كتب حليم خاتون:
الحجة موجودة دائما عند الخونة...فلسفة الخيانة أساسا قائمة على إيجاد الذرائع؛ وهذا ليس بالشيء الصعب.
الخيانةقد تكون لأمانة
قد تكون لزوج أو زوجة
قد تكون لصديق، قد تكون... لوطن.
وعندما تواجه الخائن، يبدأ بسرد ما يكفي من المبررات لِأن تُمسِك "بزلعومه" حتى يختنق، لأنه، ورغم كل الذرائع، يبقى فعل الخيانة بالغ الشناعة...
الخونة هم حثالة البشر
والخيانة نفسها هي من أسوأ الصفات، لأنها تجمع كل الصفات السيئة في فعل واحد.
الخيانة هي الكذب؛ هي الطعن في الظهر؛ هي الطمع؛ هي الأنانية؛ هي بيع النفس؛ هي بيع العرض؛ هي دائما نتيجة لفعل سيء...
عندما تعامل سعد حداد مع الصهاينة، ادّعى أنه يحمي المسيحيين من الفلسطينيين؛ وكأن جورج حبش ووديع حداد ونايف حواتمة والمطران كبوتشي، هم من الهندوس.
وعندما تعامل حيدر دايخ وعقل هاشم مع المحتل الصهيوني، ادّعوا أن الفلسطينيين يضّطهدون أهل جبل عامل، والأغلبية المطلقة من أهل هذا الجبل، أعداء بالفطرة للصهاينة.
عندما تعامل فؤاد السنيورة مع أميركا، ومن يقول أميركا، يقول إسرائيل مباشرة وفورا؛ وفؤاد السنيورة الذي يدّعي لنفسه لقب القومية العربية، هو أكثر العارفين بذلك؛ عندما يتعامل السنيورة هذا، مع اميركا، يدّعي أن المقاومة الإسلامية في لبنان صفوية!!.
والأكيد، أن لاالسنيورة ولا غيره من الذين يتشدقون بهذا التوصيف يعرفون شيئا عن هذه المقاومة، أو عن الصفوية أو عن إيران.
كل ما في الأمر، أن السنيورة لا يريد القول علنا:إنّ فلسطين لا تعنيه؛ إنّ فلسطين تقض مضجعه ومضاجع أمثاله من اللاهثين وراء الإمبريالية، يلملمون ما ترميه لهم من فتات ما تنهب؛ يحلمون بأنهم، بعمالتهم للرجل الأبيض، سوف يصبحون يوماً رجالاً بيضاً، من سادة العالم.
في إحدى النقاشات الحادة،مع أحدهم،عن التعامل الجاهل السيء الذي اشتهرت به القوات السورية، أثناء وجودها في لبنان لرعاية اتفاق الطائف، وكلنا نعرف أن ظلم وجاهلية الوجود السوري أصاب بالأساس القوميين والعروبيين والوطنيين الحقيقيين في لبنان، وان الذين استفادوا من هذا الوضع هم بالأساس عملاء اسرائيل وأميركا والسعودية، وأولهم فؤادالسنيورة.
من الذي منع التوقيف والمحاكمة عنه، يوم كاد يُعتقل أيام حكومة الرئيس الحص، لكثرة ما كان عليه من ملفات تبين اليوم أنها تفوق ال١١ مليار دولار.
عندما احتدم النقاش، قلت لمحدثي التابع لبني سعود في لبنان:
لو أن السوريين قتلوا ليس فقط ابي، بل كل أهلي، لكرهتهم طيلة عمري وسعيت للإنتقام منهم بأكثر الوسائل إيلاما؛ لكن ابدا، ولا بأية صورة من الصور، أقبل أن يجري هذا الانتقام على أيدي أميركا وإسرائيل والغرب، الذين تفوق عداوتي لهم أي شيء آخر.
هل يُعقل أن يذهب بعض "المُغّفلين"، وهذا أقل الصفات ضررا، هل يُعقل أن يذهبوا إلى محكمة دولية تحوي كل عناصر العداء للعروبة وفلسطين؟
هذا أيضاً يدخل في فعل الخيانة.
بل هذا قمة الخيانة الوطنية والقومية وحتى الدينية.
