كتب الأستاذ حسن علي طه:
مقالات
كتب الأستاذ حسن علي طه: "ما بين 4 حزيران لندن و11 سبتمبر نيويورك، و7 اكتوبر غزة وجه شبه".
حسن علي طه
29 نيسان 2025 , 20:34 م


حزيران 1982 اسرائيل تجتاح لبنان وتصل إلى بيروت، إثرَ ادِّعائها أنّ محاولةً جرت، في لندن، لِاغتيال سفيرها هُناك.

11 سبتمبر 2001، امريكا تحتل أفغانستان، ولاحقا العراق، بعد عمليةٍ طالَتْ بُرْجَيْ التجارة العالميين في نيويورك.

اِتُّهِمَ بالعمليَّةِ تنظيمُ القاعدةِ، بزعامةِ أُسامة بْنِ لادِنِ القابِعِ في جِبالِ تورا بورا، في أفغانستان.

صُدِمَ العالمُ، وصَّدقَ الرِّوايةَ الأمريكيَّةَ: إنَّ مجموعة أشخاصٍ سيطرتْ على الطائراتِ،بِمِقَصّاتِ الأظافِرِ وسكاكينَ صغيرةٍ،وغَيَّرَتْ وِجْهَتَها، وكانَ ما كان .

والحقيقةُ كانت أنَّ الذي سيطرَ على الطائراتِ هو الرُّبّانُ الآلِيّ، وبعملٍ استخباريٍّ دقيق، حَوَّلَ الطائراتِ الى صواريخَ مُوَجَّهَةٍ، أصابَ اِثنانِ مِنْها بُرْجَيْ التِّجارةِ، وواحدٌ أصابَ مَقَرَّ البِّنتاغون.

ومُنْذُ رُبْعِ قَرْنٍ إلى اليوم، لم يُعْرَفْ مَصيرُ الطائرةِ الرابعة .

خلاصة القول: إنّ CIA، وبمعرفة الموساد،نفذوا11سبتمر لأهداف لم تَعُدْ خافِيَةً حتى على البسطاء.

وقبل نهايةِ العام 2023، استفاق العالمُ، صبيحةَ 7 اكتوبر على عمليةٍ عُرِفَتْ لاحِقاً باسم طوفان الأقصى .

وقبلَ أنْ يفتحَ العالمُ عَيْنَيْهِ، وبِسُرعةٍ لا تسمحُ للعقلِ بأنْ يَعِيَ ما يَحْصُل، بدأتْ مقاطِعُ مُصَوَّرَةٌ تَصِلُ إلى كل حاملِ جَوّالٍ تُظْهِرُ مَشاهِدَ (استطاع العدو محوَها من ذاكرتِنا، وأحَلَّ مكانَها مشاهِدَ جرائمِهِ، على الهواءِ مُباشرةً مِنْ غزّة).

ولِلَحْظَةٍ، نظرَ العالَمُ بعينِ عاطِفَتِهِ إلى تِلْكَ المشاهد، نتيجةَ الظُّلْمِ الصِّهيونيِّ المدعوم عالَمياً، لِفلسطينَ وأهلِها، والذي امتدَّ لِعُقودٍ منَ الزّمَنِ، وظُنَّ أنَّ تحريرَ فلسطين، أصْبَحَ قابَ قوْسَيْنِ أوْ أدنى.

قِلَّةٌ هُم الّذين اسْتَشْعَرُوا الخوفَ والخطرَ مِمّا يجري ويُشَاهَد .

لم يُصَدِّقِ العُقَلاءُ، على قِلَّتِهِم أنَّ الْعَدُوَّ بِهذُِهِ الحماقةِ و البلاهة، وأنَّ وراءَ الأكمةِ ما وراءَها.

بعد يَوْمَيْنِ،خرجَ نَتِنْ ياهو، لِيُعْلِنَ عن خريطةِ شرقِ أوسَطٍ جديد.

مُدَّعُو الْفَهْمِ و"الوطنجيون" سَخِروا، وقالوا: "إنَّها حربُ نتِنْ ياهو الشَّخصيّةِ، هرباً من دخولِ السِّجْن". فكان كلامُهُم كالْبِلَّةِ الزيادةِ في الطين، وهنا دخل عالَمُنا نَفَقاً، لَرُبّما أنّنا ما زلنا في رُبْعِهِ الأوَّل .

