حزب البعث السياسي (حزب النهضة الاشتراكي العربي) كأيديولوجية و لم تصمد أمام هذا الاختبار التاريخي ، اما العراق و سورية ، حيث حكم البعث ، لم نسمع سوى الكلام و الاناشيد لتوحيد العالم العربي بأسره أتناء ذلك نضجت أفكار الخلافة الاسلامية كايديولوجيا موازية و منافسة الناصرية و البعثية ، و تجسد في ظهور مشروع /القاعدة - الإخوان المسلمين/ فعلياً في المواجهة بين الاتحاد السوفياتي و الغرب في افغانستان إلى أن انهار الاتحاد السوفيتي ، بدأ كل شيء يعتمد على التغيرات الداخلية في الشرق الأوسط ، و المنطقة العربية.
اما اليوم ، وفقا لرؤية محمد بن سلمان ، فإن "الحرب من أجل قيادة العالم اجتاحت الشرق الأوسط" و هو ينوي " المشاركة فيها و لن يموت فيها." في الوقت نفسه ، يوافق على أن الوضع الراهن الذي تتطور في المنطقة منذ 1920م. يمكن تغييره و إظهار نيته في قيادة هذه العملية كزعيم إقليمي عربي، و بالمناسبة تم تأكيده " زعيم" من خلال نتائج استطلاع مؤسسة غالوب (الخدمة الاجتماعية الأمريكية. - إد.) التي أجريت بين سكان 13 دولة ذات أغلبية مسلمة منذ عام 2022 ، كما ان الرياض تشهد حركة سياسية لافتة مؤخرا فقادة العالم بشكل متكرر نراهم في الرياض ، مما يدل على دورها المتزايد في المجتمع الدولي ، و كأنها تعمل على تشكيل "شرقها الأوسط. و المنطقة العربية حسب رؤية ولي عهدها ".
و إشارة الرئيس المنتخب حديثا للولايات المتحدة ، دونالد ترامب صرح إنه يمكن أن يقوم بأول زيارة خارجية له إلى المملكة العربية السعودية و مع مستجدات الحرب الاوكراينية ستكون الرياض على ما يبدو ما يشبه "يالطا" الحرب العالمية الثانيه اي مكان انعقاد اجتماع قمة بين * بوتين و ترامب * و تجدر الإشارة إلى أن ترامب في ولايته الأولى ، أيد فكرة الاتحاد العربي في سياق ما يسمى "اتفاقيات إبراهيم" بشأن فلسطين و في تشكيل "الناتو العربي" بالتحالف مع اسرائيل ضد إيران بقيادة المملكة العربية السعودية ، و الذي يضم كل من الإمارات العربية المتحدة (الإمارات العربية المتحدة) مصر ، الأردن و الكويت. اي خلق "مركز قوة" عربي في المنطقة ، بالتالي تنحية الصراع العربي الإسرائيلي جانبا و تسويته باي طريقة و التفرغ ل"إيران" و ايضا الوقوف بوجه التحالف التركي- القطري على الرقعة االسورية الغاية الاهمية على شكل المنطقة القادم ، لكن خطط ترامب فشلت لأسباب تكتيكية مختلفة أحدها هو عدم رغبة السعودية و الإمارات في الدخول في تحالف مفتوح مع إسرائيل في ظروف لم تقدم فيها إسرائيل تنازلات جادة للفلسطينيين ، مما قد يقوض مواقف السعوديين في العالم الإسلامي و العربي ، الآن ، بعد تنصيب ترامب مرة ثانية أقد يستأنف العمل على "اتفاقيات إبراهيم" ،
و قد تدخل المملكة العربية السعودية في رأيه ، في اتفاقيات استراتيجية مع إسرائيل " بحلول نهاية عام 2025."و بروز تحالف عربي جديد في الأجندة الإقليمية للانتقال من الحراك السياسي إلى المواقف العملية و يأمل ترامب ، الذي يدعم طموحات الرياض الجيو سياسية و ينتزعها من "احضان" بكين بسبب سياسة الرئيس "جو بايدن" و إردوغان اتجاه الرياض
و ولي العهد بعد حادثة قتل الخاشقجي.
كما ان التصعيد المحتمل للصراع في غزة و الأحداث في سوريا يفرمل تنفيذ خطط "بن سلمان" على وقع الأحداث الجارية في المنطقة و حالة اليمن بجوار الرياض ، إلى سورية الآن نقطة الانطلاق الرئيسية ،حيث لاشك سيشتد الصراع على النفوذ بين التحالف القطري التركي وبين السعودية ، مصر و ربما الامارات بعد الإطاحة ببشار الأسد.، حيث اختارت سلطة هيئة تحرير الشام قطر كوجهة أولى لأعضاء حكومتها الجديدة إلى الخارج لم يقم الوفد السوري بزيارة المملكة العربية السعودية و الإمارات العربية المتحدة إلا بعد سلسلة من الاجتماعات في الدوحة ، مؤكدا بذلك على أولويات سياسته الخارجية. و مع ذلك ، زار وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان دمشق ، حيث التقى بزعيم الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع و وزير خارجية الحكومة المؤقتة أسعد الشيباني. كانت هذه أول زيارة لسوريا ،حيث كان الشيباني قد زار الرياض مرتين من قبل.
