طور علماء من معهد جيوكيمياء العناصر النادرة (ГЕОХИ РАН) في روسيا طريقة مبتكرة للكشف عن آثار المعادن في المحاليل بدقة غير مسبوقة. تعتمد هذه التقنية الجديدة على الجمع بين الميكرو-استخلاص بالقطرة وتقنية التحلل/التأين بالليزر، ما يسمح برصد عناصر مثل النحاس، الموليبدينوم، الفضة، البلاديوم، البلاتين والذهب عند مستويات ضئيلة تصل إلى أجزاء من التريليون من الغرام.
في مجال الكيمياء التحليلية، تمثل القدرة على تحديد مثل هذه الكميات الدقيقة من المعادن تحدياً كبيراً، وغالباً ما تكون نتائج القياسات على حافة حدود قدرات الأجهزة. إلا أن هذا النهج الجديد جعل العملية أكثر دقة وسهولة.
- آلية عمل الطريقة المبتكرة
تعمل الطريقة ببساطة على النحو التالي: يتم إسقاط قطرة صغيرة من مذيب عضوي في أنبوب يحوي محلولاً مائياً، فتقوم هذه القطرة بدور "مغناطيس" يجذب أيونات المعادن، حيث يشكل المذيب بداخلها مركبات قوية مع المعادن المستهدفة مثل النحاس أو البلاتين، بعد بضع دقائق تُسحب القطرة وتُنقل إلى ركيزة خاصة، ثم يُسلّط عليها شعاع ليزر يحول هذه المركبات إلى أيونات يتم التقاطها بواسطة جهاز مطياف الكتلة بحساسية فائقة.
- اختبار الطريقة المبتكرة
وقد اختبر العلماء الطريقة على ستة عناصر: النحاس (Cu)، الموليبدينوم (Mo)، الفضة (Ag)، البلاديوم (Pd)، البلاتين (Pt) والذهب (Au)، وبعد سلسلة من التجارب، حددوا الظروف المثلى مثل نوع المذيب، حجم القطرة، وتركيز الكاشف. وكانت أفضل النتائج باستخدام مركبي الدتزون وثنائي إيثيل ثيوكاربامات في رباعي كلوريد الكربون، بحجم قطرة لا يتجاوز 3 ميكرولتر فقط. هذه المعايير سمحت بالحصول على نسب تركيز تصل إلى 10³، مع حدود كشف متناهية الصغر بلغت 0.2 – 10 بيكوغرام/مل (أي أجزاء تريليونية من الغرام).
- ميزات الطريقة المبتكرة
الميزة الأبرز لهذه التقنية تكمن في عمليتها العالية؛ فهي لا تتطلب أجهزة خاصة، بل تتوافق مع أجهزة مطياف الكتلة التجارية المتوفرة في المختبرات. كما أنها تحتاج إلى كميات ضئيلة جداً من المذيب، مما يجعلها مثالية للتطبيقات العملية مثل:
مراقبة تلوث المياه بالمعادن الثقيلة،
تحليل جودة وسلامة الأغذية،
إجراء الدراسات الجيوكيميائية.
هذا الإنجاز العلمي يمثل نقلة نوعية في مجال الكيمياء التحليلية، حيث يفتح الباب أمام استكشاف عالم مجهري من آثار المعادن لم يكن بالإمكان رصده سابقاً.