المبادرة الوطنية الأردنية
جورج حدادين
تتفق كافة قوى المقاومة والمساندين على ضرورة إجراء مراجعة نقدية لمرحلة ما قبل إسقاط سوريا الدولة، والضربة القاسية التي تلقاها حزب الله، وحرب الفاشية التوراتية على غزة والضفة، ما بعد طوفان الأقصى، بهدف التهجير وضم الأراضي الى دولة الكيان الفاشي، وفرض " السلام الاقتصادي " بالقوة على بقية دول العربية، وفي المقدمة مجلس التعاون، خاصة وأن أطراف منه انتقلت من مرحلة التنسيق الى مرحلة التحالف المعلن مع الكيان.
ما يجب مراجعته هي مفاهيم المقاومة، التي استندت الى العناصر التالية:
• الصبر الاستراتيجي، الذي لم يكن بمقدوره حماية أطراف محور المقاومة.
• توازن الردع، وإعتماد طائفة محددة حامل اجتماعي للمقاومة.
• دول الممانعة والاسناد، التي إنهارت بأسرع مما كان متصوراً.
عناصر ثبت عدم صلاحياتها للقيام بمهمة التحرير، لا بل أضرت أكثر مما أفادت مشروع المقاومة ذاته.
المراجعة النقدية المطلوبة، لا تتفق مع ما يتم طرحه اليوم، على ألسنة البعض من قيادات المقاومة:
إعادة البناء، الذي يفهم منه إعادة بناء القوة التي كان يملكها الحزب قبل الضربة، أي إعادة بناء البنية السابقة للضربة.
استمرار مفهوم مراعاة التوازن الطائفي في لبنان ، ونغمة الطائفة الشيعية، وحصر المقاومة بهذه الطائفة.
الصبر الاستراتيجي، للقيادة الإيرانية، بالرغم من تلمسها الخطر الداهم على الدولة والمجتمع، وتجربتها الملموسة في المنطقة، الصبر الذي قد يعني انتظار الضربة ومن ثم الرد، وحينها يذهب بالجمل بما حمل.
الثورات الوطنية عبر التاريخ، لم تتبنى مفهوم توازن الردع، ولم تتبنى مفهوم الصبر الاستراتيجي،
انتصرت فيتنام ، وكذلك كوبا والجزائر وكثير من دول ومجتمعات التبعية والمستعمرة وشبه المستعمرة، لأنها أعتمدت اسلوب حرب التحرير الشعبية، أي بناء القوة المتدرجة التراكمية عبر الصراع اليومي مع العدو،
اليمن العظيم لم يتبنى استراتيجية الصبر الاستراتيجي، عندما شنت عليه الحرب العربية الأمريكية الأوروبية والكيان الصهيوني، هزم هذا الحلف وخرج أقوى بكثير عما كان عليه ،
يحارب اليوم بقواه الذاتية أعتى دولة مجرمة في التاريخ، ولم يلتفت الى الإنقسام الداخلي، فكان هذا مصدر قوة شعبية عظيمة للنظام، تنزل الشوارع كل نهاية اسبوع بالملايين ، ربط التحرر الوطني بالتحرر الاجتماعي، أرتكز على شعبه ولم يطلب حماية خارجية.
المقاومة الفلسطينية، القيادة العسكرية في غزة، أنجزت ملحمة الاقصى، وصمدت رغم حرب الإبادة ، صمدت على أرض المعركة، وصمدت في المفاوضات، ولم تتنازل عن مطالبها الرئيسة، إزدادات قوة ومناعة، ولم تخضع،
وتلك الدول التي أنتصرت انتصاراً نهائياً، غير مرتد، كوبا وفيتنام وكوريا الشعبية، ربطت بين التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي، ربطت بين مهمة تحرير الوطن ومهمة تحرير المجتمع من القهر والظلم والاستغلال، فكان أن بنت حاملاً اجتماعياً متماسكاً لهذا المشروع، من الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة، صاحبة المصلحة الحقيقية في التحرير والتحرر، شكلت سياجاً منيعاً في وجهة الاعداء، لم يخترق ولم يخون.
هذه الأفكار مطروحة للنقاش على الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة، وممثليها من النقابات العمالية والمهنية والمنظمات الشعبية والاتحادات ومنظمات المجتمع الوطنية، على الصعيد العربي.
" كلكم للوطن والوطن لكم "


