زعماء يعانون من الخرف والاكتئاب كانوا قادرين على إطلاق حرب نووية
دراسات و أبحاث
زعماء يعانون من الخرف والاكتئاب كانوا قادرين على إطلاق حرب نووية
4 آب 2025 , 15:54 م

كشفت دراسة صادمة من جامعة أوتاغو في نيوزيلندا أن العديد من زعماء الدول التي تمتلك أسلحة نووية عانوا من مشكلات صحية خطيرة — تتراوح بين الخرف والاكتئاب والجلطات الدماغية وحتى الإدمان — أثناء توليهم مناصبهم، وكان بعضهم في حالة غيبوبة أو يعاني من ضعف إدراكي حاد.

والأخطر من ذلك أن هذه الحالات كانت غالبا مخفية عن الشعوب، مما يثير تساؤلات ملحة حول مدى تأثير هذه الحالات الصحية على قدرتهم في اتخاذ قرارات تتعلق بالسلم أو بالحرب النووية، ويدفع بالدعوة إلى إصلاحات عاجلة مثل تقاسم سلطة إطلاق السلاح النووي، وفحوصات طبية إلزامية، وتقليل جاهزية الإطلاق.

التحقيق في سجلات قادة القوى النووية التسع

أجرى الباحثون مراجعة لسجلات طبية تعود إلى 51 زعيا سابقا من الدول التسع المسلحة نوويا: الصين، فرنسا، الهند، إسرائيل، كوريا الشمالية، باكستان، روسيا، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة.

وتبيّن أن ثمانية منهم توفوا أثناء توليهم الحكم نتيجة أمراض مزمنة، فيما تُوفي خمسة آخرون جراء نوبات قلبية أو جلطات دماغية، كما كان عدد كبير منهم يعاني من أمراض متعددة، من بينها الخرف، اضطرابات الشخصية، الاكتئاب، وإدمان المواد المخدرة أو الكحول.

قاد الدراسة البروفيسور نِك ويلسون من قسم الصحة العامة في جامعة أوتاغو في ويلنغتون، بمشاركة الأستاذ المساعد جورج تومسون، والباحث المستقل الدكتور مات بويد.

أشار ويلسون إلى أن 15 قائدا ممن غادروا مناصبهم وهم على قيد الحياة كانت لديهم مشكلات صحية مؤكدة أو محتملة، وقد تكون لعبت دورا في مغادرتهم السلطة.

شخصيات بارزة تأثرت صحتهم النفسية بأداء مناصبهم

يؤكد البروفيسور ويلسون أن هؤلاء القادة عانوا من ضعف في أدائهم السياسي بسبب حالتهم الصحية. من أبرز الأمثلة:

أرييل شارون، رئيس وزراء إسرائيل السابق، أصيب بجلطة دماغية أدخلته في غيبوبة أثناء وجوده في الحكم.

مناحيم بيغن، رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، انسحب تماما من الحياة العامة في آخر سنة له في المنصب بسبب الاكتئاب الحاد.

ريتشارد نيكسون، الرئيس الأمريكي الأسبق، المعروف بإفراطه في تناول الكحول، حتى أثناء أزمة نووية في الشرق الأوسط.

وأشار ويلسون إلى أن بعض الحالات الصحية كانت سرّية، وتم التستر عليها من قبل الحكومات أو مساعدي القادة.

رؤساء أمريكا وأسرار التشخيص الطبي

مثّلت الولايات المتحدة عددا من الحالات التي تم فيها إخفاء الحالات المرضية عن الرأي العام:

دوايت أيزنهاور: وُصِف نوبة قلبية عام 1955 بأنها مجرد اضطراب هضمي.

جون كينيدي: أُخفيت إصابته بمرض أديسون المزمن، فضلا عن آلام الظهر واعتماده على الستيرويدات والمنشطات.

رونالد ريغان: أُخفيت آثار إصابته بعد محاولة اغتياله عام 1981، كما تم التستر على علامات محتملة للخرف في نهاية ولايته.

أوضح ويلسون أن كينيدي، تحديدا، كان يعاني من تدهور صحي كبير خلال أول عامين من ولايته، وهو ما انعكس على قراراته المصيرية، مثل فشل غزو خليج الخنازير في كوبا وأدائه الضعيف أمام خروتشوف في قمة فيينا.

فرنسا ونيوزيلندا: الزعماء المرضى خلف الكواليس

في فرنسا، بقي الرئيس فرانسوا ميتران في الحكم حتى نهاية ولايته عام 1995 رغم معاناته من سرطان بروستاتا متقدّم كان يُخفى عن الشعب، وبعد أن أقرّ طبيبه أنه لم يعد قادرا على ممارسة مهامه.

وفي نيوزيلندا، أظهرت دراسات سابقة أن أداء أربعة من رؤساء الوزراء كان متأثرا، ثلاثة منهم بأمراض صحية، وواحد، روبرت مولدون، بسبب الإفراط في شرب الكحول.

خطر السلطة النووية المطلقة: حالة الولايات المتحدة

قال ويلسون إن الخطر يزداد في دول مثل الولايات المتحدة، حيث يستطيع الرئيس منفردًا أن يأمر بإطلاق الأسلحة النووية، وهو ما يُعرف بـ"الملكية النووية".

واقترح مجموعة من التدابير للتقليل من هذا الخطر، من بينها:

إزالة الأسلحة النووية من حالة "الاستعداد الفوري".

تبنّي سياسة "عدم البدء باستخدام الأسلحة النووية".

اشتراط موافقة جماعية قبل إطلاق الأسلحة.

تعزيز اتفاقيات نزع السلاح النووي.

دعوات لإصلاح القيادة وفحوصات نفسية إلزامية

دعا البروفيسور ويلسون إلى إدخال إصلاحات في الأنظمة الديمقراطية، مثل تحديد مدد حكم القادة، وتمكين الشعب من المطالبة بإقالة القادة غير المؤهلين، وإجراء تقييمات طبية ونفسية إلزامية قبل وأثناء تولي المنصب.

كما شدد على أهمية دور الإعلام الاستقصائي في كشف حالات الضعف العقلي للقادة.

وأشار إلى أن السياسيين، عموما، يتعرضون لضغوط نفسية عالية، حيث أظهرت دراسة بريطانية أن النواب البرلمانيين أكثر عرضة بنسبة 34٪ لمشاكل الصحة النفسية مقارنة بباقي أصحاب الدخل العالي.

أمن العالم يبدأ من صحة القادة

أوضح ويلسون أن تقليل مستويات التوتر لدى القادة، وتقديم دعم نفسي فعّال، يُعدّ وسيلة مهمة لتعزيز الأمن العالمي ومنع الكوارث الناتجة عن قرارات خاطئة يتخذها قادة غير مؤهلين ذهنيا أو نفسا.