على مدار التاريخ الحديث كان الشرق الأوسط و منطقة القوقاز موقع و مسرح منافسة بين مختلف القوى العالمية و الإقليمية ، لذلك غالبا ما يعتبر كرقعة الشطرنج " أو البلياردو الجيوسياسة ، و التي تتلخص موهبة كل لاعب سياسي في القدرة على التخطيط للمستقبل بخطوات مدروسة لضمان مصالحه و بعناية قذف الكرة إلى المكان المقصود ، مثل هذه المقارنة تشير إلى نفسها بشكل لا إرادي عند تحليل التفاعل التكتيكي لبلاشفة موسكو مع الكماليين في القوقاز لهدف استراتيجي دولي أبعد في 1919-1920م.
استخدمت موسكو (تاريخيا على أساس توازن المصالح الوطنية) نظاما متعدد الوسائل للعلاقات مع العالم الخارجي ، وهو الاسلوب الذي افتقدته الإمبراطورية العثمانية قبل تشكيل جمهوريات القوقاز السوفيتية الفتية—أذربيجان و أرمينيا و جورجيا.
في أوائل عام 1920 تلاقت مصالح البلاشفة في موسكو و الكماليين في تركيا الحالية ، معا قاتلوا التدخل الأوروبي على الرغم من أن روسيا القيصرية كانت مشاركة في الحرب العالمية الأولى ، و كانت الإمبراطورية العثمانية في الجانب المقابل لها اي مع المحور بقيادة ألمانيا ، اختلط كل شيء : أصبح الأعداء السابقون حلفاء و لكن أراد السوفييت "الدولة الكمالية" وسيلة لنشر الأفكار البلشفية (ثورة البروليتاريا العالمية) في الشرق الأوسط و كان توجه الكماليين نحو روسيا السوفيتية براغماتيا طلبا للدعم العسكري و المالي و أثبتت تجربة التعاون المشترك في القوقاز في 1919-1920 لموسكو أنه كان ممكن التفاوض و التسوية مع " مصطفى كمال " و على عكس موسكو ، لم تظهر أنقرة (و لم تستطع) ترجمة او السعي الى طموحات سيطرة او توسع في ذلك الوقت كانت المهمة هي الحفاظ على ما تبقى من أراضي الإمبراطورية العثمانية الزائلة بينما موسكو تجدد التموضع الإمبراطوري في القوقاز ، في أرمينيا و وضعت حد لمعاهدة "سيفر" في عام 1920 ، مع عدم نسيان مشروع كردستان (الأكبر) ، و تأجيل تنفيذه إلى وقت لاحق.
"بعد ستة أشهر من توقيع معاهدة موسكو ، في 26 أيلول من نفس العام ، و1921 عقد مؤتمر في "كارس"، تم فيه إبرام معاهدة صداقة في 13 تشرين الاول بين الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية الأرمنية و الأذربيجانية و الجورجية ، من ناحية، و تركيا من ناحية أخرى ،" كتب المؤرخ الروسي زاخاروف - كان نص الوثيقة الجديدة مجرد نسخة معدلة قليلا من معاهدة موسكو ، كما أن توقيع معاهدة "كارس" منطقي تماما لأن معاهدة "موسكو" لم يكن لها علاقة رسمية ببلدان القوقاز حتى الآن."
معاهدة "كاراس" كان ينظر إليها في أنقرة على أنه انتصار مهم للدبلوماسية التركية" يضيف المؤرخ الأذربيجاني جميل حسنلي - قال مصطفى كمال باشا ، في افتتاح الاجتماع الثالث للقوات المسلحة الوطنية في عام 1922: "في 13 تشرين وقعنا اتفاقية في "كارس" مع أذربيجان و جورجيا و أرمينيا ، بناء على معاهدة موسكو, عززت هذه المعاهدة بشكل قانوني موقفنا الحالي في الشرق و أصبحت حقيقة ، ثم متحدثا في الجمعية الوطنية الكبرى قال كمال: "ما كان يسمى المسألة الأرمنية و التي بما يتجاوز المصالح الحقيقية للشعب الأرمني كان من المفترض أن تخدم المصالح الاقتصادية الرأسمالية العالمية وجدت الحل و المكان الصحيحين لها الآن في معاهدة كاراس."
