عبد الحميد كناكري خوجة: أسطول الحصار...وفجر الإنتصار.
مقالات
عبد الحميد كناكري خوجة: أسطول الحصار...وفجر الإنتصار.


حين تتلاطم الأمواج وتسطر ملحمة الصمود، وحين تحاصر قوات المغتصب النازي خبز الجياع في قطاع الشرف و البطولة ”غزة العزة" يدرك معظم أبناء المعموة أن البحر ليس حدا جغرافيا بل ميدان اختبار أخلاقي، في مواجهة فوهات مدافع الطغيان، يظهر أسطول الصمود لا كفلك وحسب, بل كصيحة ديالكتيكية تصارع ميتافيزيقية الإحتلال وتفضح أطماعه وجشعه الذي يحاول خنق الضمير البشري عند تخوم الموج.

منذ عقود والمحتل يسعى إلى إخضاع الأرض والبحر والجو والإنسان في مشروعه الهيمني التوسعي الكولونيالي مستخدما شعارات أمنية زائفة مموهة.

فجاء اعتراض أسطول الحصار ليعيد إلى الذاكرة جينالوجيا هذا الكيان السرطاني القائم على النفي والإلغاء، مبينا للعالم أن الحصار الجائر ليس سوى جريمة مستمرة ضد الطفولة والخبز والدواء.

لكن غزة بمجاهديها وشعبها وأطفالها لم ولن تستسلم لدوائر القهر والإذلال، بل جعلت من الموج جسر أمل، وأيقظت في الضمير حقيقة دامغة: أن الإرادة الثابتة تحيل القيود إلى حطام، وأن القوة المفرطة تنهزم أمام عزم يستمد جذوره من التاريخ والإيمان.

في لحظة اعتراض الأسطول تهاوت دعاوى” الحماية الذاتية" أمام عدسات كاميرات العالم.

وسقط قناع هستريا القمع وعرى الإستعمار المتستر خلف قانون دولي مائع خاضع لمنطق القوة والغطرسة.

هكذا يثبت التاريخ مرة بعد أخرى أن الحصار الظالم لايميت القضية بل يوقظها، وأن الأمواج التي اعترضها الطغاة حملت بشائر فجر الإنتصار من شواطئ غزة المضرجة بالصبر، إلى سفن الحرية التي خاضت البحر في وجه فوهات المدافع، تمتد رسالة واحدة: لن يقدر القيد على وأد الحق، ولن يقوى حصار البحر على خنق إرادة الشعوب.

وبكلمة ختامية، سلام على الشهداء الأبرار والمصابين، وإكبارا لأحرار الأمواج، وبشرى أن الفجر الموعود يقترب، مهما طال ظلام الليل وتكاثفت سدوله فوق بحر الشقاء.

مفكر حر، محلل سياسي وإعلامي سابق في الغربة.