جدل عالمي حول علاقة الباراسيتامول أثناء الحمل بالتوحد
منوعات
جدل عالمي حول علاقة الباراسيتامول أثناء الحمل بالتوحد
28 أيلول 2025 , 13:37 م

أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 22 سبتمبر 2025 ضجة إعلامية بعدما حذّر النساء الحوامل من استخدام الباراسيتامول (المكوّن الفعّال في تايلينول)، مدّعياً أنه قد يزيد من خطر إصابة الأطفال بالتوحّد. جاء هذا التصريح استناداً إلى دراسة مثيرة للجدل شارك فيها عميد كلية الصحة العامة بجامعة هارفارد، الدكتور أندريا باكاريلي.

لكنّ عدداً من المنظمات الطبية المرموقة — منها الكلية الأميركية لأطباء النساء والتوليد (ACOG)، والأكاديمية الأميركية لطب الأطفال (AAP)، ومنظمة الصحة العالمية (WHO) — أصدرت بيانات رسمية نفت فيها هذه المزاعم وأكدت أن استخدام الباراسيتامول بجرعات مناسبة آمن ولا يرتبط علمياً بزيادة خطر التوحّد.

ماذا تقول الدراسات العلمية؟

بحسب مراجعة علمية نشرت في مجلة JAMA عام 2024 على أكثر من 2.5 مليون طفل سويدي، لم يتم العثور على أي علاقة سببية بين تناول الحامل للباراسيتامول وإصابة الطفل بالتوحّد أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

كما أظهرت دراسات أخرى أن الارتباط الطفيف الذي وُجد في بعض الأبحاث اختفى عند مقارنة الأشقاء داخل العائلة الواحدة، مما يشير إلى أن العوامل الوراثية أو الصحية للأم — مثل العدوى أو الصداع أو الحمى — هي السبب الأكثر ترجيحاً وراء زيادة المخاطر، وليس الدواء نفسه.

الخبير برايان لي، عالم الأوبئة في جامعة دريكسل، أوضح أن: "الارتباط لا يعني السببية. ما يحدث هنا يشبه ما حدث مع الادعاء القديم بأن شرب القهوة يسبب سرطان الرئة، بينما السبب الحقيقي كان التدخين."

لماذا يُستخدم الباراسيتامول أثناء الحمل؟

يُعتبر الباراسيتامول من أكثر الأدوية استخداماً بين الحوامل حول العالم، إذ يساعد على تخفيف الصداع، الحمى، آلام العضلات والعدوى البسيطة. ووفقاً لدورية Nature، قد يحمي الدواء الجنين من مضاعفات الحمى غير المعالجة، التي أظهرت بعض الدراسات ارتباطها بزيادة خطر اضطرابات النمو العصبي.

هل توجد بدائل آمنة للباراسيتامول أثناء الحمل؟

بحسب توصيات الكلية الأميركية لأطباء النساء والتوليد:

الباراسيتامول هو الخيار الأول الآمن للحامل عند الحاجة وباستشارة الطبيب.

بعض مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) مثل الإيبوبروفين أو النابروكسين قد تُستخدم بحذر في الثلث الثاني من الحمل فقط ولأقل من 48 ساعة.

الأسبرين بجرعات منخفضة قد يوصف في حالات خاصة مثل تقليل خطر تسمم الحمل أو علاج الإجهاض المتكرر، وفق دراسات حديثة.

ماذا عن مخاطر الحمى غير المعالجة؟

أظهرت مراجعة منهجية في مجلة Molecular Autism أن الحمى أثناء الحمل قد ترتبط بزيادة خطر إصابة الطفل باضطرابات نمو عصبي مثل التوحّد وفرط الحركة. وفي إحدى الدراسات الصغيرة، وُجد أن الحوامل المصابات بالإنفلونزا واللواتي استخدمن خافضاً للحرارة كانت احتمالية إصابة أطفالهن بالتوحّد أقل مقارنة بمن لم يتناولن علاجاً.

رغم الجدل السياسي والإعلامي، فإن الأدلة العلمية الحالية لا تثبت وجود علاقة سببية بين استخدام الباراسيتامول أثناء الحمل والتوحّد. توصي الهيئات الطبية باستخدامه بحذر وعند الحاجة فقط، مع استشارة الطبيب، بينما تُعدّ الحمى غير المعالجة أثناء الحمل عاملاً أكثر خطورة على صحة الجنين.

المصدر: Live Science