العدوان على إيران: قراءة قانونية في انتهاك أمريكي-إسرائيلي مزدوج للقانون الدولي
مقالات
العدوان على إيران: قراءة قانونية في انتهاك أمريكي-إسرائيلي مزدوج للقانون الدولي
عدنان علامه
3 تموز 2025 , 17:52 م

عدنان علامه - عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين

ما جرى في 13 و22 حزيران/يونيو 2025 لا يمكن تصنيفه إلا كـعدوان مزدوج على إيران، شاركت فيه إسرائيل أولًا، ثم الولايات المتحدة بشكل مباشر، وباعتراف رسمي أمام مجلس الأمن.

فالسفيرة الأمريكية دوروثي شيا أعلنت أن واشنطن تدخلت عسكريًا ضد المنشآت النووية الإيرانية "لدعم وحماية إسرائيل"، في إقرار علني بأن العدوان لم يكن دفاعًا عن النفس، بل لخدمة حليف إقليمي في خرق واضح لميثاق الأمم المتحدة، المادة 2 الفقرة 4، التي تحظر استخدام القوة في العلاقات الدولية إلا في حالة الدفاع عن النفس أو بتفويض من مجلس الأمن.

والسوابق الخطيرة التي مهدت للعدوان بدأت حين أعلنت إسرائيل في 25 أيار/مايو الماضي عن وصول جسر جوي وبحري ضخم ضمّ 800 طائرة و140 سفينة، وأدّعت أن الحمولة لا تتجاوز 90 ألف طن، وهو رقم غير واقعي، خاصة مع توثيق رُسو حاملة الحاويات الضخمة MAERSK HAMBURG سابقًا في نقطة الكرمل، مما يشير إلى استيعاب موانئ إسرائيل لشحنات أسلحة ضخمة تُستخدم لاحقًا في عمليات هجومية على عدة بلدان ولفترة زمنية طويلة، وليست دفاعية.

وحين نقارن ذلك بسعة وسائل النقل المستخدمة، تنكشف الخدعة: فطائرة النقل العملاقة من طراز Lockheed C-5M Super Galaxy قادرة على نقل 127 طنًا، أي أن 800 طائرة تنقل أكثر من 101,600 طن من العتاد. أما بحريًا، فإن سفن الشحن من نوع MAERSK HAMBURG، بقدرة استيعاب تصل إلى 13,000 حاوية (TEU) لكل سفينة، يمكنها مجتمعة نقل ما يزيد عن 39.3 مليون طن متري من الأسلحة والذخائر.

وهذا يؤكد النيات المبيتة للعدوان على عدة بلدان في المنطقة ولكن ردع إيران لكل من إسرائيل وأمريكا جعلهما يتراجعان أو يؤجلان مشروعهما لأن الرد الإيراني أنزل لإيران الغاصب خسائر فادحة جدًا لم تكن في الحسبان. فلأول مرة منذ إغتصاب فلسطين وحتى اليوم طال الدمار الكبير جدَا يافا ( تل أبيب)، حيفا ومطار اللد (بن غوريون) ومعهد وإيزمان الإستراتيجي ومعظم المراكز الأمنية للقيادة والسيطرة وأهمها مركز العمليات المركزي بالقرب من مستشفى سوروكا بحيث إتخذه العدو كساتر للمركز. وللدلالة والتأكيد على فداحة الخسائر عليمزركز العمليات المركزي الذي تدمر كليًا هي عصف الإنفجار العنيف جدًا الذي دمر كليًا واجهة مستشفى سوروکا، حتت باتت كبناء على العظم.

وفي 30 أيار/ مايو الماضي، خرج دونالد ترامب ليصرّح أن ما يقوم به هو "مهمة من الله"، في تبرير عقائدي خطير لسلوك عدواني يخالف القوانين المحلية والدولية معًا.

فالعدوان على إيران تم دون موافقة الكونغرس الأمريكي، ما يجعله خرقًا للدستور الأمريكي نفسه، كما أنه يفتقد لأي غطاء قانوني دولي، لا من مجلس الأمن، ولا من أية منظمة شرعية.

وعلى الصعيد النووي، لا تضع معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية (NPT) حدًا قانونيًا لنسبة تخصيب اليورانيوم بحد ذاته، ما دامت الدولة لا تتجه نحو إنتاج سلاح. والخطر القانوني يبدأ فقط عند التخصيب بنسبة تفوق 90%، وهو ما لم يُثبت بحق إيران حتى اليوم.

والأخطر أن العدوان لم يوقف التصعيد في غزة ، بل دفع نتنياهو إلى ارتكاب المزيد من المجازر، إذ ارتفع عدد الشهداء في غزة إلى 300 خلال 48 ساعة من إعلان ترامب عن ضغوطه لإغلاق ملف غزة، وكأن ثمن “الإغلاق” هو المزيد من الدماء.

ولو تم تنفيذ الأحكام الدولية بحق نتنياهو كمجرم حرب — وهي صادرة فعليًا عن محكمة العدل الدولية — لما كنا اليوم أمام مشهد يُشرعن العدوان على إيران أو على أية دولة أخرى تخالفهما سياسيًا، ويحوّل المنطقة إلى ساحةعدوان مفتوحة لرغبة ترامب ونتنياهو .

ويُضاف إلى ذلك، فقد تدخل ترامب في عمل القضاء الإسرائيلي نفسه، بإعلانه في حملاته أنه "لن يسمح بمحاكمة نتنياهو"، بل وأن "نتنياهو أمامه عمل ضخم لم ينجز بعد"، في تلميح إلى دور قادم يفوق حتى ما تم من جرائم حتى اليوم.

فما نشهده اليوم هو انقلاب كامل على الشرعية الدولية، بقيادة قوتين تتصرفان فوق القانون، وتحت مظلة دينية-عقائدية خطيرة، تخفي أطماعًا استراتيجية طويلة المدى.

فلو حُوسِب نتنياهو في لاهاي، لما جرّ المنطقة إلى جحيم جديد. ولِما فرض علينا ترامب إضطراب نرجسيته وجنون عظمته ومهمته من الله.

وإن غدًا لناظره قريب

03 تموز/ يوليو 2025

المصدر: موقع إضاءات الإخباري