لبنان تحتَ التهويلِ لا يُحميهِ إلّا السلاحُ ورجالُه
مقالات
لبنان تحتَ التهويلِ لا يُحميهِ إلّا السلاحُ ورجالُه
ميخائيل عوض
5 تموز 2025 , 11:10 ص

٥/٧/٢٠٢٥

كتب الدكتور ميخائيل عوض:

١

ما إن أُجهِضَت حملةُ التهويلِ بـ"أورتاغوس" وعراضاتُها اللسانيةُ، حتى انبرت ذاتُ الجهاتِ، وبعضُها بغباءٍ وعنْتريّاتٍ فارغةٍ تهويليّةٍ، لاستحضارِ الخطرِ من الشرقِ والشمالِ. وكلّما خَبَت نارُها، تعودُ نغمةُ الاجتياحاتِ الإسرائيليّةِ. وهكذا تدورُ الحلقاتُ الإعلاميّةُ، ويَنْبَري أصحابُ الحناجرِ الخاويةِ بالتخويفِ وتوتيرِ الأجواءِ العامةِ وتسميمِ صفاءِ الحياةِ الثقافيةِ والاجتماعيةِ والاقتصاديةِ، ما يزيدُ في تأزيمِ الأوضاعِ الاقتصاديةِ المأزومةِ أصلاً إلى حدِّ خطرِ الانفجارِ.

٢

لا أحدَ جادٌّ وحريصٌ على السّلمِ الأهليِّ والاستقرارِ والوحدةِ الوطنيةِ، فقد خسرَ لبنانُ قائدًا ضامنًا وضابطًا على سعةِ أفقٍ ورؤيةٍ والتزامٍ، كان له الدورُ المحوريُّ في تأمينِ السّلمِ الأهليِّ، وقدمَ كلَّ ما عندَهُ، وحزبَهُ، ومقاومتَهُ، وحاصلَ الانتصاراتِ الإعجازيّةِ والإلهيّةِ، إيمانًا والتزامًا بالميثاقيّةِ والحفاظِ على النظامِ والمنظومةِ، التي سارعتْ لطعنهِ في الظهرِ، وتآمرتْ على حزبِه وطائفتِه وسلاحِ العزِّ ورجالِ الانتصاراتِ وصَوْنِ الكرامةِ والسيادةِ وتأمينِ العِزّةِ لكلِّ اللبنانيين.

٣

جولةُ التهويلِ الجديدةُ ومُسَوِّقوها لا تستندُ إلى أيِّ توثيقٍ أو منطقٍ أو معلوماتٍ يُعتدُّ بها، وهي مجردُ أفكارٍ وفبركاتٍ، وربما من نتاجاتِ عقلٍ أو عقولٍ مريضةٍ ومهلوِسةٍ، وربما لم يفكّرْ بها المعنيّون أصلًا، وهي ليستْ إلّا أوهامًا تُروّجُ لغاياتٍ تافهةٍ وقاصرةٍ.

٤

هل حقًا يضعُ الجولانيُّ مصالحَ سوريةَ في أيِّ ميزانٍ؟

هل له مشروعٌ ورؤيةٌ؟

هل أَمِنَتْ سوريةُ وسيادتُها وحُفظ بعضُ كرامتِها؟

هل له جيشٌ ودولةٌ ونظامٌ؟

هل تأمّنتْ سوريةُ على يدِه؟

هل أصلًا من دولةٍ وخدماتٍ وسَلمٍ أهليٍّ واستقرارٍ؟

هل من أحدٍ مطمئنٍّ لعائلتِه ومصالحِه؟

هل من قضاءٍ يؤمّنُ حقوقَ الناسِ؟

والأسئلةُ تجرُّ بعضَها، والأجوبةُ كلّها عند السوريينَ المواطنينَ الذينَ يُعانونَ الأمرّين.

