كتب المناضل الفلسطيني رجا اغبارية:
·
قبل قليل انهى نتنياهو خطابه في الكنيست الصهيوني حول اقرار الاتفاق مع البحرين . وقد سرد العلاقات العلنية والسرية, ألاهم كما قال ، في الماضي والحاضر وتوقع ما سيحصل في المستقبل .
شرح نظرية السلام مقابل سلام مع الدول العربية التي انتصرت على سياسة السلام الفلسطينية الرسمية ل م ت ف التي تمخض عنها اتفاق اوسلو الكارثي ، وسياسة(مبادرة) السلام العربية ، سلام مع م ت ف والشعب الفلسطيني ، سيفتح السلام على مصراعيه مع الدول العربية ...
لقد صدق نتنياهو بكل تشخيص قاله . فمن يدخل مسار الاعتراف بشرعية اسرائيل حتى بحدود ٦٧ كما فنده نتنياهو ، عليه ان يعرف ان ديناميكية هذا المسار ، كما كل مسار آخر مشابه او مناقض ، ستتغير مع تغيير موازين القوى وتغيير انظمة مؤثرة مثل امريكا وروسيا والصين او اوروبا مجتمعة ، او حتى تغيير في النظام المصري ، مثل السادات الذي غير مجرى الصراع مع الصهيونية في المنطقة وانظمة عديدة اخرى بالمنطقة مثل ايران والعراق وغيرها . لقد حول السادات دول الطوق للتحرير الى دول سلام مع اسرائيل، وغير الخميني نظام العمالة لاسرائيل الى نظام معادي حتى اليوم ، ومتمسك بالحق الفلسطيني كاملاً على كامل ارض وطنه .
كما قلب ترامب الموازين بشكل فظيع ومهد طريق الركوع لأنظمة العمالة العربية التي اقامت سراً علاقات مع دولة الكيان الصهيوني اليهودية واخرجها من جحورها ، واتوقع ان يبدأ بايدن من حيث انتهى ترامب دون اي تراجع بما يتعلق بالدول العربية ، فهو ورئيسه السابق اوباما حسين اصحاب نظرية وممارسة "الربيع العربي" الذي استكمل نظرية "الفوضى الخلاقة" التي بدأ بها النظام الجمهوري الذي سبقه ، حيث احتل افغانستان والعراق مباشرة ، واستبدل ذلك اوباما وبايدن بالحرب بالنيابة (عرب يقتلون عرباً باسم الديمقراطية وحقوق الانسان والتفرقة الدينية ) ، وهي برأيي الحرب الاخطر ، التي تستمر حتى اليوم ، والتي كان احدى ثمارها ، اتفاقات السلام او الهرولة والتطبيع والاستدوال كما يسميها عادل سمارة ، الجارية حالياً .
اذن كل خطاب نتنياهو اليوم كان صحيحاً على ارض الواقع ، اي عقد اتفاقيات "سلام وتطبيع " مع الدول العربية المعلنة والتي ما تزال مختبئة ، مع انها معروفه، وتطويق عملية السلام الفلسطينية ، التي اشترطت السلام مع الدول العربية بدون سلام مع السلطة الفلسطينية ، وقد نجح نتنياهو بذلك ، متوجهاً لجماعة المشتركة ، ان الفلسطينيين سيخضعون عاجلاً ام آجلاً لمعادلة السلام الليكودية .
سمعت صراخ وخطابات ديماغوجية بالعربية والعبرية من المشتركه فيها كثير من الكلام غير الموضوعي وغير العلمي ينطلق من برامجهم السياسية المتأسرلة ، مفاده انه " لا يهم اذا عقدتم اتفاقات سلام مع كل الدول العربية ، فبدون سلام مع الشعب الفلسطيني ، هذا ليس سلاماً ، وهم يقصدون بالضفة والقطاع- حدود ٦٧ التي نفاها وفندها نتنياهو ، يعني مع سلطة محمود عباس ومنظمته التي اسست للاعتراف باسرائيل ، وفتحت المجال على مصراعيه للموجة الجديدة للتبعية والاستدوال العربية ، لاسرائيل ، عندما تغيرت الظروف وساد الانحطاط الوطني في القضية الفلسطينية والعربية ، بشكل عام ، لقد فشلتم ومبرراتكم هشة لا شيء يدعمها في الواقع ...
نتنياهو قال لجماعة المسار الثاني ، المشتركه والسلطة والدول العربية ، انتهى مساركم ، ونجح المسار الاسرائيلي امريكي ، الذي استبدل لاءات الخرطوم الثلاث ، بقبول شامل مقابل سلام شامل ، وبدون الشعب الفلسطيني ، الذي صوت لمن بدأ بعملية الاختراق الجدية التي اعطت لمسار نتنياهو ، "سلام مقابل سلام" ، الضوء الاخضر والانتصار .
هذه حقيقة تتنفذ امام اعيننا ولا نرى الجماهير العربية تخرج الى الشوارع من المحيط الى الخليج . هذا لا يعني ان هذه الشعوب موافقة او تؤيد هذه الاتفاقيات ، بل هي شعوب مغلوب على امرها ، تنتظر قوى جديدة تعلمت من اخطاء اسلافها ، تماماً كما الشعب الفلسطيني ، الأمر الذي يسوغ انشاء قوى ثورية بديلة في فلسطين وكل العالم العربي . قوى تضرب انظمة العمالة الحاضنة لاسرائيل وامريكا او العكس. لقد اصبحت مقولة جورج حبش التاريخية ، " اننا بحاجة لهانوي عربية من أجل تحرير فلسطين " ، كذلك مقولة وديع حداد " وراء العدو في كل مكان " ، اصبحتا مقولات لها ما يبررها على ارض الواقع المأساوي السائد حالياً .
القوى الثورية تنشأ بعد الهزائم وليس بعد الانتصارات .
لهذه القوى الجديدة يوجد موضوعياً سند قائم وهو محور المقاومة او كل الدول التي تناهض الامبريالية الامريكية من المركز حتى الاطراف .
فالواقع المرفوض ، المعادي للشعب الفلسطيني والشعوب العربية وكل قوى التحرر من الاستعمار في بوليفيا واميركا اللاتينية وايران وسوريا وروسيا والصين وفلسطين وغيرها ، يحض على التحرك لقلب الواقع وموازين القوى .
على القوى الشريفة الانسحاب من مسار السلام الاول والثاني والانضمام الى القوى والشعوب المصممة على الحرية ، مهما كان الثمن ، لأن الاستعمار على كل اشكاله ومساراته يجدد نفسه دائماً من اجل ديمومة سيطرته على الشعوب عامة وعلى حقها بالاستقلال والحرية والحياة الكريمة، ولا يهمه الا مصالحه الاقتصادية والسياسية .
بعد الشدة يأتي الفرج وبعد الليل يبزغ الفجر .
سيبزغ فجر الشعب الفلسطيني مهما طال الليل .
على كل قوى الثورة ان تبدأ من جديد ومن المربع الاول ، هذا قدرنا !