لا بد أن يكون السيد نصرالله قد لفظ نفس عبارة الإمام علي حين قصفت طائرات المحور الأميركي البريطاني الألماني الاسرائيلي مقر الأمانة العامة لحزب الله...
لا بد أن يكون تلفظ بالشهادتين ثم شكر ربه لانه فاز بشهادة اهداء النفس من أجل قضايا الأمة...
حتى في طريق الشهادة، اتبع السيد نصرالله نفس درب جده الإمام علي...
سوف يمضي وقت طويل قبل أن تستطيع حركة التحرير العربية هضم تجربة فذة مثّلها سيد جمع بين الجلالة، وبين الهم الشعبي اليومي...
سيد جاء من ثنايا الأقليات ليحمل هم الأمة بجميع مكوناتها...
هل نجح الإعلامي غسان بن جدّو في اختصار هذه التجربة بجملة بسيطة حين قال ما معناه:
إن السيد نصرالله جمع النقيضين حين جعل من جذوره الشيعية أهم نقاط مصادر قوته وأهم نقاط مصادر ضعفه في الوقت عينه...
هل استطاع السيد نصرالله اختصار الجدلية التاريخية في نضاله عبر ترابط الأضداد هذا...
الحقيقة أن السيد نصرالله لم يربط نقاط الاضداد هذه فحسب؛ بل تكمن عبقرية السيد في انه استطاع تحويل أهم نقاط ضعفه إلى أهم نقاط القوة عنده حين خرج من ثنايا الأقليات ليحمل هم الأمة كلها، بكل مكوناتها...
لم يكن السيد نصرالله حفيد الإمام علي البيولوجي فقط؛ بل أن فكره وممارساته تجعل منه بحق، وريث الإمام السياسي أيضا...
حتى في الشهادة، يمكن القول إن السيد نصرالله واجه نفس مصير الإمام علي حين استشهد على يد إبن ملجم القرن الواحد والعشرين...
صحيح ان الذي اغتال السيد نصرالله كان الاسرائيلي ومن خلفه الأميركي والغربي...
لكن الذي سهّل هذا الاغتيال هو العربي الخائن الذي باع شرفه من أجل حفنة من المال، في حين تُسرق الاموال العربية الهائلة من قبل حكام أذلاء باعوا ارواحهم للشيطان الأميركي...
إنه مصير العظماء على مدى التاريخ...
في كل قوم؛ في كل عقيدة،
يخرج يهوذا او ابن ملجم ليبيع شرفه وشرف الأمة بسبعة من الفضة...
أمس، ودعت الأمة جسد السيد نصرالله...
أبت طائرات محور الشر الأميركي إلا أن تظهر جبروت فرعون لتُوَاجَه بقبضات الجماهير وشعارات
الموت لأمريكا...
الموت لإسرائيل...
لكن الزمن لا يتوقف...
ما زرعه السيد نصرالله من بذور سوف ينبت بكل تأكيد...
أمس دخلنا المرحلة الإنتقالية...
إنها مرحلة "الأخ الاكبر"...
مرحلة إعادة البناء...
ما حدث لن يمر بسهولة...
ليس فقط على الأعداء؛ بل على أهل البيت أيضا...
استشهاد السيد نصرالله سوف يحرك كل المياه الراكدة في العالمين العربي والإسلامي...
سوف يوقظ في طهران جذور الثورة الخمينية بالتأكيد...
سوف يسأل ثوار إيران القيادات الإيرانية عن سبب هذا التهاون مع الإمبريالية الأميركية...
سوف يسألون لماذا لم ترد إيران فورا انتقاما لشرفها الضائع بعد اغتيال هنية...
سوف يسألون لماذا سمحت إيران بهذا الرد الهزلي على اغتيال قاسم سليماني...
سوف يسألون لماذا حمل سفير إيران في لبنان pager مفخخ من صناعة غربية...
سوف يسألون لماذا لا تزال إيران تتقيد بعقيدة نووية فات عليها الزمن...
سوف يسألون لماذا أُقفل التحقيق سريعا في قصة "استشهاد" الرئيس رئيسي والوزير عبد اللهيان...
سوف يسألون لماذا لم تُرِ إيران أميركا العين الحمراء في أكثر من مناسبة...
سوف يتساءلون باختصار إذا ما كانت الثورة الإيرانية تحولت إلى جهاز بيروقراطي يحاول التعايش مع أميركا بهذه الأثمان الباهظة...
درس لبنان سوف يجعل إيران تعرف ان ما هو مطروح أمامها ليس سوى أفخاخ وقع فيها الأعراب قبل أن يتحولوا إلى قطيع من غنم يقوده كلب لصالح الراعي الغربي...
الأرض الطيبة لا يمكن أن تعطي الا نباتا طيبا...
سوف يخرج طفل او شاب من بين كل هذه الجموع ليكمل المسيرة كما كتبها الثوار الأوائل، وليس كما يظهر من بعض تصريحات القيادات...
حزب الله ليس مجرد حزب شيعي يبحث عن دور داخل النظام...
حزب الله هو ثورة دائمة، هو ثورة عابرة للحدود...
حزب الله هو الروح التي تحدث عنها عماد مغنية...
حزب الله هو شعار راغب حرب بأن المصافحة إعتراف...
باختصار،
حزب الله اكبر من أن يتم تعليبه في منظومة لبنانية أفقها محدود...
لقد تحول السيد نصرالله إلى أيقونة للشعوب المضطهدة...
اذا لم يجار الحزب تجربة هذه الأيقونة ويحاكيها، سوف ينتهي كما انتهت منظمة التحرير الفلسطينية وكما انتهى محمود عباس، مجرد كلب حراسة للكيان ضد احرار شعبه...
بذرة الحسين أنتجت نصرالله...
وبذرة نصرالله لا بد ان تعطي تحريرا كاملا...
لكن في المرة القادمة لن يتردد القائد عن كبس زر الحرب الشاملة حتى زوال الكيان...