عندما كنا نتحدث عن الأسطورة الجهادية للمقاومة ومجاهديها، في الحافة الأمامية من قرى جبل عامل، ومنعِ المُقاومةِ العدوَّ الصِّهيونِيَّ، ومعه الكثيرُ من دُوَلِ الغربِ المستعمر، من اِحتلال أيِّ شِبرٍ منها، أثناء المواجهةِ الّتي جرت، لأجل مساندةِ الشعبِ الفلسطينيّ، ولأجل أن تبقى القدسُ مشروعاً حيوياً حيّاً في ضمير الأمّة.
هذا ما عايشناه ولا نزالُ نعيشُهُ، ولكن من وسط الجنوب.
أمّا حينما تَتَّجِهُ إلى قُرى الحافَّةِ الأماميةِ، للمشاركةِ في تشييعِ العشراتِ من مُجاهِدي أيِّ قريةٍ، وبعضها زاد عدَدُ شُهدائها على المئةِ شهيد، تشعرُ وأنت تسيرُ على هذه الأرض بالعزّة والعنفوان، وبقدسيةهذه الأرضِ التي اِرْتَوَتْ بدماءٍ طاهرَةِ وعزيزةٍ غالية، لِأبطالٍ أذهلوا العالمَ، لِما أظهروه من شجاعةٍوحِرَفِيّةٍ،أثناءَ قتالِهم واستبسالِهم لِمَنْعِ العَدُوِّ من تحقيقِ أهدافِهِ العدوانيةِ الِاحتِلالية.
ولا يسَعُكَ، إلّا أن تُبدِيَ إعجابكَ وتقولَ: من أي صنفٍ منَ البشر هُم هؤلاءالأبطال؟إنّهم،حقاًوفعلاً، الأشرف والأعزُّ، والأكرمُ من بينِ الناس،كماوصفهُم السيّدُالشهيدُ الغالِي والعزيز الذي أبى إلّا أن يبقى في غرفةِالعملياتِ، لِيَسْمُوَ معهُم شهيدًا.
وهكذا، ولأجلِ ذلكَ، فعل الشهيد الكبيرُ العزيزُ السيّد هاشم صفي الدّين الذي لم يُغَيِّرْهُ المَنْصِبُ الجديدُ، كأمينٍ عام، بل بقيَ في ساحةِ الجهادِ،لِيَنالَ الشهادةَالّتي وصفَها بقولِه: " ما أروعَ شهادةَ السِّتِّين".
وكذلك فعلَ كِبارُ الشُّهداءِ القادة الجنرالات، ولو كانتْ خَلْفَهُم أمّةٌ ودُوَلٌ شُجاعَة، لكان بِإمكانِهم حمايةُ الشرقِ الأوسطِ كُلِّهِ، ومَنْعُ الأعداءِ من أيِّ تغييرٍ فيه... لكن، وللأسفِ الشّديد، كان خلفَهم التآمرُ والخِزْيُ والعار، والجُبنُ وعدمُ التقدير.
إنَّ هؤلاءِ الأبطالَ الكبارَ كانوا لا ينظرون إلى الخلف، بل كانت أعيُنُهم بِعَيْنِ الله، و سَيُنْصِفُهُم الأعزاءُ من هذهِ الأمّة والتاريخ، في الحاضرِ والمستقبل، لأنَّ ما أَنجَزوه في أكثرِ من أربعينَ عاماً قلَّ نظيرُهُ في التاريخ، وبفضل دمائهم الطاهرةِ والزكية سيبقى الجنوبُ، جبلُ عامل والبِقاعُ شامخًين، ومعهما كُلُّ لُبنانَ، سيبقونَ أحرارًا أعِزاءَ عصيِّينَ على كل المُتأمركين والمُتَصَهينينَ، وعلى كُلِّ مُحْتَلٍّ ًوغازٍٍ ، أيّاً كان.


