تؤثر أمراض صمامات القلب على نحو 2.5% من البالغين في الولايات المتحدة، ويخضع أكثر من 100,000 مريض سنويًا لعمليات استبدال الصمام، وغالبا ما يواجه المرضى معضلة بين المتانة طويلة الأمد ومخاطر الجلطات الدموية، مما يستدعي أحيانا جراحات لاحقة.
لكن فريقا من جامعة تكساس أيه آند إم يعمل على تغيير هذه المعادلة من خلال تصميم صمام ميكانيكي ثلاثي الوريقات يهدف إلى محاكاة التدفق الطبيعي للدم وتقليل الحاجة إلى تدخلات مستقبلية.
تصميم يحاكي الطبيعة
عادةً ما تحتوي الصمامات الميكانيكية التقليدية على وريقتين صلبتين تدوران استجابةً لتدفق الدم، في حين أن الصمامات البيولوجية — المصنوعة من أنسجة الأبقار أو الخنازير — تتميز بوريقات مرنة تحاكي حركة الصمام الطبيعي.
أما التصميم الجديد الذي تطوّره شركة Novostia، فيعتمد على ثلاث وريقات ميكانيكية تحاكي بنية الصمام الطبيعي بدقة أكبر.
تُحدث هذه الفروق البنيوية تغييرات مهمة في ميكانيكية تدفق الدم وإغلاق الصمام، ما يؤثر مباشرة في خطر تجلط الدم وكفاءة الصمام.
المقارنة العلمية بين ثلاثة أنواع من الصمامات
قاد الدكتور إيمان بُرازجاني، أستاذ الهندسة الميكانيكية في قسم J. Mike Walker بجامعة تكساس أيه آند إم، فريقا بحثيا لمقارنة ثلاثة أنواع من صمامات القلب:
1. الصمام الميكانيكي ثلاثي الوريقات (من تطوير Novostia).
2. الصمام الميكانيكي ثنائي الوريقات التقليدي.
3. الصمام البيولوجي الذي يحاكي الصمام الأورطي الطبيعي.
وقال الدكتور بُرازجاني: "هدفنا الأساسي كان مقارنة سلوك التدفق وحركة الصمام الثلاثي مع النوعين الآخرين. وقد وجدنا أن الصمام الثلاثي يبدأ بالإغلاق أثناء التدفق الأمامي، مثل الصمامات البيولوجية، بينما يبدأ الصمام الثنائي بالإغلاق فقط مع بداية التدفق العكسي، هذه الخاصية أساسية لأن الصمام القلبي مصمم للسماح بتدفق أحادي الاتجاه وتقليل الارتجاع الدموي."
مبادئ ديناميكية السوائل وراء الإغلاق المثالي
حددت الدراسة مبدأين أساسيين من ديناميكية السوائل يعززان إغلاق الصمام في الوقت المناسب:
1. تيار مركزي قوي يؤدي تباطؤه إلى خفض الضغط في المنطقة المركزية بدلًا من جيوب الجيب الأورطي أثناء مرحلة الانقباض المتأخر.
2. إغلاق الوريقات باتجاه مركز فتحة الصمام، مما يحقق إحكاما مثاليا للتدفق.
يسمح هذا الفهم العميق بتحسين تصميم الصمامات الميكانيكية المستقبلية لتقليل الارتجاع الدموي وزيادة كفاءة عمل القلب.
محاكاة رقمية متقدمة لكشف أسرار تدفق الدم
استخدم الباحثون إطار محاكاة تفاعلي بين السوائل والبنية (Fluid-Structure Interaction) لتحليل سلوك الصمامات المختلفة.
تضمّن التحليل مراقبة حركة الوريقات ومجالات الضغط وسرعة تدفق الدم بدقة عالية.
وقال سيد سمر عباس، طالب الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية والمشارك في البحث:
"لعقود، واجهت الصمامات الميكانيكية معضلة بين المتانة وخطر التجلط. فهم المبادئ الديناميكية التي تحكم الإغلاق يساعدنا على تجاوز هذا التحدي التاريخي."
متانة عالية وتوافق حيوي
أظهرت النتائج الأولية أن الصمام الميكانيكي ثلاثي الوريقات يغلق بطريقة مشابهة للصمام البيولوجي في جميع المحاكاة، كما أظهرت البيانات انخفاضا في تنشيط الصفائح الدموية، مما يشير إلى إمكانية تطوير صمام يجمع بين المتانة والتوافق الحيوي في آنٍ واحد.
يعمل الفريق الآن على تطوير نموذج حسابي جديد لمحاكاة تنشيط الصفائح الدموية وتكوّن الجلطات داخل الصمامات البديلة، وهو أول نموذج من نوعه يأخذ في الاعتبار العوامل الميكانيكية والكيميائية الحيوية المؤثرة على الدم.
نحو جيل جديد من صمامات القلب
قال الدكتور برازجاني: "تصميم الصمامات الصناعية لم يتغير منذ عقود. ومع توفر أدوات التحليل الحديثة والمواد المتطورة وتقنيات التصنيع المتقدمة، حان الوقت لتطوير جيل جديد من الصمامات يتجاوز حدود الماضي."
شارك في المشروع أيضا الدكتور حسين أسدي، الطالب السابق لدى برازجاني، والذي ساهم في تطوير الكود الحسابي المستخدم لمحاكاة الصمامات البيولوجية.
ويجمع هذا البحث بين علوم الحاسوب والهندسة الطبية الحيوية والاختبارات السريرية، مما يجعله خطوة واعدة نحو صمامات قلبية أكثر أمانا.