وأَكَلَ المِحْوَرُ الطُّعْمَ…

أمامَ كُلِّ ذلكَ،رَاوَدَتِ العاقِلَ مِنّا، بعدَ إعلانِ حماسَ عَمَلِيَّتَها الأُسْطُورِيَّةَ:طوفانَ الأقصى اسئلةٌ بريئة :

١-هلْ كانتْ حماسُ ضحِيَّةَ عَمَلٍ استِخْبارِيٍّ إسرائيلِيٍّ تَرْجَمَهُ لها القَطَرِيُّ،وأقْنَعَها بِهِ التُّركيُّ لِتكونَ رائدةَ العملِ المُقاوِمِ وأيْقُونَتَه؟.

٢- ألَمْ تُدْرِكْ حماسُ أنَّ عمليةً، بِهذا الْحَجْمِ، لَيْسَتْ مِنْ سَنْخِيَّةِ عملِ المقاومةِ القائمِ، أساساً، على تحقيقِ النِّقاطِ على العدوِّ وتعزيزِها؛ وأنَّ هذهِ العمليةَ أشبهُ بما قام به الكاميكاز اليابانيون، في بيرهاربر، حيثُ دمَّروا الأسطولَ الأمِيرِكِيَّ حِينَها، فكان الرَّدُّفي هيروشيما ونَكازاكي بقنبلةٍ نَوويةٍ اسْتَسْلَمَتْ إثرَها اليابانُ، بِحُكومَتِها وشَعْبِها، لِدُوَلِ الحلفاءِوانتهتِ الحربُ العالمية؟

٣- هل ذَهابُ حماسَ إلى عمَلِيَّةٍ بمُستوى الحربِ، دون تشاوُرٍ أوْ تنسيقٍ، أو حتّى، أضعفُ الإيمانِ، إعطاءِ عِلْمٍ لحلفائها في المحور، مِنْ أخْلاقِيّاتِ المقاومةِ؟

إذ جُلُّ مافَعَلَتْهُ حماسُ، صبيحة 7 أُكتوبَر، أي بعد بَدْءِ العمَلِيّةِ، أنْ خَرَجَ أحَدُ قادَتِها بِخِطابٍ لهؤلاءِ الْحُلفاءِ فَحْواهُ كلمتان:

"نحنُ رايْحِينْ اِلْحَقُونا".

٤- لا بلْ اكثر؛ ماذا يعني أنْ تُتْرَكَ فصائلُ المقاومةِ الفلسطينيةِ نياماً، في مَنازِلِهم، لِيَكونوا لاحِقاً اهدافاً، دُونَ أيِّ تَدْبِيرٍ يَقِيهِم، ويَمْنَعُهُم مِنّ التَّجَهُّزِ،والِاسْتِعْدادِ وفي مقدمةِ هذهِ الفصائلِ حركةُ الْجِهادِالإسلامي الفلسطينيّةُالَّتي خاضَتْ، قَبْلَ الطُّوفانِ بِأشْهُرٍ، حرباً مَعَ الْعَدُوّ، وكان لافتاً فِيها وقوفُ حماسَ على الْحِياد؟.

وبعد؛ هل كانَ مطلوباً من المقاومةِ في لبنانَ الدُّخولُ في الحربِ مُباشرةً ، واقْتِحامُها الجليلَ، مُسْتَلْهِمَةً، مِنْ مَشاهِدِ عمليةِ الطُّوفان، فتكونَ بيروتُ وضَواحِيها كَغزّةَ، أوْ هيروشيما ثانية، أمْ تأخُذَ مَوْقِفَ الْمُحايِدِ، كماوقفتْ حماسُ مُخلِّيَةً حركةَ الجهادِ الإسلامِيّ، فَتَسْقُطَ المقاومةُ أخْلاقِياً، أمامَ عَدُوِّها، قبلَ أن تسقُط أمامَ ناسِها، لِعَدَمِ دعمِها لِشَعْبِ فلسطين، كموقفٍ لِتَفَرُّدِ الضَّيْفِ والسِّنْوارِ بالقرار.؟

خُلاصةُ القول: إنَّ عمليةَ7 أُكتوبَر، بطوفانِها، فتحتْ أجَنْدَةَ نتنياهو، لِيَتَحَوَّلَ، مِنْ مُلاحَقٍ مِنْ قِبَلِ "العدالة"، إلى مَلِكِ مُلُوكِ بَنِي صِهيونَ، وأعادتِ القَضِيَّةَ الفلسطينيةَ إلى ما قبلِ بِدايَتِها .

يَبْقى: أنَّ دَماً مَظْلُوماً طاهراً سَالَ على أرضِ فِلَسْطٍينَ،لبنانَ واليمن بعينِ اللهِ، الّذي لَهُ الأمْرُ والتدبير، فعسى أنْ يفتحَ لنا باباً لا تَدْخُلُهُ الأوهام.

والسلام .

المصدر: موقع إضاءات الإخباري