بعد مرور 642 يومًا على اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، بات واضحًا أن الأهداف التي رفعها بنيامين نتنياهو، وعلى رأسها القضاء على حماس واسترجاع الأسرى، لم تتحقق.
وفي المقابل، تأكد من تحقبق مأساة كبرى طالت الشعب الفلسطيني بكل مكوناته؛ حيث تم توظيف سرديات توراتية متطرفة جدًا لتبرير الإبادة الجماعية:
1-إستحضار "العماليق" كمبرر ديني للإبادة.
2- كراهية "هامان" كمرآة معكوسة لتعبئة الجنود لقتل الفلسطينيين تقربًا لله (يهوه).
3- إستحضار "جدعون" لتبرير الحملات التطهيرية.
ووفق تقرير صحيفة هآرتس، تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين 100,000 شهيد، والجرحى 130,000إصابة، غالبيتهم من المدنيين. إلى جانب تدمير المرافق والخدمات، واستهداف من يسعى إلى المساعدات.
وتتواصل عمليات القتل المنظم والممنهج لمنتظري المساعدات بشكل يومي؛ فقد أصبح أفراد جيش العدو يستلذون بالقتل دون أية مساءلة. وصار القتل مباحًا تمامًا كما يقتل الصيادون رفوف البط في بركة ماء، بعد أن يكمنوا لهم قرب البركة. وأصبح جنود القتل يتفاخرون بعدد قتلاهم كما يتفاخر كل صياد بعد البط الذي يصطاده؛ وكما يعود البط إلى البركة يوميًا؛ فإن الضحايا الجدد من منتظري الَمساعدات يغامرون بحياتهم ويعودون إلى مراكز الموت لتأمين كيس طحين أوكرتونة مساعدات بالكاد تكفيهم لعدة أيام.
فالحصيلة اليوَمية للقنص أو القتل بدم بارد تتراوح بين 50 إلى 100 شهيد، ما يحوّل الأمر إلى إبادة جماعية ممنهجة وموثقة بتواطؤ أممي ودولي.
وفي وسط هذا الواقع، لم يكتفِ دونالد ترامب بالصمت، بل تدخل في جوهر عمل القضاء الإسرائيلي، سعيًا لإنقاذ نتنياهو من ورطته القانونية، الأخلاقية والسياسية.
وفي تدخل سافر في الشأن الداخلي الإسرائيلي، وفي سلك القضاء تحديدًا؛ طالب ترامب علنًا بوقف محاكمة نتنياهو بتهم الفساد والرشوة، معتبرًا إياها "عرقلة سياسية" بحسب وصفه في أحد خطاباته بفلوريدا الشهر الماضي. ويبدو أن ترامب يسعى إلى تبرئة حليفه الدائم من الجرائم، سواء تلك المرتكبة داخل إسرائيل أو في قطاع غزة، في محاولة لتقديمه للعالم كبطل قومي لا كمجرم حرب مدان.
والأخطر من ذلك، فإن ترامب يروّج بأن "إيقاف الإبادة" يجب أن يكون مقابل أثمان سياسية ضخمة: سلام مع سوريا أو السعودية، وربما إجتياح للبنان ضمن ترتيبات إقليمية كبرى. وهو بذلك لا يحاول وقف الإبادة، بل إستثمارها سياسيا لفرض وقائع جديدة في المنطقة، متجاوزًا القانون الدولي والعدالة ومبادئ الإنسانية ولا سيما أن مجلس الأمن والأمم المتحدة لم تدينا عدوان إسرائيل وأمريكا لعدوانهما على إيران؛ وردعهما ومحاسبتهماوفقًا للقوانين الدولية.
فعدم ردعهما سيشجع المعتدين على توسيع عدوانهما وخاصة بعد تعهد دول ال G7 بدعم إسرائيل وعدم إدانة عدوانها على إيران.
فهذا التواطؤ العلني بين ترامب ونتنياهو، لم يعد مجرد تقاطع مصالح، بل أصبح شراكة معلنة في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي إرتكباها في إيران.
فترامب مصرٍّ على نسف القانون الدولي، وفرض قانون القوة، وبالتعاون مع نتنياهو الذي ينتظره عمل ضخم كما عبر عنه ترامب.
فعلى َمجنون العظمة ، والمضطرب النرجسي ترامب أن يتحمل مسؤولية أي تهور أو عدوان؛ لأنه سيدفع ثمنًا غاليًا جدًا في كافة القواعد والأساطيل المنتشرة في المنطقة وهذه المرة بدون سابق إنذار.
وإنً غدًا لناظره قريب
03 حزيران/يونيو 2025