الأحكام الرئيسية لهذه المعاهدة واضحة جيدا و بدت تصرفات حكومة البلاشفة في موسكو منطقية لأنه كما قال "كارل راديك" عند استقبال الوفد الكمالي في موسكو في صيف عام 1920 ، كانت "جميع الحدود في الشرق مؤقتة" ، مما يعني إعادة رسم جديدة لخريطة المنطقة في المستقبل و إضافة لذلك فقد وضعت هذه المعاهدة لغما لمستقبل العلاقات بين البلاشفة في موسكو و الكماليين في انقرة و التي يمكن أن تنفجر في ظل ظروف جيوسياسية متحركة او طارئة معينة.
يشير تقرير "ستراتفور و روبرت كابلان و ريفا بهالا" العاملين في وكالة الاستخبارات الامريكية حينها : "بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية تم التخلي عن مجتمع متعدد الثقافات بالكامل تنازلت الكمالية عن طيب خاطر عن الأجزاء غير الأناضولية من الإمبراطورية العثمانية ، و التعويض عن ذلك من خلال المطالبة بدولة تركية أحادية العرق في الأناضول لم ترفض الكمالية الأقليات العرقية فحسب بل رفضت الكتابة العربية باللغة التركية خاطر "أتاتورك" بمستوى أعلى من الأمية من خلال ترجمة اللغة التركية من العربية إلى الأبجدية اللاتينية ، مما جعل من المستحيل الحفاظ على النفوذ في بلدان المشرق الأخرى و متجاوزا الأكراد ، الذين أطلق الاتراك ما يُعرف باسم "أتراك الجبال"." و حول أتاتورك الأتراك إلى شبه أوروبيين ،كما منع اللباس التراثي و الطربوش ، دون التفكير كثيرا فيما إذا كان الأوروبيون أنفسهم سوف يقبلونهم على هذا النحو كل هذا تم من أجل توجيه تركيا من الإمبراطورية العثمانية التي اصبحت غير الموجودة في الشرق الأوسط إلى أوروبا" لم يتناسب مسار الأحداث هذا مع مشاريع البلاشفة في موسكو علاوة على ذلك من خلال بناء تحالف مع "كمال"بدأوا يخشون أن تسحب أنقرة جمهورية أذربيجان معها في هذا الاتجاه و بعد بضعة أشهر من توقيع تلك المعاهدة ، نشر جوزيف ستالين مقالا في صحيفة " حياة القوميات " تحت عنوان" الجمهوريات السوفيتية المعاهدة"و "كردستان '، "حيث أن إقامة جمهورية كردستان تجري مناقشتها في أعلى مستويات الحكومة دعونا نلاحظ نقطتين أساسيتين: أولا يصنف ستالين هذه الجمهوريات السوفيتية (أذربيجان أرمينيا و جورجيا) بين ما يسمى"دول المعاهدة"هذا يعني أن السياسيين" بطريقة ما و لأسباب داخلية و خارجية اتفقوا فيما بينهم على تشكيل اتحاد دول، "إذا توقف او ختلفوا السياسيين ، لسبب ما، عن إيجاد "لغة مشتركة" ، فقد تختفي الدول التي أنشأووها و قد تظهر دول لا تتناسب تماما مع العقيدة البلشفية للثورة العالمية لذلك ، في 16يوليو 1923، بموجب مرسوم صادر عن هيئة رئاسة اللجنة التنفيذية المركزية لجمهورية أذربيجان الاشتراكية السوفيتية تم تشكيل منطقة كردستان تحت قيادة "كيروف" ، كان الأمر يتعلق فقط بمشروع جيوسياسي جديد كان هذا أي "إقليم كردستان' يقع بين "ناغورني كاراباخ و أرمينيا" و يضم مقاطعات "كيلباجار و لاتشين وكوباتلي السابقة " كان إنشاء كردستان الحمراء أهمية جيوسياسية مهمة للغاية .
