عبد الحميد كناكري خوجة: ”بين الإرهاب المأجور... وصمود غزة الأسطور.
مقالات
عبد الحميد كناكري خوجة: ”بين الإرهاب المأجور... وصمود غزة الأسطور." ,” شعاع الوعي...وظلال الضلال."


في قلب الزمن المتذبذب، وعلى مفترق الأرواح والعقول، يولد الوعي كالشعاع الذي يخترق قلب الديجور، يهزم ظل الضلال. حيث يصبح الفكر سلاحا، والحق ضياءا، والحرية شعورا لايقهر، تقف الإنسانية على أعتاب تجربة وجودية، بين النور والظلام، بين الإستنارة والضياع، بين الكرامة الميتافيزيقية والمهانة المادية. هنا حيث تلتقي الرمزية بالملموس، وتتصافح الفلسفة مع الواقع، يتجلى دور القيم والأخلاق ويصنع العقل المدروس فرقا بين الضلال الملموس، والإيمان الراشد.

إنها دعوة لكل قلب حي، لكل روح ظمآنة لتنهل من ينبوع العدالة، لكل عقل متقد بالحرية، أن يرسم طريقه على جغرافيا الحق، وأن يرفع شعاعه عاليا، ليضيئ على من يتربص بالإنسانية، وعلى كل من يبيع ضميره، وعلى كل من يقف صامتا أمام ظلم الإحتلال والعدوان. وكما أن الضوء يكسر عتمة الليل، والوعي والتفكر والابداع والإرادة الصادقة تقف حصنا للحق، وسيفا في وجه الظلم، ورماحا على أوصال الظلام والجهل والفوضى.

لسنا من عشاق الوغى، لكننا نواجه عدو طغى وبغى، مستعمر سلب أرضنا وانتهك عرضنا وقتل وسرق وهجر وشرد ودمر....لم ولن نكن قط معتدين، لسنا هواة تدمير، بل ندفع موجات القتل والتدمير عن رضعنا وركعنا ورتعنا. نحمل باقات الزهور والورود الفواحة برائحة عطر السلام والحب والوئام والأمن والأمان للعالم. سلاما للإنسانية التي نسعى لسلامتها وديمومتها، نحمل الأمل للأفئدة الجائعة للعدالة. نعشق الحرية والإذدهار والابداع، والتطور بجميع أشكاله، فكل فكرة نيرة، وكل علم متقد، وكل ابتكار متجدد، أقوى من أي رصاصة، وأشد وقعا من أي تهديد. ورماح الإستنارة والمقاومة، وسهام العدالة المستنيرة، وأضلاع الحق الصارمة، أدواتنا في نبذ الظلام، ووئد الفوضى وغرس يقظة الشعوب في كل قلب حي.

نحن صانعو فجر ينبلج من بين أنين الجراح، نمتزج فيها الميتافيزيقي بالواقعي، والرمزي بالملموس، وسهام الإستنارة بالمقاومة، حيث يصبح الدفاع عن الوطن مشروعا فلسفيا واستراتيجيا، وفعل الحق أسمى من أي انتقام، والعقل المدروس أرفع من أي سلاح ناري...

المحتل الغاصب مبتدع جينالوجيا الإجرام وديالتيك التضليل، يزرع الفوضى الخلاقة باسم عقيدة مزورة، ويحيك الأزمات عبر بيادق العملاء الخونة، من هم باعوا نخوتهم وشرفهم وضمائرهم، متفرجين على إجرامهم بحق شعب قطاع العزة، متوهمين أن الصمت يبرر الظلم. لكن إستراتيجية الشعوب التحررية الواعية تحول الغضب إلى قوة والعدوان إلى ميثاق كرامة لايقهر وسيف على أيدي المستهترين بالمقدسات الإنسانية، ورماح الإنصاف المتقدة على وجه الظلام، وسهام الإستنارة المتقدة على أوصال الجهل والفوضى.

أما حركات التكفير المتأسلمة المتطرفة التي تصنعها وتوجهها إستخبارات دول استعمارية، فهي تقف موقف المتفرج، تراقب الدماء والفواجع في غزة، متفرجين بإجرام الغاصب متلذذين متشفين بتشويههم وتلطيخهم لسمعة وصورة المقاومة المطالبة بالتحرر. متجاهلين القانون الإنساني والحق الشرعي للدفاع عن الشعب المظلوم. هذه الحركات العميلة، المصممة لتدمير الدول وتحطيم مؤسساتها العسكرية وإرهاب شعوبها تدريجيا، أصبحت الذراع الأسود للمحتل واليد الخفية التي تزرع الفرقة وتؤجج الطائفية، وتبيع العقيدة والأمة في بورصات الفتنة والخراب. لكننا بعزم لايلين، وبفكر مضيئ نحول هذا الظلام إلى قوة، ونرد الظلم بالوعي، والقتل الفكري بالعلم، والخراب بالأمل والإبداع... الإرهاب الإسلامي الدموي المتطرف صناعة إستعمارية، والفكر التكفيري الأصولي إمتداد للذراع الأسود للمحتل، وفتنة الدم تجارة إبليسية رابحة على حساب الشعوب. ونحن ندفع قطعان وأمواج الإرهاب التكفيري ليس في منطقتنا فقط، بل عن العالم أجمع، بالفكر، بالتربية، بالوعي، بالإبداع والإبتكار، وبسيوف الإنصاف المستنيرة وأضلاع الحق الصارمة التي تلاحق كل معتد وظالم حتى يذوق العدل ألقه ويذعن للحق سلطانه.

سنبقى نستل من غمد العزم سيف يوقد جذوة الإستقلال، ونرفع راية الحق مادام هناك محتل غاصب يعبث بالأرض، يدنس الأقصى و يستهتر بمهد نبي الإنسانية، نبي المحبة، يسوع المسيح عليه و على أمه السلام.

ومازالت وستبقى الأفئدة ترفض أن تنتزع قداسة الدفاع عن الأرض والعرض والمستقبل، ونحذر كل من باع ضميره أو وقف ويقف شامتا أمام المأساة، فاليقظة الفكرية والمقاومة الثقافية الناعمة، هما الدرع، والعزم الصادق هو السيف، وكل رصاصة فكرية، وكل فكرة مضيئة، وكل سلاح ثقافي، هو صرخة الحرية لكل شعوب المعمورة، ولأمة لاتعرف الإنكسار. ” ولتعلموا أن لكل خائن بضاعة، ولكل عميل طبع، وأن الضمير المبيع لن يجد مأوى أمام سهام الحقيقة، فالعدالة الفكرية ستلاحق كل بائع للنخوة، وكل متفرج على الخراب، حتى يسقط القناع، وتتساقط أوراق التوت التي تستر عورات أولائك المضللين الضالين المجردين من النواميس، وتنكشف الوصمة، وأية وصمة!!! إنها وصمة الذل والهوان والعار...

(مفكر كاتب محلل وإعلامي سابق في الغربة)