عبد الحميد كناكري خوجة: ظلام الظلم والظالم...وصراع النور والعالم.
مقالات
عبد الحميد كناكري خوجة: ظلام الظلم والظالم...وصراع النور والعالم.


في زمن تتداخل فيه خيوط الليل والنهار، وتتشابك فيه خيانة الداخل مع عدوان الخارج، يغدو الحق بحاجة إلى منبر يصدح، وكلمة حق تفضح، وقلم يعري. ومابين ظلام التكفير ونور المقاومة، تنبثق الحقيقة ناصعة رغم كل محاولات الكم.

حين يكتسي المشهد بعباءة السواد، ويتمدد ظلام الظلم متسربا إلى القلوب والعقول، يظهر الظالم كظل مشوه يسعى لإطفاء نور الحق، لكن، ( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره) التوبة:32

إنه صراع يتجاوز الجغرافية ليمس الأنطولوجية ذاتها: صراع بين النور والظلام، بين الحرية والعبودية، بين الوعي والتحنيط العقائدي، هنا يتجلى الوجه الآخر للفكر الوهابي التكفيري، ذاك الذي صنع في معامل الإستعمار، وغذي بسموم الأجندات الامبيريالية_ الصهيوأمريكية، حتى صار كلب حراسة لأسياده، يهاجم شعوب الصمود والتصدي والممانعة، ويوجه خنجره المسموم الى صدور المقاومين، بدل أن يرفع بندقيته في وجه المحتل الصهيوني.

يحرض على التفجير في الأسواق والمساجد والكنائس، لكنه يخرس ويصمت عن الصواريخ التي تنتزع عيون وأدمغة وتمزق أجسام أطفال ونساء غزة.

يكفر المقاوم في الجنوب، ويبارك للمحتل في الشمال. يسرق خيرات العراق. ويغتصب نساء سورية، ويفجر مساجد اليمن، بينما ينثر أسياده الدولارات فوقه كما تنثر الفتات على كلاب الصيد.

إنها جينالوجيا الخراب، حيث يتوارثون ثقافة التكفير كما يتوارثون عبودية العرش. لقد لطخوا سمعة المشايخ الصادقين. شوهوا صورة الإسلام الرحماني، وصاروا المدافع الأول عن الصهاينة بلسان وبندقية، وإن تزينوا بلبوس الدين.

لكن، وللإنصاف، فإن حكومة البيت العتيق قد تنبئت أخيرا إلى خطورة هذا المسار الدموي، فتخلت عنه ونبذته، وبدأت رحلة تصحيح تنقذ الإسلام الوسطي الحنيف من بين أنياب التسويق. خطوة تحسب لها في مسار الاعتبار لدين الإسلام، دين الرحمة لا التكفير، دين الوسطية لا الإقصاء.

ومع ذلك يبقى العالم برغم الظلام، ينهض بنوره. فالمقاوم في غزة، والمجاهد في اليمن والمقاتل المغوار في الجنوب اللبناني المدافع عن كامل التراب الوطني اللبناني، والمرابط في الأقصى، والمقاومة الوطنية السورية القادمة لتحرير تراب الجنوب السوري من المحتل الغاصب. جميعهم ينحتون نورا في جدار الليل. هؤلاء الشهود على أن الحق لايدفن، وأن الظلم ساعة، والحق إلى قيام الساعة.

فليعلم الظالمون أن ظلامهم إلى زوال، وأن شمس النور لاتحجب بعباءة ليل ولا بدخان تفجير. سيظل الأقصى شاهدا، وغزة مقاومة، واليمن متأهبا.

أما الوهابية التكفيرية الإرهابية، فهي وإن تشبعت بذهب الريع ودماء الأبرياء، ستبقى أداة عمياء في يد المستعمر. تحفر قبرها بيدها وهي تظن أنها تحمي عرشها.

وهكذا يبقى الصراع قائما؛ ظلام الظلم والظالم في كفة، ونور المقاومة والعالم في الكفة الأخرى. والميزان في نهاية المطاف لايخطئ، (ونضع الموازين بالقسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا) الأنبياء:47

مفكر حر، كاتب أديب وإعلامي سوري سابق في الغربة.