أكدت دراسة دولية حديثة أن الإبداع الفني يعمل كمنشّط طبيعي للدماغ، يساعد على إبطاء عملية الشيخوخة العصبية وتحسين التواصل بين الخلايا العصبية.
سواء كانت موسيقى، أو رقصا، أو رسما، أو حتى ألعاب فيديو استراتيجية — فإن أي شكل من أشكال التعبير الفني يعزز مرونة الدماغ ويقوي شبكاته العصبية.
نُشرت نتائج البحث في مجلة Nature Communications العلمية، وأجراها المعهد العالمي لصحة الدماغ (Global Brain Health Institute)، الذي أكد أن الفن لا يُغذي الروح فقط، بل يُعيد أيضا شباب العقل.
تفاصيل الدراسة الدولية
شملت الدراسة 1,402 مشاركا من 13 دولة مختلفة، من ضمنهم راقصو تانغو، موسيقيون، رسامون، ولاعبو ألعاب إلكترونية.
تم فحص أدمغتهم باستخدام تخطيط كهربية الدماغ (EEG) والمغناطيسية الدماغية (MEG) إلى جانب اختبارات معرفية دقيقة.
ثم تمت مقارنة “العمر العصبي” لكل شخص بعمره الزمني الفعلي، لتكشف النتائج أن الأشخاص الذين يمارسون الإبداع بانتظام يمتلكون أدمغة أكثر شبابا، حتى عند التقدّم في السن.
والمفاجأة أن التغيرات الإيجابية ظهرت حتى لدى من مارسوا الإبداع لفترات قصيرة، مما يثبت أن التأثير يمكن ملاحظته بسرعة.
المناطق الأكثر استفادة في الدماغ
أظهر البحث أن التأثير الأقوى للتعبير الفني ظهر في:
الحُصين (Hippocampus) المسؤول عن الذاكرة.
القشرة الجبهية الأمامية المسؤولة عن اتخاذ القرار والانتباه.
المناطق الجدارية المرتبطة بالوعي المكاني والتركيز.
وهذه هي بالضبط المناطق التي تتأثر أولًا بالتقدم في العمر والأمراض العصبية التنكسية مثل الزهايمر.
وأوضح الباحثون أن النشاط الإبداعي يقوّي الشبكات العصبية، ويجعلها أكثر كفاءة واستقرارا — مثل شبكة عنكبوتية متينة تحافظ على وظائف التفكير والذاكرة والانتباه.
الفن كدواء طبيعي للعقل
يرى العلماء أن تأثير الإبداع على الدماغ يعادل فوائد الرياضة أو النظام الغذائي الصحي.
إنه وسيلة وقائية مجانية وممتعة لحماية القدرات المعرفية من التدهور مع التقدم في العمر — بدون أدوية أو إجراءات معقدة.
فمن دروس التانغو إلى الرسم بالألوان المائية، ومن العزف الموسيقي إلى ألعاب الفيديو الإبداعية، يصبح الفن أداة فعّالة للشيخوخة الصحية.
الإبداع ليس ترفا ولا هواية جانبية — بل هو ضرورة بيولوجية للحفاظ على شباب العقل.
ومع ازدياد الأدلة العلمية، ربما يكون أفضل استثمار في صحتك الذهنية ليس نظاما غذائيا جديدا، بل درسا في الرقص أو لوحة فنية جديدة!