٢٣/٩/٢٠٢٥
كتب الدكتور ميخائيل عوض:
١
ليستْ مصادفةً أنْ يتقاطعَ كلامُ توماس براك مع كلامِ نتنياهو، واستخدامُهما نفسَ العباراتِ:
"يجبُ قطعُ رأسِ وتدميرُ محورِ المقاومةِ، لبنانَ وإيرانَ".
الحربُ مستمرةٌ حتى يخرجَ إمّا منتصرٌ أو مستسلمٌ.
حربُ الحدودِ للتفاوضِ، والحربُ سيخرجُ منها منتصرٌ ومستسلمٌ.
براك؛ كان واضحًا بلا التباسٍ ولا يحتاجُ إلى تفسيرٍ ومفسّرين:
"حزبُ اللهِ لن يسلّمَ سلاحَه/ الجيشُ منظَّمٌ لكنَّه لا يملكُ القدراتِ ولن نُسلّحه/ الحكومةُ تُناورُ ولا تفعلُ شيئًا/ الأموالُ تصلُ للحزبِ وأعادَ تنظيمَ نفسَه/ سنقطعُ رأسَ الأفعى".
قالها: "سنقطع"، أي إنّه وترمب وأمريكا شركاءُ، بل يقودون.
٢
الحكومةُ تُناور. والجيشُ عاجز. والحزبُ أَمنَ تمويلًا ويتحضّر ولن يسلّم سلاحَه.
هذا يعني أنّ العاصفةَ والحملةَ التي بشّر بها نتنياهو، زاعمًا أنّ العامَ العبريَّ الجديد سيشهدُ تحقيقَ أهدافِ الحرب، وسيكونُ عامَ سيادةِ إسرائيل، كلامٌ لا يحتاجُ إلى مفسّرين وتفسير.
التنبيهُ الحاد: أنّ العامَ العبريَّ بدأ اليوم، ونتنياهو قال "العامَ العبريَّ الجديد" وليس الميلادي، أي أنّ العدَّ العكسيَّ يجبُ أن يبدأَ اليوم.
٣
إسرائيلُ أعلنتْ تعبئةً عامةً واستنفارًا أقصى لقواتِها، وحشدتْ على الحدود، وصنّفتْ لبنانَ وسوريةَ وغزةَ "هجوم"، والضفةَ "هجومٌ ودفاع".
الاستعداداتُ اكتملتْ، وحملةُ الدبلوماسيةِ استُنفدتْ، واختبارُ فرص وخططِ استخدامِ الجيشِ والدولةِ اللبنانية، وحملاتُ التهويلِ لم تنفعْ، وتاليًا دقّتْ عند براك ونتنياهو ساعةُ العملِ المباشر. وفي كلامِ براك تحديدٌ واضحٌ للأهدافِ التي ستكون.
٤
الجيشُ وثكناتُه وانتشارُه، والبنى التحتيةُ. فالدولةُ لم تعدْ عُدّةَ عملٍ يُعتمدُ عليها. وحزبُ اللهِ ومناطقه وحلفاؤه.
قد تبدأُ العمليةُ في أيّ لحظةٍ بتنسيقِ نيرانٍ وأعمالِ اغتيالاتٍ، ولا تستثني منطقةً أو تُعطي وقتًا لإعادةِ التنظيم.
الخطةُ الجاري تنفيذُها: لبنانُ كسورية، تدميرُ الجيشِ والسلطاتِ والمؤسساتِ وحلُّ الدولةِ وتركُها ليتسلّقَ قيادةَ لبنانَ شبيهٌ للجولاني، فقد ثبت أنّه أفضلُ وصفة.
من "جولاني لبنان"؟
وهل يصحُّ ما صار في سوريةَ على قياسِ لبنان؟
٥
غزةُ واليمنُ والعراقُ وإيرانُ بين الأهداف. فهل تكونُ الحملةُ شاملةً للجميع، أم يُعتمدُ تكتيكُ التدرّج؟
إيرانُ أوّلًا ثم الآخرون؟
لبنانُ والعراقُ فإيران؟
كلُّها سيناريوهاتٌ محتملةٌ ما دامت حربُ نتنياهو-براك تقومُ على قوّةِ التدميرِ والذراعِ الطويلةِ والاغتيالات.
أمّا الحربُ البريةُ فقد تكونُ المرحلةَ الثانيةَ، والمؤكّدُ أنّ مسرحَها لبنانُ، لا العراقُ ولا إيرانُ ولا اليمنُ.
هل أعادتْ إسرائيلُ ترميمَ اختراقاتِها للحزبِ وإيران؟
من أين لنتنياهو أنْ يتعنترَ ويزيد؟ فهل استثمرَ بوقفِ النار مع إيران التي قال وزيرُ دفاعِها: "لو استمرتِ الحربُ ثلاثةَ أيّامٍ لانتهتْ إسرائيلُ ولم تستمرْ؟"
وقالها ترمب: "أنقذتُ إسرائيلَ من أنْ تُدمّرَها إيران".
أمْ حقًّا أَمنتْ إسرائيلُ قبتَها الحديديةَ عبرَ الليزر كما تزعمُ صحافتُها، وتاليًا لم تعدْ تحسبُ لصواريخِ إيران حسابًا؟
٦
قلناها وكرّرنا وزدنا: إنّها حربٌ وجودية، وهي آخرُ حروبِ العصرِ بين الشرقِ والغربِ، لن تقفَ وستجولَ في مسارحَ حتى يخرجَ منها مهزومٌ يغيبُ طويلًا، ومنتصرٌ يسودُ طويلًا.
والعلومُ العسكريةُ والخبرةُ والواقعُ، كلُّها تجزمُ أنّ ميزانَ القوى الكليَّ والبيئةَ الاستراتيجيةَ والتحولاتِ تقطعُ بأنّها ليستْ في صالحِ إسرائيلَ وأمريكا، وهي التي تقرّرُ نواتجَ الحروب.
هل يُصابُ نتنياهو بما أُصيبتْ به عنزةُ ديرِ القمر؟
فقد أفرطتْ بأكلِ مخزونِ القمحِ وماتتْ من التخمَة؟
التاريخُ يقرّر، وإسرائيلُ مهما لبستْ جلدَ الأسدِ ونفختْ عضلاتِها تبقى في حقيقتِها فأرًا فقدَ وظائفَه وشاخ.
وسيقولُ الزمنُ واستحقاقاتُه وحاجاتُ الجغرافيا والتطوّرُ كلمتَه، ولو أنّ المحورَ تجاهلَ الفرصةَ والحقائقَ ولم يستثمرْ بها.
لمتابعة كل جديد الاشتراك بقناة الأجمل آت على الرابط
https://youtube.com/channel/UCobZkbbxpvRjeIGXATr2biQ?si=S2L6hWk65Jwhv1k6