٥

والسؤالُ الأهمُّ: ما دامتْ قطرُ والسعوديةُ تدفعانِ ٣٠ مليونَ دولارٍ لتمويلِ رواتبِ الموظفينَ الباقينَ بعد هدمِ وتدميرِ الدولةِ وأجهزتِها، وقد فُتحتْ كلُّ الأبوابِ لإسرائيلَ تسرحُ وتمرحُ، وللتركيِّ يفعلُ ما يشاءُ، فهل عندَ الجولانيِّ رأيٌ أو قوةٌ أو مَنَعةٌ أو شيءٌ يجعلُهُ قادرًا على فرضِ شروطٍ وتبادليةٍ؟

وهل من أحدٍ يُصدّقُ أنَّه رئيسٌ وله تأثيرٌ ونفوذٌ وقوةٌ ورأيٌ؟

ولماذا سيُهدى البقاعُ والشمالُ اللبنانيُّ؟

ومَن سيهدِيْه؟ ومَن المفوَّضُ؟

وإذا كان السوريونَ على تلك الشاكلةِ، فماذا سيحصدُ اللبنانيونَ من انزياحِهم لمشروعِ الجولانيِّ؟

٦

في العقلِ والمنهجِ كذبةٌ تُعرفُ من كِبرِها، أمّا في الواقعِ، فقد يكونُ مهووسونَ يرغبونَها، وفاقدو عقولٍ قد يستجيبونَ، فيسوقونَ مناطقَهم ولبنانَ إلى فوضى عارمةٍ.

وقد يكونُ في المنظومةِ والحياةِ السياسيةِ حمقى مهووسونَ بالعداءِ للمقاومةِ ومبدئِها، فقد يرتكبونَ ما يُؤدّي إلى انهيارِ النظامِ وانفراطِ الكيانِ، فقد حذرَ ماكرون من هذا المصيرِ.

وإن جرى شيءٌ من هذا، فلن يكونَ تبادليةَ الجولانِ مقابلَ الشمالِ والبقاعِ، فلا إسرائيلَ معنيةٌ، ولن تفاوضَ ولن تقايضَ أصلًا، ما دام الكلُّ يشتغلُ عندَها مباشرةً أو بالواسطةِ، وكثيرونَ متطوعون.

٧

انفجارُ لبنانَ محتملٌ، والأسبابُ كثيرةٌ، والمتربّصونَ كُثُرٌ، والحمقى يملؤونَ الفضائيّاتِ والمنصّاتِ، وكذا المستعجلونَ لسوقِ لبنانَ للفوضى.

وكلُّ تلك الفبركاتِ والترهاتِ تصبُّ باتجاهٍ واحدٍ: شرعيّةُ امتلاكِ السلاحِ، وإعدادُ الرجالِ، والتمنُّعُ عن قبولِ فِرْيةِ التسليمِ، قبل أن تُستعادَ السيادةُ، وتُؤمَّنَ الكرامةُ، وتتوقّفَ التهديداتُ والمخاطرُ.

فليس من قوّةٍ وكتلةٍ منظّمةٍ وقادرةٍ ومعنيّةٍ، وقدّمتْ كلَّ ما لديها وأعزَّ ما تملكُ لتأمينِ الكيانِ وحمايتِه وتأمينِ اللبنانيينَ ووحدتِهم وسَلمِهم الأهليِّ، غيرُ رجالِ السلاحِ وأهلِه.

فمَن كان مع لبنانَ وبقاءِ الكيانِ واستمرارِ النموذجِ الفذِّ، فليُنصفْهم، وليعملْ على إعادةِ إعمارِ ما تهدّمَ، والتعويضِ عن الأضرارِ.

سوى ذلكَ، فالكثيرونَ، بخبثٍ أو بغباءٍ أو بالتآمرِ، يفركونَ بلبنانَ، ويسوقونهُ إلى نهايتِه.

والطامعونَ كثرٌ، وهذا أردوغان لا يكفُّ عن التآمرِ طمعًا بلبنانَ وساحلِه.

انتبهوا كثيرًا، واربطوا ألسنتَكم،

فلسانُك حصانُك، إن صُنته صانَك.

لمتابعة كل ما هو جديد الاشتراك بقناة الأجمل آت مع ميخائيل عوض على الرابط

https://youtube.com/channel/UCobZkbbxpvRjeIGXATr2biQ?si=9qbBkVg5n_vpqmOS

المصدر: موقع إضاءات الإخباري