عدنان علامه - عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
المقدمة:
لم تعد ممارسات دونالد ترامب مجرّد تجاوزات سياسية، بل ارتقت إلى مستوى الجرائم الدولية المهدِّدة للسلم والأمن العالميين. فإعلانه أنه "في مهمة من الله"، واعتداءه على إيران، وتحريضه على الاستيلاء على غزة، وفرضه عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، كلها تشكّل خروقات فاضحة لميثاق الأمم المتحدة ونظام روما الأساسي واتفاقيات جنيف.
وإن ترامب، باضطرابه النرجسي وجنون عظمته، يمثّل خطرًا داهمًا على البشرية، ويستوجب محاكمة دولية عاجلة وتدابير وقائية داخلية، كي لا يصبح العالم رهينة نزوات رجل يرى نفسه فوق الدستور والقانون.
أولًا: جريمة العدوان على إيران
قام ترامب بإصدار أوامر عسكرية بالاعتداء على منشآت نووية إيرانية دون وجه، رغم أن إيران دولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة.
فهذا الفعل يشكّل خرقًا للمادة (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة التي تحظر التهديد أو استخدام القوة ضد سلامة أراضي أو استقلال أي دولة. كما ينطبق على أفعاله توصيف "جريمة العدوان" وفق المادة (8 مكرّر) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
ثانيًا: تقويض القضاء الدولي
فرض ترامب عقوبات على قضاة وأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية لمجرد مباشرتهم التحقيق في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. هذا الإجراء يتعارض مع مبدأ استقلال القضاء الدولي، ويُعد عرقلة للعدالة الدولية.
ثالثًا: تستر على جرائم ضد الإنسانية
التقارير عن إطلاق ترامب سراح مسؤولين أمنييو إسرائيليين متورطين في اعتداءات جنسية على أطفال؛ تمثل تسترًا على جريمة ضد الإنسانية، وهو ما يخالف الالتزامات الدولية بموجب اتفاقية حقوق الطفل (1989) والمادة (7) من نظام روما الأساسي.
رابعًا: تهديد السلم والأمن الدوليين
إعلان ترامب العلني عن نيته الاستيلاء على غزة (منذ 6 أشهر) ، ومجاهرته بدعم المجازر في غزة وجنوب لبنان، يُظهر نية صريحة للتحريض على إبادة جماعية مخالفة للمادة (3/ج) من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948. كما أن هذا السلوك يدخل ضمن نطاق المادة (39) من ميثاق الأمم المتحدة، التي تُخول مجلس الأمن توصيف أفعاله كتهديد للسلم والأمن الدوليين.
خامسًا: خرق للدستور الأمريكي ذاته
إقالة ترامب لمسؤولين أمنيين واستخباريين، فقط لأنهم أعدّوا تقارير حول خسائر العمليات ضد إيران، يمثّل تجاوزًا لمبدأ فصل السلطات والرقابة والمساءلة المنصوص عليها في الدستور الأمريكي، ويقوّض التزام الولايات المتحدة بمبادئ الديمقراطية التي تمثل أساس شرعيتها الدولية.
خاتمة
إن السلوكيات الصادرة عن ترامب ليست مجرد نزعات فردية، بل هي جرائم ذات طابع دولي. ويقتضي القانون الدولي:
1. فتح تحقيق دولي بموجب نظام روما الأساسي.
2. تدخل مجلس الأمن لتوصيفه كخطر على السلم والأمن الدوليين.
3. إجراءات داخلية أمريكية أبرزها إخضاعه لفحص نفسي وحجر صحي سلوكي.
وإنّ غدًا لناظره قريب
24 آب/ أغسطس 2025
?الملحق القانوني
? ميثاق الأمم المتحدة
المادة (2/4): "يمتنع جميع أعضاء الهيئة في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة."
المادة (39): "لمجلس الأمن أن يقرر ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان عمل من أعمال العدوان، وله أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقًا للمادتين 41 و42 لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه."
المادة (25): "يتعهد أعضاء الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفق هذا الميثاق."
? نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (1998)
المادة (7): "يشكل أي من الأفعال التالية جريمة ضد الإنسانية متى ارتكبت في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجّه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين، مثل: الاستعباد الجنسي، والاغتصاب، والاضطهاد."
المادة (8 مكرّر): "جريمة العدوان تعني تخطيط أو إعداد أو شروع أو تنفيذ من قبل شخص في موقع يمكنه من ممارسة السيطرة على عمل سياسي أو عسكري لدولة، لعمل عدواني يشكل انتهاكًا واضحًا لميثاق الأمم المتحدة."
? اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية (1948)
المادة (3/ج): "يعاقب على التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية."
? اتفاقية حقوق الطفل (1989)
المادة (19/1): "تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية، بما في ذلك الإساءة الجنسية."