يُعد غاز الهيدروجين أحد المصادر الرئيسية للطاقة، ويُعوّل عليه بشكل كبير لتحقيق أهداف الحياد الكربوني حول العالم، وفي تطور علمي مثير، ابتكر باحثون وصفة جيولوجية جديدة توضح كيف يتكوّن الهيدروجين بشكل طبيعي في باطن الأرض، مما قد يسهل اكتشاف احتياطيات ضخمة منه داخل قشرة الأرض.
ويشير الباحثون إلى أن هذه الاحتياطيات قد تكفي لتلبية احتياجات البشرية من الطاقة المعتمدة على الهيدروجين لمدة قد تصل إلى 170,000 عام، دون الحاجة إلى إنتاجه من الهيدروكربونات، وهي عملية تُسهم في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
- وصفة طبيعية لتكوين الهيدروجين عبر مليارات السنين
قاد فريق من العلماء من المملكة المتحدة وكندا هذه الدراسة الفريدة، حيث توصلوا إلى أن "طهي" الهيدروجين في الطبيعة قد يستغرق ما يقارب المليار سنة، وتعتمد هذه العملية الطبيعية على تفاعل الماء مع الصخور الغنية بالحديد أو العناصر المشعة، تحت ظروف محددة من الضغط والحرارة والوقت ووجود بيئة مغلقة تحفظ الغاز المتكوّن.
اعتمادا على هذه المعايير، رسم الباحثون خريطة للمناطق المحتملة لوجود الهيدروجين الطبيعي في أنحاء العالم، مستشهدين بموقع بوراكبوبوغو في مالي كمثال عملي على وجود مثل هذه الاحتياطيات.
- خريطة كنز الهيدروجين: أين نبحث؟
تشبه الوصفة الجيولوجية التي وضعها العلماء خريطة كنز، حيث تسلط الضوء على المناطق التي تتوافر فيها ظروف تكوين الهيدروجين. ويمكن استخدام هذه المعلومات من قبل الخبراء لتحديد الأماكن التي يُحتمل أن تحتوي على كميات اقتصادية من الهيدروجين.
ويقول البروفيسور جون غلوياس، عالم الجيولوجيا من جامعة دورهام في المملكة المتحدة: "لقد نجحنا في تطوير استراتيجية استكشاف لعنصر الهيليوم، ويمكن تطبيق نفس المنهجية المبدئية على الهيدروجين".
- التحدي التالي: منع الميكروبات من استهلاك الهيدروجين
لكنّ هناك عقبة أخرى تتمثل في الكائنات الدقيقة الموجودة تحت الأرض، والتي تتغذى على الهيدروجين، وتشير العالمة باربرا شيروود لولار من جامعة تورونتو إلى أهمية تجنب البيئات التي تسمح بوجود هذه الميكروبات، من أجل الحفاظ على تراكمات اقتصادية من الغاز.
- الجبال قد تخفي مفاتيح الطاقة المستقبلية
تشير دراسة أخرى نُشرت في وقت سابق من هذا العام إلى أن سلاسل الجبال حول العالم قد تحتوي على احتياطيات ضخمة من الهيدروجين، ناتجة عن حركة الصفائح التكتونية التي تضغط الصخور وتحرر الغاز.
ويُعد الهيدروجين اليوم عنصرا حاسما في إنتاج الأسمدة الزراعية، ويُتوقع أن يرتفع الطلب عليه من 90 مليون طن متري في عام 2022 إلى 540 مليون طن بحلول عام 2050. وعلى الرغم من وجود طرق صناعية لإنتاجه، إلا أنها باهظة الثمن وتُنتج كميات كبيرة من الكربون.
- الهيدروجين الطبيعي: أمل جديد في التحول الطاقي
رغم أن الطريق لا يزال طويلاً أمام العثور على الهيدروجين الطبيعي واستخراجه، إلا أن الدراسات الحديثة تؤكد أنه مورد قابل للاستغلال، وقد يساهم بشكل كبير في مستقبل الطاقة النظيفة.
ويختتم الجيوكيميائي كريس بالنتاين من جامعة أكسفورد بقوله: "وصفة استكشاف ناجحة وقابلة للتكرار ستمكّننا من الوصول إلى مصدر هيدروجين منخفض الكربون وذي جدوى اقتصادية، ما سيمثل مساهمة محورية في الانتقال العالمي نحو الطاقة النظيفة."


