فئة فقط من الحنابلة وقلة من الشافعية من كانت لهم مصنفات باسم عقائد، لكن أغلبية كتب المسلمين (سنة وشيعة) لم تسم العقائد بالعقائد..
والسبب أن كل من استخدم لفظ ومعنى العقيدة في مصنفاته (كان تكفيريا) يخلط بين الرأي والاجتهاد وبين الدين في جوهره، وهذا الوصف كان ينطبق على أغلب الحنابلة القدماء الذين سموا مصنفاتهم بالعقيدة، ووصفوا مخالفيهم بالكفر والبدعة، وورث ابن تيمية الحراني هذا الأسلوب في مصنفاته وتوسع للغاية في استخدام مسمى عقيدة وتكفير مخالفيه على الرأي.
عندما جاء الوهابيون استبدلوا كتب الفرق والرد والأصول والسنن القديمة بمصطلح (العقيدة) وعمموه، فصارت كتبهم في ذم الكلام وشرح السنن والأصول هي عين الإسلام ، ببساطة (لأنها عقيدة) ومن ذلك المصطلح دخل التكفير بتوسع في الفكر الإسلامي، وصار كل من يجتهد أو يقول رأيه في السنن والأصول والفرق والردود بما يخالف علماء الوهابية (كافرا) أو ليس على الإسلام الصافي الصحيح.
عندما بدأنا رحلة #نقد_الموروث منذ 20 عاما كتبنا في هذا الشأن كثيرا
وقلنا أن المعركة هي معركة (مفاهيم ومصطلحات)
فالعقيدة ليست عقيدة في الحقيقة، إنما هي آراء أئمة وضعت تحت بند العقيدة، وهو بالمناسبة ليس مصطلحا قرآنيا، بل بشريا من صنع فقهاء البلاط العباسي، وخصوصا القادر بالله الذي نُسب له كتابا بنفس الإسم وهو (الاعتقاد) وأراد تعميمه على المسلمين، وعقاب من يختلف مع رأيه، وهذا الكتاب مشهور في كتب التراث (بالاعتقاد القادري) وهو أشبه بالوثيقة السلطوية التي اخترعها الخليفة العباسي وتعصب لفرضها على المنابر.
في رحلة تجديد الفكر الديني يجب التوقف عن استعمال اسم عقيدة، واستبدالها بكتب علم الكلام والأصول والسنن والشروح، بالضبط كما كتبها الأولون
والفارق أن اسم العقيدة (إلهي) ذو مدلول يخص الله جل وعلا، بينما بقية الأسماء سواء (كلام أو أصول أو سنن أو شروح) هي اجتهادات بشرية تبقى للبشر بحلوها ومرها، بعلمها وجهلها، بصوابها وخطأها، أما التصنيف تحت اسم عقيدة هو تألي على الله، وادعاء الوكالة عنه، وتكفير الناس على الرأي قولا واحدا..