يلاحظ المؤرخ الأرمني "ديفيد بابايان" "أولا ، من خلال إنشاء وحدة إدارية إقليمية كردية ، مارس الكرملين تأثيرا فعالا للغاية على أذربيجان و المنطقة ككل."، أدت كردستان الحمراء إلى مزيد من التشرذم الإداري لأذربيجان ، ثانيا كان لكردستان الحمراء حدود مع إيران ، و ثالثا كان لتشكيل دولة كردية في منطقة القوقاز إسقاطا واضحا للشرق الأوسط مع كل العواقب المترتبة على ذلك في الوقت نفسه ، أي تم إنشاء مزيج أيديولوجي متفجر: مشروع الأممية البلشفية الكردية ، و تركية الاتاتوركية ، والقومية الكردية الكلاسيكية الناشئة في الشرق الأوسط.
اما التصرف و الاتجاه الكردي عشية مفاوضات لوزان عام 1923 اراد إضفاء طابع رسمي على انهيار الإمبراطورية العثمانية و تحديد الحدود الغربية لتركيا الكمالية في منطقة القوقاز ، هناك ما يسمى كردستان الحمراء التي أنشأها البلاشفة (الشيوعيون )و بذلت محاولات لتنظيم اتحاد كونفدرالي للجغرافية الكردية في ولاية الموصل التابعة للإمبراطورية العثمانية السابقة (كردستان العراق الحالية) التي احتلها البريطانيون.في 1922-1924 ومنطقة كردستان موجودة على أراضي تركيا لذلك ، كان من الصعب حل القضية الكردية في صياغة معاهدة "سيفر" في مؤتمر لوزان ،كل شيء يدور حول وضع الموصل كولاية تحت سيطرة بريطانيا، خسر الكماليون القتال من أجل الموصل ، لكنهم تمكنوا من عرقلة مشروع إنشاء دولة كردستان ، و هو ما كان يمكن للبريطانيين في العراق ، من حيث المبدأ ، أن يفعلوه لو لا كردستان الحمراء ، حيث كان بإمكان البلاشفة مواجه العالم ب"الثورة الكردية."
في عام 1923، ندد كمال بمعاهدة "سيفر" و رفض منح الاستقلال للأكراد في عام 1924 أصدرت تركيا قانونا يحظر استخدام اللغة الكردية و اللباس الوطني الكردي و اسم "الأكراد" (أعلن العلماء الأتراك أن الأكراد "أتراك الجبال").
تم تنفيذ عمليات ترحيل جماعية للأكراد إلى غرب و وسط الأناضول.
في عام 1925 اندلعت انتفاضة كردية في تركيا ، بقيادة الشيخ سعيد ، و التي قمعها الكماليون بقسوة ، و في عام 1929 ، تم إلغاء كردستان الحمراء.
تم تنفيذ "اللعبة" ، على الرغم من أن هذا لا يعني أن موسكو و أنقرة بدأتا في إدراك الفضاء الجيوسياسي للشرق الأوسط الكبير بنفس الطريقة و ليس لديهما فهم مشترك لمستقبل المنطقة من هنا تستمر حقول الغام مصالح الكبار تتحكم في مناطق النفوذ و الصراع على المصالح الإستراتيجية القومية كل حسب ما زرع من عوائق يضطر برفعها أو تمكينها أكثر عند الحاجة و "الكيان الاسرائيلي" نسخة "كردستان الحمراء" ضرورة في قلب المنطقة العربية لكنه رأسمالي الطابع و مستمر لعدم انتهاء وظيفته.
العبرة: في كل ذلك اننا في رقعة الشطرنج نحن الجنود كنا و مازلنا و ستبقى على مايبدو.