المبادرة الوطنية الأردنية
جورج حدادين
المشروع النهضوي، يتطلب إعادة الاعتبار لمهمات مرحلة التحرر الوطني العربي، وإعادة بناء حركة التحرر الوطني العربي، حاملاً لمهمات المرحلة، وإنفاذ هذه المهمات من بوابة تبني متلازمة التحرر الوطني - التحرر الاجتماعي والثورة الثقافية.
التحرر الوطني، يعني تحرير الوطن من الهيمنة والتبعية للأجنبي، وبناء أقتصاد وطني مستقل، وتنمية قوى الإنتاج الوطني، من خلال تحرير الإرادة السياسية، وتحرير الثروات الطبيعية المحتجزة، وتحرير المقدرات والكفاءات والخبرات من ظاهرة التسليع، وتوظيفها في بناء الاقتصاد الوطني المنتج، وبناء دولة الأمة.
التحرر الإجتماعي، يعني تحقيق الإندماج المجتمعي، أي دمج المجاميع العشائرية والطائفية والمذهبية والإقليمية والأثنية، في مجتمع منتج حديث، وتحرير الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة، وكل المهمشين والمعذبين والمقهورين، من أضطهاد واستغلال قوى الهيمنة الأجنبية وقوى التبعية المحلية، وتحقيق حرية اجتماعية تضمن حرية التفكير والإبداع، مما يفسح المجال أمام تفجير طاقات هائلة مختزنة خلاقة، جمعية وفردية، يحقق تفجيرها حالة نهوض غير متخيل، بناء على وعي الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة لمصالحها الحقيقية، والثقة بذاتها وبقدرتها على إحداث التغيير، عبر ثورة اجتماعية، طبقاً لمقولة انجلز
" المصالح، وليست المبادئ الخالصة، هي ما ستجعل الثورة تتحقق، ولا يمكن للمبادئ أن تتطور إلا من خلال المصالح، وستكون الثورة اجتماعية وليست سياسية خالصة"
وكما خلص أباء الأشتراكية العلمية منتصف القرن التاسع عشر أن "تحرير الطبقة العاملة يجب أن يكون عمل الطبقة العاملة ذاتها" وذلك عبر بث الوعي في صفوفها، وتحويلها من طبقة بذاتها إلى طبقة لذاتها، بمعنى آخر، أن تعي قوتها وقدرتها على إحداث التغيير، أنه قانون علمي للصراع،
وتطبيقاً لهذا القانون في واقعنا العربي، فأن نقل الوعي إلى صفوف الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة، وتمكينها من وعي قدرتها على إحداث التغيير، هي المهمة المطروحة على جدول أعمال النضال الآن،
خاصةً وأن وهم، بوعي أو بغير وعي، يسود صفوف الكثير من النخب العربية عنوانه
"أن النخب ذاتها هي قوة التغيير" وطبقاً لمصالحها تتبنّي "مشروع الاصلاح السياسي" اصلاح البنى الفوقية، الذي ثبت فشله على مدى عقود طويلة، وبسبب تمسكها في هذا النهج تحديداً، فأنها عاجزة عن إحداث التغيير المطلوب،
قوة التغيير الحقيقية تعتمد، حشد طاقات شرائح وطنية: كادحة ومنتجة، صاحبة مصلحة في إحداث التغيير، وتشكل في الوقت ذاته، حامل اجتماعي لمشروع النهوض الوطني، وتتبنى ثقافة تقدمية، ثقافة القيم الإنسانية النبيلة، باعتبار أن الإنسان ذاته هو محور النضال، ويحقق ذاته بالنضال ضد الظلم والإضطهاد والاستغلال والتغريب.
الحامل الاجتماعي، يتشكل من خلال تنظيم الشرائح في أطر: مؤسسات شعبية، نقابات عمالية ومهنية، اتحادات: فلاحين ومزراعين، مربي الثروة الحيوانية، اتحادات نسائية، شبابية وطلابية ومنتديات ثقافية ورياضية وجمعيات تعاونية غرف الصناعة والتجارة ...الخ يتم تمليكها الوعي في مصالحها الخاصة والعامة.
يستند الوعي والتوعية على قوانين علمية وعلى وعي صيرورة التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية وتاريخ وحضارة الأمة:
1. وعي قوانين الصراع العلمية ، تحديد التناقض الرئيسي والتناقض الثانوي، تحديد العدو الرئيسي والعدو الثانوي، تحديد التحالفات ومستوياتها على الصعيد المحلي والأقليمي والدولي، صياغة إستراتجية موضوعية وعلمية، ، وتحديد مراحلها وآليات انفاذها، بعيداً عن الرغائبية والإنتقائية.
2. تتشخيص طبيعة المرحلة، وتحديد مهماتها، والشرائح الاجتماعية صاحبة المصلحة الحقيقية في إنجاز هذه المهمات، لضمان إحداث تغيير الواقع البائس القائم،
3. إنفاذ مهمات مرحلة التحرر الوطني المتمثلة في، كسر نهج التبعية، وتحرير الإرادة السياسية، وتحرير الثروات الطبيعية والمقدرات الوطنية، وصياغة خطط تنموية متمحورة حول الذات الوطنية، وتحقيق بناء دولة الأمة، مما يفتح الطريق أمام بناء الدولة المنتجة والمجتمع المنتج، وانهاء تحكم قوى التبعية في السلطة والثروة، وازاحة ثقافة مفوتة سائدة، وتخطي تشكيلات المجاميع البدائية السائدة، الطائفية والمذهبية والقبلية والعشائرية والإثنية والإقليمية...ألخ والانتقال إلى بنية المجتمع المندمج المنتج الحديث.
أنجاز مهمات التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي، يتطلب بناء حامل اجتماعي لهذا المشروع النهضوي، الذي لا بد إلا أن يستند الى ثورة ثقافية تمحي الوعي الصفر وتبنى الوعي التاريخي.
يتبع
" كلكم للوطن والوطن لكم "



