حرب المعاني قبل المباني،
في زمن لم تعد فيه القواطع تسن و تشحذ، وفي مرحلة تدار فيها الحروب من مراكز البيانات، حيث هنا، لا حاجة للوغى والمعمعة من ساحات، يطل علينا العدو الهجين لا على ظهر مصفحة، دبابة أو مجنزرة ، بل عبر شاشة، بإسم مستعار، ووجه شيطاني لايرى، ربما يتراءى على هيئة ملاك. يتكلم بلسان مألوف، ويغرس خنجرا مفاهيميا في خاصرة المجتمع.
هو لا يطلب أرضك أولا، بل يطلب رأسك الناقد، وفكرك المقاوم، وذاكرتك الجمعية. هو مشروع أسر للعقول يسبق كل إحتلال للحقول.
(ويريدون أن تضلوا السبيل) النساء 44
العدو لا يأتيك ناقدا، بل ناصحا،
لايقرع جرس بابك، بل يظهر في هاتفك، يتقن”التقمص السيميائي“ لشخصية المواطن الحريص، ويمارس ديالكتيك الدمار على هيئة ” مكاشفة“ هو لايحمل سوى أجندة براديغيمات شرعنة الشر، بتقنية تكنوقراطية/بيروقراطية مرسومة بدهاء وخسة وعبقرية على خطوط سيسيولوجيا الخداع الجماعي.
(هندسة الإنهيار تبدأ من تغذية الشكوك)
أولائك الشياطين البشرية لايستهدفون المؤسسات العسكرية مباشرة، بل القلوب المؤمنة بجيشها، والعقول الواثقة بوحدتها. ينفذون عبر محتوى” توعوي“ لكن بغاية التفكيك.
ينشرون مقاطع ”مشفرة“ ظاهرها الصدق، وباطنها بروتوكولات تضليلية.
يدخلونك في متاهة ما بعد الحقيقة، حيث لاتعرف اليد التي لاتكتب، بحيث تبرمج جينالوجيا الخيانة في ذاكرة الجمهور، ليصبح العدو هو الأخ، والمجرم هو المنقذ، والخائن ”صوتا حرا...والناصح الوطني ”مضللٱ“
( سلطة رابعة تحت قبعة سوداء)
أضحى الإعلام الإفتراضي المخترق، لاينقل الوقائع، بل يضيعها ويهندس الإدراك.
أبناء الشياطين الأنسية الملعونون في الكتب الطاهرة لايجندون جندا...ولايبدون علاوة ظاهرة، لديهم سيناريوهات ميتافيزيقية لخلق الشك داخل البيت الواحد، بأسلوب راديكالي ممنهج، يستبدل الثقة ب ” الريبة“، ويستبدل الأسرة ب ” مجتمع نقدي مستتر“, ينهش بعضه بعضا.
(الجيش المستهدف...لا بالرصاص بل بالسمع والبصر)
”ولاتقف ماليس لك به علم“ الإسراء 36“
حين يسك المحتوى بالبوصلة، ويقزم الإنجاز، ويضخم الهفوة، فاعلم أن المستهدف ليس الخطأ، بل هيبة المؤسسة وأعمدة الوطن. إنه مشروع تزييف الوعي الدفاعي، بما يشبه سيناريو تراجيديا سقوط المعنويات دون طلقة واحدة.
وبدون إسهاب....
فلتحرسوا المنصات كما تحرسون الحدود ،
أيها الشعب الوطني الغيور الذي لم ولن يهزم، أيها الجيش العقائدي العظيم المفعم بجينولوجيا عشق الوطن، الجيش الذي لم يخترق...يا سياج الوطن الساهر ضد عدو سافل سافر، عدو حقود لدوود يسرق الثقة قبل أن يسرق الأرض.
إحذروا ثم إحذروا ثم إحذروا... من مفاهيم مبرمجة تلبس ثوب التنوير، وهي تسوق شرا مؤدلجا.
تفحصوا ” لغة المنشورات “ وافضحوا ” قوالب التأثير النفسي“, ولاتسلموا مفاتيح القلاع الذهنية لمحتوى لانعرف مصدره ولا مموله.
” وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة “ الأنفال 60
والقوة اليوم تبدأ من الوعي
اللهم إشهد أنني قد بلغت
مفكر باحث كاتب سوري في الغربة