في 30 كانون الثاني كان أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني أول زعيم عربي يزور العاصمة السورية رسميا. لم يتم الكشف عن تفاصيل هذه المحادثات ،لكنها جرت في سياق تعزيز العلاقات بين سوريا و الدول العربية المجاورة. و مع ذلك ، أشاد وزير الخارجية المؤقت الشيباني خلال زيارته إلى "دافوس" بالنموذج السعودي و إن " سوريا يجب أن تصبح جزءا من مشروع عربي شامل يهدف إلى تحقيق الأمن و الاستقرار في المنطقة."
وكان هذا التصريح خطوة بعيدة عن تركيا ،التي صعد نفوذها السياسي في سوريا منذ خروج الأسد. و هذا ما اشار له الرئيس ترامب بأن " مفتاح الأحداث في سوريا هو في يد الرئيس أردوغان. فهو "سيقدم مساعدة لدمشق في إعادة بناء البنية التحتية ، و صياغة دستور جديد و توفير الكهرباء استئناف الرحلات الجوية و إنشاء جيش جديد. و من المستحيل تخيل أن تركيا تنوي القيام بكل ذلك باسم إعادة سوريا إلى حضن الدول العربية ثم العامل المهم و ردة الفعل من إسرائيل على هيمنة تركيا السياسية و غيرها في سوريا ، قد تدعم مع الولايات المتحدة ، المنحى السياسي للمملكة العربية السعودية وهو ما يحدد ملامح الصراع المستقبلي بين المحورين الرئيسيين.
إن رهان سوريا بعد نظام الاسد على تطوير حوار مع الدول العربية فهي تملك الوسائل للاستثمار في إعادة بناء البنية التحتية التي دمرتها الحرب.و لعب "ورقة الوحدة العربية" في الحوار مع المملكة العربية السعودية.
لكن جوهر المشكلة او المؤامرة اذا أردتم ، هو أن ترامب يتحدث عن سياسته الجديدة في المنطقة بشكل ملهم و في تلميحات و لا نعلم في اي ملعب سيلعب حقا فهو لا ينوي سحب القوات الأمريكية من سوريا ، الأمر الذي يناسب إسرائيل و ربما المملكة العربية السعودية ، و لكنه يغذي المشاعر الانفصالية بين الأكراد ليس فقط في سوريا ، و لكن أيضا في تركيا و حتى في إيران و يرجع هذا النهج الحذر إلى حقيقة أن الولايات المتحدة و إسرائيل و عدد من الدول العربية تشعر بالقلق الفكر الأيديولوجي للنظام السياسي الجديد في سوريا ، إنهم لا يستبعدون استعادة هيمنة أفكار الإخوان المسلمين هناك و يتصرفون بطريقة الجرعات.
الرايخ بكل الاحوال إسرائيل فهي تنشئ منطقة عازلة في مرتفعات الجولان و سهله بحجة ان سوريا يمكن أن تغرق في الفوضى و تقوض نظام الأمن الإقليمي الهش ، و هناك خيارات محتملة لتحالفات الولايات المتحدة بالإضافة إلى إسرائيل ، القادرة على لعب دور رئيسي في إدارة شؤون المنطقة أو كما يقترح أحد ضباط المخابرات الإسرائيلية الموساد ، قيام اتفاقية بين الولايات المتحدة و إسرائيل و روسيا مع المملكة العربية السعودية بالإضافة إلى تركيا. من ناحية أخرى ، يشير هذا إلى عدم استقرار الوضع حول سوريا ، مما يكشف "التناقض الجيو سياسي الحالي و رؤية ترامب للآفاق الاستراتيجية أو السياسية تحسبا ًمن التطورات في الشرق الأوسط. اما الرياض قد تسعى جاهدة لضمان أن سوريا لن تقع تحت سيطرة محور واحد و خاصة التركي ، و هذا الموقف ينسجم مع الموقف الإسرائيلي و الأمريكي لذلك ، ينظر إلى "خريطة" ترامب السورية على أنها واحدة من أهم الأدوات لتشكيل الأحداث المستقبلية في الشرق الأوسط.
مع بيان ترامب حول إمكانية نقل سكان غزة إلى مصر و الأردن ، و فقا للخبراء الأمريكيين ، " يحدد معالم مشروع كبير ينوي تنفيذه في الشرق الأوسط و خلق ما يسمى "عربستان جديدة" بدون دولة فلسطينية مقابل مشروع إسرائيل الكبرى.
هذا هو الأفق الجيوسياسي للتحولات التاريخية المتوقعة في المنطقة. في مثل هذه الحالة ، لكن من السابق لأوانه استخلاص استنتاجات نهائية.
السلطات السورية الجديدة الآن إلى الإرادة السياسية لإشراك أكبر عدد ممكن من الجهات الفاعلة الداخلية والخارجية في عملية إنشاء بلد جديد. حتى الآن و لكن حل الجيش السوري مصدر قلق خطير ، مضى شهرين على سلطة الواقع في حكم دمشق ويبدو ان مازال الوضع الامني تحت السيطرة لحد الان.. فتجربة العراق بعد الاحتلال الأمريكي و حل الجيش خلق مشاكل أمنية ، و أدى إلى انتشار الفوضى و الإرهاب ، التي سيطر على مناطق شاسعة من العراق.
دعونا نرى و نراقب ما إذا كان من الممكن تجنب مثل هذا المصير لسورية إذا وجدت نفسها تحت مظلة عربية مشتركة.
*علي وطفي*



