حقق علماء من كوريا الجنوبية تقدما رائدا في مجال التقنيات الطبية الحيوية عبر تطوير نماذج ثلاثية الأبعاد لأوعية الدماغ باستخدام الطباعة الحيوية ، قادرة على محاكاة تصلب الشرايين وما يرافقه من اضطرابات في تدفق الدم والالتهابات، تمثل هذه المنصة ابتكارا علميّا قد يحدث تحولا في دراسة الأمراض الدماغية الوعائية مثل تصلب الشرايين والسكتة الدماغية، وتفتح المجال أمام تطوير علاجات شخصية وتجارب ما قبل السريرية أكثر دقة.
نقص النماذج الدقيقة لدراسة أمراض الدماغ
لطالما شكّل غياب نماذج مخبرية دقيقة قادرة على إعادة إنتاج ديناميكية الدم والبيولوجيا المعقدة للدماغ عائقا أمام دراسة الأمراض الدماغية، فالنماذج التقليدية غالبا ما كانت مبسطة للغاية، مما يحول دون فهم العمليات الحيوية الحرجة مثل التهابات البطانة الوعائية، وهي الطبقة الداخلية للأوعية التي تتأثر مباشرة باضطراب تدفق الدم.
طباعة حيوية ثلاثية الأبعاد بأدق التفاصيل
تمكن فريق بحثي بقيادة البروفسور بن سو كيم من جامعة بوسان الوطنية، والبروفسور دون-وو تشو من جامعة بوهان للعلوم والتكنولوجيا (POSTECH)، من تطوير أول نموذج ثلاثي الأبعاد للأوعية الدماغية المتضيقة.
اعتمد العلماء تقنية الطباعة الحيوية المحورية المدمجة، ما أتاح إنشاء قنوات وعائية دقيقة ذات جدران مبرمجة لتقليد حالات التضيق المرضي.
الحبر الحيوي الهجين
اعتمدت التجربة على حبر حيوي مبتكر مكوّن من مزيج فريد:
مصفوفة خارج خلوية منزوعة الخلايا مستخلصة من شريان أورطي خنزيري.
الكولاجين لتعزيز القوة الميكانيكية.
الألجينات للحفاظ على البنية الحيوية.
هذا التكوين أتاح للمجسمات المطبوعة توفير إشارات بيولوجية ضرورية لبقاء الخلايا البطانية البشرية ونموها بشكل طبيعي، مما جعل النماذج أقرب ما يكون إلى الأوعية الحقيقية.
تدفق دم مرضي وواقعية بيولوجية
بعد زراعة الخلايا البشرية داخل النماذج، أكد الباحثون أن النظام أعاد إنتاج أنماط تدفق الدم المضطرب والمتقلب المرتبطة بتكون اللويحات الأثرية، كما أظهر التحليل أن الخلايا البطانية شكّلت حاجزا وظيفيا متكاملا يحتوي على جميع البروتينات الأساسية.
الأهم من ذلك، أن النماذج أظهرت تنشيطا قويّا للمؤشرات الالتهابية تحت ظروف تدفق الدم المضطرب، ما يعكس بدقة الميكانيكية الحقيقية لتطور تصلب الشرايين في جسم الإنسان.
من التشخيص إلى العلاج الشخصي
يمثل هذا الابتكار نقلة نوعية في أبحاث الدماغ، إذ يوفر أداة دقيقة لدراسة السكتة الدماغية وتصلب الشرايين، وهما من أبرز أسباب الوفيات عالميًا. كما يمكن لهذه النماذج أن تساهم في:
اختبار أدوية جديدة قبل التجارب السريرية.
تطوير استراتيجيات علاجية مخصصة حسب استجابة الأوعية لكل مريض.
تحسين فهم التفاعلات بين تدفق الدم والالتهابات على المستوى الخلوي.
يأتي هذا الإنجاز بعد إعلان باحثين روس عن تطوير اختبار تشخيصي جديد لتحديد تصلب الشرايين يساعد في تقييم "العمر البيولوجي" للأوعية الدموية وتسريع التشخيص المبكر.