اعتُبر كوكب المريخ كوكبا جافا وباردا، وظلت مسألة وجود الماء فيه محل جدل طويل، لكن ظهور سحابة بيضاء هائلة، يبلغ طولها نحو 1800 كيلومتر، فوق بركان "أرسيا مونـس" كل عام، أثار حيرة العلماء على مدى سنوات، حتى أن النماذج الحاسوبية لم تتمكن من تفسير هذا اللغز الفريد.

بركان أرسيا مونـس على سطح المريخ

بركان أرسيا مونـس، أحد أكبر البراكين على سطح المريخ ، أصبح محور تساؤلات علمية مكثفة، إذ أظهرت الحسابات أن أي عملية معروفة في الغلاف الجوي لا يمكن أن تفسر امتداد هذا الشريط الأبيض العملاق.

سحابة عملاقة على سطح المريخ

غير أن فريقا علميا بقيادة خورخي إيرنانديز بيرنال من جامعة السوربون قدّم تفسيرا جديدا ومفاجئا، ووفقا لنتائج دراستهم، فإن الغلاف الجوي للمريخ قد يحتوي على كمية من بخار الماء أكثر مما كان يُعتقد سابقا.

سر الظاهرة: "التكاثف الفائق" لبخار الماء

أظهرت النماذج أن السحابة تتشكل عندما تصل مستويات الرطوبة في الجو إلى حالة تُعرف باسم "التشبع الفائق"، حيث يتكاثف بخار الماء من تلقاء نفسه دون الحاجة إلى وجود جزيئات غبار أو شوائب لتجميع قطرات الماء، هذه العملية تسمى "النواة المتجانسة"، وكان يُعتقد سابقًا أنها مستحيلة الحدوث في الظروف الجوية للمريخ.

لكن البيانات الجديدة بيّنت أن الهواء في بعض مناطق المريخ يصل إلى درجة من التشبع بالرطوبة تسمح بحدوث هذا التكاثف تلقائيًا. وبهذا التفسير، تمكن العلماء لأول مرة من إعادة إنتاج الظاهرة عبر النماذج الحاسوبية، موضحين كيف تتشكل السحابة البيضاء الدقيقة وتمتد كذيل طويل خلف البركان.

أهمية الاكتشاف

هذا الاكتشاف لا يفسر فقط ظاهرة بصرية فريدة على سطح الكوكب الأحمر، بل يعيد أيضا النظر في فهمنا لخصائص غلافه الجوي، وإمكاناته في احتضان الماء، ما قد يحمل تأثيرات كبيرة على دراسات استكشاف المريخ مستقبلاً.