إليك الجواب الطبي والفلسفي عن قياس الألم
منوعات
إليك الجواب الطبي والفلسفي عن قياس الألم
11 أيار 2025 , 12:06 م

"ما مدى ألمك؟" سؤال نسمعه كثيرا في العيادات، وغالبا ما يُطلب منا الإجابة باستخدام مقياس من 0 إلى 10، أو من خلال رموز تعبيرية تتراوح بين وجوه سعيدة وحزينة، هذا الأسلوب، رغم بساطته، لا يزال الأداة الرئيسية لتقييم الألم في المجال الطبي، ويُبرر هذا المنهج بأن لا أحد يمكنه فهم ألم المريض أفضل من المريض نفسه.
- مفارقة التقييم الذاتي
لكن هذه التقييمات ليست خالية من العيوب، فالألم تجربة ذاتية، بعض الأشخاص يبالغون في شعورهم الخفيف بالألم، فيمنحونه تقييمًا عاليًا، بينما يستهين آخرون بآلام شديدة ويعطونها درجات منخفضة. فإذا قال مريض إن ألمه 5 من 10، من يمكنه الجزم بما تعنيه هذه "الخمسة" فعليا؟
- ثورة مرتقبة: قياس موضوعي للألم
تُبشر مختبرات حول العالم بتقنيات جديدة واعدة لقياس الألم بشكل موضوعي، دون الاعتماد على تقييمات الأشخاص. وتعتمد هذه الأجهزة على تتبع المؤشرات الحيوية المرتبطة بتجربة الألم مثل:
نشاط ألياف عصبية معينة
توسّع حدقة العين
تغيرات تدفق الدم
ثم تُقارن هذه الإشارات ببيانات ضخمة لأشخاص يعانون من الألم، لتقدير نوع الألم وشدته استنادًا إلى "بروفايل" الشخص البيولوجي.
- آمال معلقة ... وتناقض جوهري
هذه التقنيات تعد بتحقيق نتائج عظيمة، منها:
تشخيص أدق
اختبار أفضل لمسكنات الألم
تخفيض التكاليف الصحية
لكن المفارقة الكبرى أن هذه الأجهزة يتم تقييمها بناءً على التقييمات الذاتية نفسها! أي أن الباحثين لا يستطيعون التأكد من دقة هذه الأجهزة إلا بمقارنتها مع تقييمات المرضى للألم التي لطالما اعتُبرت غير دقيقة.
وهنا تنشأ معضلة فلسفية: كيف يمكن لجهاز أن يكون "موضوعيا" وهو يتعلم من بيانات غير موضوعية بالأساس؟
- التقنية لا تحل المعضلة الفلسفية
المشكلة الحقيقية ليست في التطور التكنولوجي، بل في طبيعة الألم نفسه، فالألم بحسب الفهم الفلسفي، هو تجربة ذاتية بحتة، لا يمكن لأي شخص سوى المريض الإحساس بها لا يوجد جهاز قادر على تجاوز هذا الحدّ الإدراكي، مهما بلغ من التطور.
- من نصدق: الجهاز أم الإنسان؟
لو افترضنا أن جهازا ما أظهر نتيجة تختلف عن تقييم المريض، فمن نصدق؟ الجهاز الذي يعتمد على إشارات بيولوجية؟ أم الشخص الذي يشعر بالألم؟ ومن سيرجّح الطبيب كفته عند اتخاذ قرار العلاج؟
الكاتب يرى أنه من الأفضل ألا نصل إلى هذا المفترق. فتجربة الألم تبقى ملكا للمريض، وتقييمه هو المرجع الأكثر أهمية.
- الخلاصة: التكنولوجيا لا تملك كل الإجابات
رغم التقدم الهائل في الطب والأجهزة، تبقى بعض الجوانب من الإنسان غير قابلة للقياس الموضوعي. الألم أحد هذه الجوانب، إذ يجمع بين الجسد والمشاعر والتجربة الفردية. في النهاية، قد يكون الاعتراف بحدود العلم هو الخطوة الأولى لفهم أعمق للإنسان.

المصدر: ميديكال إكسبريس