نشرت مجلة Science في يونيو 2012 دراسة علمية غيرت قواعد اللعبة في علم الوراثة، حيث قدمت الباحثتان جينيفر دودنا وإيمانويل شاربانتييه تقنية CRISPR/Cas9 كنظام دقيق لتحرير الجينات ، هذه التقنية تستند إلى آلية طبيعية لدى البكتيريا التي تقطع DNA الفيروسات الغازية وتحمي نفسها منها، في 2020 حصلت الباحثتان على جائزة نوبل للكيمياء تقديراً لهذا الاكتشاف الرائد.
إمكانات تقنية تعديل الجينات اليوم
منذ ذلك الحين، تطورت التقنية لتستخدم في تطوير أدوية جديدة وزراعة أصناف نباتية محسنة، مع وجود أكثر من 100 تجربة سريرية حول العالم لعلاج أمراض وراثية مثل بيتا-ثالاسيميا وفقر الدم المنجلي، مع اعتماد أول دواء في 2023.
التحديات التقنية: لماذا لا تعتبر الحل السحري؟
رغم الدقة الفائقة، يعاني نظام CRISPR/Cas9 من تحديات عدة، منها:
انخفاض كفاءة التحرير: لا تصل دائماً إلى نسبة تضمن التأثير السريري المطلوب.
التأثيرات الجانبية (off-target effects): حيث تحدث تعديلات غير مرغوبة في مواقع أخرى من الجينوم، مما قد يؤدي إلى أمراض مثل السرطان.
محدودية أنظمة توصيل المحرر: لا تستطيع حالياً إيصال نظام التعديل إلى جميع الخلايا المستهدفة بفعالية.
تجارب علمية ورؤى مستقبلية في روسيا
تحدثت د. سفيتلانا سميرنيخينا، رئيسة مختبر تعديل الجينوم في مركز ن. ب. بوتشكوف الطبي-الوراثي، عن بدايات عملها في هذا المجال عام 2016، ومساهمات فريقها في تطوير أكثر من 35 نسخة من أدوات التعديل الجيني، مع التركيز على أمراض وراثية أحادية الجين مثل التليف الكيسي (مشكلة في جين CFTR) وضمور العضلات الدوشيني.
أساليب مبتكرة لعلاج التليف الكيسي وضمور العضلات
تعتمد الأبحاث على استخدام تقنيات متطورة مثل التعديل الأولي (prime editing)، والتي تقلل من مخاطر التعديلات غير المستهدفة وتزيد من دقة التحرير، مع تحقيق نسبة تصحيح تصل إلى 20% في الخلايا.
بالإضافة إلى ذلك، تسعى التجارب إلى تحسين طرق توصيل النظام المعدل إلى خلايا الرئة عن طريق استخدام خلايا نموذجية ومركبات فيروسية وغير فيروسية، مع العمل على تطوير نماذج حيوانية تحمل الجين البشري المُعدل.
نحو دواء وطني لتعديل الجينات
رغم التقدم العلمي، تواجه الأبحاث الروسية تحديات في نقل التكنولوجيا من المختبر إلى السوق، خصوصاً في جذب شركات الأدوية الكبرى وتأمين الأسس القانونية لنقل التقنية وتطوير الأدوية. ومع ذلك، هناك شراكات بدأت في الاستثمار بالمشروع، مما يبشر بإمكانية إنتاج دواء وطني قائم على تعديل الجينات في المستقبل القريب.