ظلام يكتسح محيطات العالم.. حقائق صادمة وتداعيات تهدد الحياة
دراسات و أبحاث
ظلام يكتسح محيطات العالم.. حقائق صادمة وتداعيات تهدد الحياة
4 حزيران 2025 , 12:41 م

كشفت دراسة علمية حديثة عن تحول بيئي مقلق تشهده محيطات العالم، حيث باتت تفقد تدريجياً شفافيتها ونقاء مياهها، ما أدى إلى ازدياد مستوى العتمة في أكثر من 20% من مساحتها خلال العقدين الماضيين. وتمثل هذه النسبة الشاسعة مساحة تعادل خمسة أضعاف حجم القارة الأوروبية، ما يعكس خطورة هذا التغير الذي يهدد ما يُعرف بـ"المناطق الضوئية" في المحيطات – تلك الطبقات التي تصلها أشعة الشمس وتؤوي غالبية الكائنات البحرية.
- تناقص عمق المناطق الضوئية وتداعياته البيئية
أشارت نتائج الدراسة إلى أن التغيرات البصرية في مياه المحيطات أدت إلى تقليص عمق المناطق الضوئية بمقدار يصل إلى 50 متراً في مناطق متعددة، بل تجاوزت هذه النسبة 100 متر في بعض المواقع، ويؤثر هذا التراجع سلباً على كائنات بحرية تعتمد على الضوء في بقائها، مثل العوالق النباتية والأسماك الصغيرة، مما يدفعها إلى الهجرة نحو السطح، ويخلق بيئة مزدحمة وغير مستقرة في الطبقات العليا.
- تحذيرات علمية من تغيّر التوازن البيئي
في تعليق على نتائج الدراسة، قال الدكتور تيم سميث، رئيس قسم العلوم البيوجيوكيميائية البحرية في مختبر بليموث البحري: "عندما تُجبر الكائنات البحرية على التجمع في مساحات صغيرة قرب السطح، يشتد التنافس على الموارد الغذائية، ما قد يؤدي إلى اضطرابات جذرية في السلسلة الغذائية البحرية."
ويحذر سميث من أن هذه التغيرات لا تقتصر على الحياة البحرية فحسب، بل تمتد لتؤثر بشكل مباشر على الإنسان، نظراً لاعتماد البشرية على المحيطات في الغذاء، والنقل، والأنشطة الترفيهية.
- أسباب متعددة خلف الظاهرة
تعددت العوامل المسؤولة عن هذا التغير المفاجئ في شفافية المحيطات، ففي المناطق الساحلية، ساهم الجريان السطحي الزراعي الغني بالمغذيات في تعكير المياه. أما في المحيطات المفتوحة، فكان لارتفاع درجات حرارة سطح البحر بسبب التغير المناخي دور رئيسي في ازدهار الطحالب الضارة، ما أدى إلى تراجع شفافية المياه بشكل ملحوظ.
- المناطق الأكثر تأثراً: إنذار بيئي في القطبين وتيار الخليج.
أظهرت الدراسة أن المناطق القطبية، وقمة تيار الخليج بالقرب من سواحل فلوريدا، تُعد من أكثر المناطق تأثراً، حيث شهدت أعلى معدلات التعتيم. وتُعد هذه المناطق أيضاً من أسرع مناطق العالم تأثراً بالتغير المناخي، ما يزيد من تعقيد الظاهرة ويجعلها أكثر إلحاحاً في الدراسة والمعالجة.
- ظاهرة معقدة: بعض المحيطات تزداد إشراقا
في مفارقة علمية مثيرة، لاحظ الباحثون أن حوالي 10% من المحيطات أصبحت أكثر إشراقاً في نفس الفترة الزمنية، ما أضاف طبقة من الغموض والتعقيد لفهم هذه الظاهرة العالمية، ولا يزال السبب وراء هذا التباين غير واضح، مما يشير إلى أن العديد من العوامل البيئية المتداخلة ما زالت بحاجة إلى بحث وتفسير.
- دعوة عاجلة لفهم أعماق المحيطات قبل فوات الأوان
قال الدكتور توماس ديفيز، الأستاذ المشارك في الحفظ البحري بجامعة بليموث: "إن هذه التغيرات تشكل تهديداً مباشراً للتوازن البيئي العالمي الذي نعتمد عليه يومياً، سواء من حيث الهواء النقي أو الغذاء البحري."
وأضاف أن 80% من مساحة المحيطات العالمية لا تزال غير مكتشفة أو خاضعة للمراقبة العلمية الدقيقة، مما يعني أن التقديرات الحالية قد تكون أقل من الحقيقة، وأن التأثيرات المستقبلية ربما تكون أشد فتكاً مما نتصور.
- تقنيات الرصد: خوارزميات فضائية لرصد شفافية المحيطات
اعتمد فريق البحث على بيانات من قمر وكالة ناسا الشهير "أوشن كولور ويب"، الذي يجزّئ المحيطات إلى وحدات بطول 9 كيلومترات. كما طوّر الباحثون خوارزمية متقدمة لقياس عمق المناطق الضوئية بدقة، مما أتاح تصوراً أكثر واقعية لتغيرات الشفافية في مختلف بقاع البحار والمحيطات.
- إنذار بيئي عالمي يستدعي التحرك الفوري
في ظل استمرار التغيرات المناخية وارتفاع النشاط البشري المؤثر في البيئة البحرية، تبدو الحاجة ملحة لفهم هذه الظاهرة بصورة شاملة ووضع حلول عاجلة للحد من تداعياتها. فمستقبل محيطاتنا – ومعه مستقبلنا نحن البشر – على المحك.

المصدر: إندبندنت