تحقيق خاص للدكتورة الاعلامية بدور الديلمي اليمن
في تطور لافت في مسار الأزمة اليمنية، كشفت مصادر سياسية مطلعة عن توصل حكومة صنعاء وواشنطن إلى تفاهمات غير معلنة تمّت في العاصمة العُمانية مسقط، بحضور وسطاء عُمانيين، ضمن مساعٍ إقليمية ودولية لاحتواء التصعيد وتأمين المصالح الحيوية في البحر الأحمر، وفتح نافذة لحل سياسي شامل.
مضامين الاتفاق: ما الذي جرى في مسقط؟
الاتفاق الذي وُصف بأنه "تفاهم ميداني-سياسي"، جاء ثمرة لمحادثات امتدت لأسابيع، وشمل النقاط التالية:
1. تثبيت هدنة عسكرية شاملة، تتضمن وقف الهجمات في البحر الأحمر، وضمان حرية الملاحة البحرية، مقابل التزام واشنطن بعدم دعم عمليات عسكرية مباشرة ضد حكومة صنعاء.
2. فتح مطار صنعاء الدولي بشكل أوسع، بما يشمل رحلات تجارية منتظمة إلى وجهات خارجية، بعد شهور من القيود المشددة.
3. تخفيف القيود على ميناء الحديدة، والسماح بدخول السفن التجارية والنفطية دون تأخير، مقابل آلية رقابة جمركية متفق عليها.
4. بحث آلية دفع رواتب الموظفين في مناطق حكومة صنعاء، من عائدات النفط والغاز، بإشراف أممي غير مباشر.
5. التزام أمريكي بدعم تسوية سياسية شاملة، تضمن لحكومة صنعاء الاعتراف بها طرفًا رئيسيًا في أي مفاوضات قادمة.
أبعاد التحرك الأمريكي: مصالح لا تنفصل عن البحر الأحمر
التحرك الأمريكي لم يأتِ من فراغ. فبعد تصاعد هجمات قوات حكومة صنعاء على السفن المرتبطة بإسرائيل أو القوات الغربية في البحر الأحمر، بات واضحًا أن واشنطن تسعى لتطويق التهديدات التي تعرقل خطوط التجارة العالمية. لكن ما جرى في مسقط كشف عن استعداد أمريكي للتفاوض مع صنعاء كقوة أمر واقع، بعيدًا عن لغة التصعيد.
دور سلطنة عُمان: دبلوماسية الصبر الطويل
مرة أخرى، أثبتت سلطنة عُمان قدرتها على إدارة ملفات معقدة بحكمة وهدوء. فقد لعبت مسقط دور الوسيط المحوري، مستندة إلى علاقاتها المتوازنة مع جميع الأطراف، وإلى مصداقيتها التاريخية في ملفات الوساطة الإقليمية.
ردود الفعل: ترقّب وتوجّس
الرياض وأبوظبي التزمتا الصمت الرسمي، بينما تشير تسريبات إلى تنسيق غير مباشر مع واشنطن حول تفاصيل الاتفاق.
الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا اعتبرت التحرك تجاوزًا لشرعيتها، وعبّرت عن قلق من انفراد واشنطن بالتفاهم مع حكومة صنعاء.
حكومة صنعاء اعتبرت التفاهم خطوة "جزئية لكنها ضرورية"، مشددة على أن أي تسوية حقيقية تبدأ بـ "رفع الحصار ووقف العدوان".
ماذا بعد؟
رغم ضبابية بعض البنود، إلا أن ما جرى في مسقط قد يُعد أول اعتراف غير مباشر من واشنطن بضرورة التعامل مع الواقع الجديد في اليمن، وتفادي مغبة التورط في مستنقع البحر الأحمر. لكن نجاح الاتفاق مرهون بمدى التزام الأطراف، وحجم الضغوط الإقليمية القادمة.
إنها لحظة اختبار حقيقية، ليس فقط لمصداقية واشنطن، بل أيضًا لقدرة حكومة صنعاء على تحويل هذه التفاهمات إلى مكاسب سياسية مشروعة، بعيدًا عن خطاب الشعارات، وقريبًا من تطلعات شعب أنهكته الحرب.
-- تحقيق خاص لدكتورة الاعلامية اليمنية بدور الديلمي

