بقلم: الإعلامية والباحثة في الشؤون السياسية والإقليمية
بدور الديلمي
ليس هناك ما هو أبلغ من دم الشهيد وهو يكتب بمداده تاريخ الوطن. في اليمن، لم يكن الشهداء مجرد ضحايا حروب أو أرقاماً في قوائم رسمية؛ بل كانوا مشروع حياة لوطن يُراد له أن يبقى ضعيفاً خاضعاً للهيمنة الخارجية. بدمائهم، أوقفوا عجلة الانكسار، وحوّلوا ركام العدوان إلى إرادة بناء، وفتحوا أمام اليمنيين دروباً من الكرامة والعزة.
شهداء حكومة التغيير والبناء، ومعهم جميع الشهداء في مختلف الميادين، هم حجر الأساس لمشروع وطني حقيقي. مشروع لا يكتفي بترميم ما دمّره العدوان، بل يسعى لبناء دولة سيادة لا تقبل بالوصاية، ولا تخضع للإملاءات الأجنبية، ولا تساوم على كرامة اليمني وحقه في الحرية.
إن كل شهيد صعد إلى السماء، ترك وصية واضحة: أن لا يُترك اليمن لقمة سائغة لأطماع الخارج، ولا رهينة لمشاريع التفتيت والتجزئة. دماؤهم كانت ولا تزال إعلاناً صارخاً بأن زمن الاستسلام قد انتهى، وأن عهد الوعي والمقاومة قد بدأ.
اليوم، ونحن نعيش أخطر مراحل الصراع، حيث تتكالب قوى الاحتلال الإسرائيلي وأدواته في المنطقة، يصبح لزاماً علينا أن نحمل راية الشهداء بوعي سياسي عميق، لا بالشعارات وحدها. الوفاء للشهداء يعني بناء دولة مؤسسات قوية، واقتصاد مستقل، وإعلام وطني يفضح العملاء ويكشف خيوط المؤامرة. الوفاء يعني أن نصطف صفاً واحداً لمواجهة العدو الحقيقي الذي يستهدف اليمن أرضاً وشعباً وهويةً.
إن دماء الشهداء ليست للتجارة السياسية ولا للاستهلاك الإعلامي، بل هي عهد مكتوب بالدم على أن اليمن سيظل عصيّاً على الانكسار. من لم يفهم هذه الرسالة، فليقرأ جيداً كيف حوّلت التضحيات المستحيل إلى واقع، وكيف صارت دماء الأحرار وقوداً لتحولات كبرى في مسار الأمة.
سيظل الشهداء هم البوصلة التي لا تنحرف، والصوت الذي لا يخفت. بهم، ينهض اليمن من تحت الركام، ويشق طريقه نحو مستقبل لا مكان فيه للتبعية، ولا مقعد فيه للمتخاذلين.
سلام على كل شهيد ارتقى، سلام على منار الطريق، وسلام على اليمن وهو يمضي، رغم الجراح، إلى غده المشرق بالتغيير والبناء.
✍️ الإعلامية والباحثة في الشؤون السياسية والإقليمية
بدور الديلمي