أما آخر ما يُتحفنا به هذا الجيل القديم الجديد من هؤلاء العديمي الشرف،
قولهم إنهم لا يريدون أن يكونوا ملكيين أكثر من الملك.
يقولون لك:
عرفات صافح رابين وبيريز.
محمود عباس يصافح الإسرائيليين كل يوم.
لماذا يحق لهم، ولا يحق لنا؟
لا أحد يريد التبرير لعرفات الذي أساء الاستشارات.
وهو، على كل حال، دفع ثمن هذه الخطيئة بالإستشهاد.
ومحمود عباس يدفع الثمن كل يوم، ومع كل دعسة صرماية، حتى وإن كان عديم الإحساس؛ فهم قزّموه إلى درجة الإنتفاء.
هو أصبح لا شيء، وإن أصّر على أنه "مناضل سلمي"!!!
أما ابن زايد وابن سلمان، فحدِّث، ولا حرج عن الغلمان.
وكما يقول أحد المفكرين الألمان في كتابه"الرجل الصغير",,
إن أسوأ أنواع الأسياد، هو السيد العبد، هو عبد لسيد يهينه،
وسيد على عبيد، ينتقم منهم على ما يلحق به من إهانات.
ما هي حجة التطبيع، والتطبيع خيانة.
يقولون إنهم لايريدون أن يكونوا ملكيين أكثر من الملك.
لو قالها موسى، لبقي العبرانيون عبيدا.
لو قالها الناصري، لبقيت الكلمة لكهنة الربا، ولماعرف الناس درب السماء.
ولو قاله امحمد، لبقينا على جاهليتنا الأولى، وإن كان قائلوها أكثر جاهلية من أسلافهم.
لكن، في النهاية، هل يُعفي كل هذا الكلام فصائل فلسطين من أبسط الواجب.
نحن أحرار العرب،
نحن أحرار العالم،
نريد، أجل نريد أن نكون ملكيين أكثر من الملك.
نريد أن نكون، ونحن فعلا، لا قولا، فلسطينيون أكثر من كثيرٍ من الفلسطينيين,
أين سمير القنطار؟
أين يحي سكاف؟
أين عماد مغنية؟
أين قاسم سليماني؟
أين أوكوموتو؟
إنهم احرار من كل الأديان، من كل الطوائف، من مختلف البلدان....
كلهم كانوا ملكيين أكثر من الملك...
كلهم كانوا فلسطينيين أكثر من كثير من الفلسطينيين...
لكن هذا لا يُعفي حماس،
لا يُعفي الجهاد،
لا يُعفي أياً من الفصائل.
السلاح موجود.
وانتم تعرفون من يقدمه.
الأمة لم ولا ولن تبخل عليكم بالمال، إن أنتم لم تضيعوا البوصلة كما فعل بعضكم في لبنان، وسوريا.
بيدكم الكثير حتى ولو فعلتم القليل.
أنتم القضية.
أنتم صاعق المنطقة.
كل يوم سلم للغاصب، هوتكريس للاغتصاب.
كل طلقة لا تُطلق، هي راحة الاحتلال.
نومكم أو هدوؤكم أو سكوتكم، هو فترة راحة للصهاينة قبل أن يعاودوا ذبحكم.
يقول المناضل الفتحاوي عباس زكي:
أن إحدى أهم تعليمات عبد الناصر للمقاومين الفلسطينيين كانت:
"لا تركنوا...
قاوموا ولو بإشعال حريق.
إقرأوا تاريخ الفيتناميين.
أنتم لم تُولدوا لتعيشوا كما بقية البشر.
لا يحق لكم ذلك لأنكم خلقتم كي تكونوا أنبياء هذه الأمة غير المرسلين.
وكما الانبياء، عليكم المعاناة من الصَلب والحرق والموت آلاف المرات...
لأنكم أنتم، أنبياء هذه الأمة".
أنتم أنبياء مقاومة هذا العصر، لماذا أنتم ساكتون؟
قليل من الجنون، وتحترق المنطقة بأمها وأبيها.
أنتم ابدأوا والتاريخ لن يرحم من يتخلف عن اللحاق، حتى ولو أقسم أغلظ الأيمان أنه مؤمن.
لأن الإيمان في عصرنا هذا له عنوان، عنوان واحد فقط، لا غير:
فلسطين.