هل بدأت الحياة من شرارات البرق الصغيرة في قطرات الماء؟ دراسة جديدة تكشف الحقيقة
منوعات
هل بدأت الحياة من شرارات البرق الصغيرة في قطرات الماء؟ دراسة جديدة تكشف الحقيقة
16 آذار 2025 , 07:44 ص

فرضية ميلر-يوري

لطالما سعى العلماء لفهم كيفية نشأة الحياة على الأرض، وظهرت العديد من النظريات التي تفسر ذلك، من بين أكثر الفرضيات إثارة للجدل، كانت تجربة أجراها العالمان ستانلي ميلر وهارولد يوري عام 1953، حيث قاما بمحاكاة الظروف البدائية للأرض باستخدام الماء والغازات وتفريغ شرارات كهربائية تحاكي البرق، في نهاية التجربة لوحظ تكوّن الأحماض الأمينية، وهي اللبنات الأساسية للحياة.

بناءً على ذلك، اقترحت فرضية ميلر-يوري أن الحياة قد بدأت عندما تفاعلت المواد الكيميائية البسيطة في المحيط مع مصادر الطاقة مثل البرق، مما أدى إلى تكوين الجزيئات العضوية الأولى التي شكلت أساس الحياة على كوكبنا.

الميكروليتنينغ: البرق الصغير الذي قد يكون سر الحياة

قد تبدو فكرة نشوء الحياة من البرق أمراً مذهلاً، لكن دراسة حديثة تقدم أدلة تدعم صحة فرضية ميلر-يوري، يرى الباحثون أن معظم الدراسات السابقة افترضت أن البرق كان عبارة عن ضربات كهربائية كبيرة، لكن ربما لم يكن هذا هو الحال، بدلاً من ذلك قد يكون الميكروليتنينغ - الشرارات الكهربائية الصغيرة التي تحدث في رذاذ الماء أو عند اصطدام الأمواج - هو المسؤول عن تكوين الجزيئات الأولى للحياة.

التفاعلات الكيميائية في القطرات المائية

يشرح البروفيسور ريتشارد زاري من جامعة ستانفورد، وهو أحد مؤلفي الدراسة، أن البيئة البدائية للأرض كانت مليئة برذاذ الماء الذي يتراكم في الشقوق أو يتصادم مع الصخور، مما يخلق الظروف المثالية لحدوث تفاعلات كيميائية تؤدي إلى نشأة الجزيئات العضوية الأولى.

كيف يتشكل الميكروليتنينغ؟

قام فريق الباحثين بتجربة فريدة لدراسة الطريقة التي تكتسب بها قطرات الماء شحنات كهربائية عندما تتحول إلى رذاذ أو ترش على سطح ما، لاحظ العلماء أن القطرات الأصغر تحمل شحنات سالبة، بينما تحمل القطرات الأكبر شحنات موجبة، وعندما اقتربت هذه القطرات المتعاكسة في الشحنة من بعضها، لوحظت شرارات كهربائية دقيقة - ما يُعرف بالميكروليتنينغ - وهي تشبه البرق التقليدي ولكن على نطاق أصغر بكثير.

طاقة البرق الصغير وتأثيره على تكوين الحياة

نظراً لأن الشرارات الكهربائية الناتجة عن الميكروليتنينغ صغيرة للغاية ولا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، استعان الفريق بكاميرات عالية السرعة لالتقاط هذه الظاهرة، على الرغم من صغر حجمها، كانت هذه الشرارات تحمل طاقة كافية لإحداث تفاعلات كيميائية مهمة.

بعد ذلك، قام العلماء برش الماء في خليط من الغازات مثل ثاني أكسيد الكربون والنيتروجين والأمونيا والميثان - وهي غازات يُعتقد أنها كانت موجودة في الغلاف الجوي للأرض البدائية، وكما كان متوقعًا، تسببت الشرارات الصغيرة في حدوث تفاعلات كيميائية أدت إلى تكوين جزيئات عضوية مثل الجلايسين (حمض أميني أساسي) واليوراسيل (مكون رئيسي في الحمض النووي RNA).

 هل اقتربنا من حل اللغز؟

وفقًا للبروفيسور زاري، أثبتت التجربة أن التفريغات الكهربائية الدقيقة بين القطرات المائية المشحونة قادرة على إنتاج جميع الجزيئات العضوية التي تم رصدها سابقا في تجربة ميلر-يوري، بناءً على ذلك يقترح الباحثون أن الميكروليتنينغ قد يكون آلية جديدة للتخليق الكيميائي الحيوي قبل نشوء الحياة.

ما الذي تعنيه هذه الاكتشافات؟

تفتح هذه الدراسة آفاقا جديدة لفهم كيفية نشأة الحياة على الأرض، كما قد تساعد في البحث عن إمكانية وجود حياة على كواكب أخرى. إذا كانت هذه العملية الكيميائية قد حدثت على الأرض، فمن المحتمل أن تكون قد حدثت أيضًا في أماكن أخرى في الكون حيث توجد ظروف مشابهة.

في النهاية، ربما يكون سر الحياة مخفيا في أبسط الأشياء: شرارات كهربائية دقيقة داخل قطرات الماء.