كتب الأستاذ حليم خاتون: بين زبّال نيويورك، ومقاول الرياض..
عين علی العدو
كتب الأستاذ حليم خاتون: بين زبّال نيويورك، ومقاول الرياض..
حليم خاتون
10 تشرين الثاني 2020 , 19:50 م
كتب الأستاذ حليم خاتون:   أمس أتحفنا بهاء الدين الحريري بآرائه القيّمة التي لا تُقَدّر بثمن في مقابلة حاوره فيها،  صحافي صهيوني، إسرائيلي.إنهم نفس تلك الطبقة التي تبيع شرفها وكرامتها، لإرضاء ا


كتب الأستاذ حليم خاتون:
 

أمس أتحفنا بهاء الدين الحريري بآرائه القيّمة التي لا تُقَدّر بثمن في مقابلة حاوره فيها،  صحافي صهيوني، إسرائيلي.إنهم نفس تلك الطبقة التي تبيع شرفها وكرامتها، لإرضاء السيد، وتابع السيد.

في مملكة "الخير" تلك، قصص حزينة لمئات الآلاف، وربما الملايين من فقراء العرب، والعالم الذين ذهبوا إلى تلك الديار للعمل من أجل لقمة العيش, الأغلبية الساحقة من هؤلاء، بالكاد يُحَصًلون العيش هذا،  بعد أن يسرق منهم "الكفيل"(المُرابي) ما يستطيع وضع اليد عليه...

ولكن البعض القليل، والقليل جداً، يتوصل إلى الدخول إلى الحلقة الجهنمية لطبقة الطفيليين  التي تسرق عرق الناس وتعبها، فتصبح مثل أسيادها التابعين، بلا قلب ولا رحمة...

وكم من قصص يمكن أن يسردها كل من عاش في تلك البلاد الصحراوية، عن بدايات صعبة ذهب كل جناها إلى جيوب ذلك الكفيل الذي لا يختلف بشيء عن مرابي وليم شكسبير الذي طلب رهن لحم الزبون في حال العجز عن إعادة قرض الربا..

أما بهاء الدين الحريري...فلم يكن من هؤلاء. هو ابن رفيق الحريري، المحاسب، الأستاذ الخصوصي، الذي تفاخر على التلفزيون، أنه كان، في أول سِنِيِّ الغربة، يجول بحذاء مرقّع، قبل أن تفتح له الدنيا أبوابها.

تُذكّرني قصة الحريري الأب، بقصة ذلك الملياردير الذي أجاب في مقابلة تلفزيونية عن قصة نجاحه، حيث قال: 

"كنت صغيراً أجوب الشوارع جائعاً، في ثياب رثّة,  في أحد الأيام، وكنت لم آكل شيئاً منذ يومين، وقفت أمام دكّان بقالة، أطلب من الناس أي شيء آكله لتهدئة وجع الجوع, أشفقت عليّ سيدة رقيقة القلب،واعطتني تفاحة, كان الجوع قد أخذ مني مأخذه، لكني قررت الصبر, مسحت التفاحة، وعرضتها للبيع بشلن إنكليزي. أشفق عليّ أحد المارّة، ودفع شلنا، وترك لي التفاحة. صبرت أكثر وعدت إلى عرض التفاحة، بشلن.. وهكذا أشفق علي رجل آخر، وآخر، وآخر...".

نظر مقدًم البرنامج إلى الملياردير وسأله، وهل هكذا، ومن هذه التجارة الصغيرة بتفاحة أصبحت مليارديرا؟

ابتسم الملياردير، وأجاب:"جاءت الشرطة وأخذتني., سألوني عن اسمي..
نظروا إليّ بدهشة. ثم سألوني عن اسمي الثلاثي... ثم اتصلوا بأحد مكاتب المحاماة الكبيرة.
جاء المحامي... دفع الكفالة... وأخذني إلى فندق فخم حيث قامت سيدة بتحضير حمّام دافىء ....
عاد المحامي بعدها مع ثياب أنيقة من أغلى الماركات، ليخبرني أن لي عمّاً كان زعيمَ كبرى المافيات، قد توفي... وأنني وريثه الوحيد..."

كم تفاحة باع رفيق الحريري، حتى صار من كان، لا أعرف ولكني، ومن كتاب "الأيادي السود"، للأستاذ نجاح واكيم، عرفت أن رفيق الحريري باع ماضيه في حركة القوميين العرب، لبني سعود، وعاد إلى لبنان ليبدأ مشروعاً سياسياً مذهبياً،  طائفياً، هو أبعد ما يكون عن القومية العربية....

أمّا بهاء رفيق الحريري، فقد وُلد، مثل "بعضهم"، وفي فمه ملعقة ذهبية...
لم يتعب.. لم يَشْقَ... ربما لم يبع ولا تفاحة في مشاريعه الكثيرة في بلاد الحجاز وغيرها. لكنه قرّر، أن بعض الخًسة، قد تنفعه في استعادة منصب أبيه الذي ذهب إلى شقيقه الأصغر سعد الدين الحريري، بقرار ملكي سعودي أميريكي.

وبما أنّ ابن سلمان غير راض عن سعد هذه الأيام، وبما أنّ سعد غير مضطر للسير في التذلّل للصهاينة، لماذا لا يقوم هو بهذا، ربما يكون ابن سلمان طلب منه ذلك، بانتظار أن يفعلها هو بنفسه قريباً...ربما....
وربما قرّر فعلها من تلقاء نفسه، طمعا بحظوة عند أولي الأمر...
وأولي الأمر في بلاد شبه الجزيرة، يهمهم من يُحب أبناء عمومتهم مِمَّن لعنهم موسى وعيسى، ومحمد...

أمثال بهاء، يعتقدون أن الغاية تبرِّرالوسيلة.

أليس هو الابن البكر لرفيق الحريري؟

في أحد الأيام فاجأنا فؤاد السنيورة، بأنه رمز القومية العربية، وأنه لا يحتاج لعمل فحص دم كل يوم لإثبات ذلك...
كذلك بهاء... لا يحتاج لعمل فحص دم..

وكذلك وليد جنبلاط.

هل منكم من يتذكر وليد بك جنبلاط... الذي رفع العلم الفرنسي، بُعَيْدَ اغتيال الحريري الأب، مطالباً بتحقيق دولي، ومطالباً بقصف دمشق، قبل أن يتمنى أن يكون زبّالاً في نيويورك، على أن يعيش في لبنان...
إنه وليد جنبلاط نفسه الذي استقبل شيمون بيريز في بيته...

لو كان الأمر بأيدينا، لأوصلناه إلى نيويورك على حسابنا، ووفرّنا على البلد، لصاً من بين مجموعة اللصوص الذين نهبوه ولازالوا، وأحد أصدقاء شيمون بيريز وفيلتمان وهيل وشينكر...

على الأقل، هو يعتقد أنه "صديق" لهم، وليس تابعاً... وكما قال الكاتب بيار أبي صعب: "بعد الذي حصل مع جبران باسيل، بتنا نعرف أنّ من يدّعون صداقة أميركا، ليسوا سوى أتباع...".
نقول هذا، لكي لا نستعمل وصفاً أكثر دقّة، ويليق أكثر بالزبّال، والمقاول، على حدٍّ سواء.

المصدر: مموقع إضاءات الإخباري