نواع الاكتئاب ليست متشابهة كل منها يرتبط بأمراض قلبية واستقلابية
دراسات و أبحاث
نواع الاكتئاب ليست متشابهة كل منها يرتبط بأمراض قلبية واستقلابية
12 تشرين الأول 2025 , 14:14 م

أظهرت دراسة حديثة قُدمت في مؤتمر الكلية الأوروبية لعلم الأدوية النفسية والعصبية (ECNP) في أمستردام، أن أنواع الاكتئاب المختلفة ترتبط بأمراض قلبية واستقلابية مميزة، مما يسلط الضوء على العلاقة المعقدة بين الصحة النفسية والجسدية.

فقد أكد الباحثون أن الاكتئاب ليس حالة واحدة، بل يتخذ أنماطا بيولوجية وسريرية متعددة، لكل منها تأثير خاص على أعضاء الجسم ووظائفه الحيوية.

العلاقة بين الاكتئاب وأمراض القلب والسكري

استمرت الدراسة سبع سنوات، وتتبّعت حالة 5,794 شخصا بالغا شاركوا في دراسة علم الأوبئة الهولندية للسمنة (NEO)، جميعهم كانوا خاليين من أمراض القلب والسكري عند بدء المتابعة.

في بداية الدراسة، ملأ المشاركون استبيانا شاملاً لتقييم أعراض الاكتئاب، مما أتاح للباحثين تحديد نمطين مميزين من الاكتئاب:

1. الاكتئاب الميلانكولي (Melancholic Depression): يتميز بأعراض مثل الاستيقاظ المبكر، فقدان الشهية، وانخفاض الطاقة.

2. الاكتئاب غير النموذجي أو المرتبط بالطاقة (Atypical/Energy-related Depression): يتميز بالتعب المفرط، النوم الزائد، وزيادة الشهية.

الاكتئاب "غير النموذجي" يرتبط بالسكري

أظهرت نتائج الدراسة أن حوالي 8٪ من المشاركين أصيبوا بمرض قلبي أو استقلابي خلال فترة المتابعة.

لكن المدهش أن نوع المرض الذي ظهر كان مرتبطا بنمط الاكتئاب لديهم.

المصابون بالاكتئاب غير النموذجي كانوا أكثر عرضة بمقدار 2.7 مرة للإصابة بـ مرض السكري من النوع الثاني مقارنةً بالأشخاص الذين لا يعانون من اكتئاب.

في المقابل، لم يُظهر هؤلاء المشاركون زيادة ملحوظة في خطر الإصابة بأمراض القلب.

الاكتئاب الميلانكولي مرتبط بأمراض القلب

أما المشاركون الذين ظهرت عليهم أعراض الاكتئاب الميلانكولي فكانوا أكثر عرضة بنسبة 1.5 مرة للإصابة بـ أمراض القلب والأوعية الدموية مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية، مقارنة بغير المصابين بالاكتئاب، دون ارتفاع ملحوظ في خطر الإصابة بالسكري.

التفسيرات البيولوجية وراء الاختلاف

قال الباحث الرئيسي الدكتور يوري ميلانيتشي من المركز الطبي الجامعي في أمستردام (Amsterdam UMC):

"التحليلات الأيضية أظهرت أن الأشخاص الذين يعانون من أعراض الاكتئاب غير النموذجي لديهم اضطرابات في العمليات الالتهابية والاستقلابية المرتبطة بصحة القلب والتمثيل الغذائي، بينما لم تظهر هذه العلامات لدى المصابين بالاكتئاب الميلانكولي، ما يشير إلى اختلافات كيميائية حيوية بين النوعين."

وأضاف: "نحن نعلم بالفعل أن الاكتئاب ليس نوعا واحدا، لكن هذه النتائج تؤكد ضرورة فهم كيف يؤثر نوع الاكتئاب على الصحة الجسدية بطرق مختلفة، مما يدفعنا نحو مفهوم الطب النفسي الدقيق (Precision Psychiatry) لعلاج المرضى بناءً على بصمتهم البيولوجية الخاصة."

أولوية في الرعاية الصحية

علّقت الدكتورة كيّارا فابري من جامعة بولونيا (غير مشاركة في الدراسة) قائلة: "الوقاية من الأمراض الجسدية وعلاجها لدى المصابين بالاكتئاب لا يقل أهمية عن علاج الاكتئاب نفسه. فهذه الحالات الجسدية شائعة ومتزايدة."

وأضافت: "تشير تقديرات الاتحاد الدولي للسكري إلى أن عدد المصابين بالسكري في أوروبا سيصل إلى 66 مليون شخص بحلول عام 2050، بزيادة قدرها 10٪. لذا من الضروري تعزيز التشخيص المبكر والعلاج الفعّال لأمراض القلب والتمثيل الغذائي لدى مرضى الاكتئاب."

نحو طب نفسي أكثر دقة وإنسانية

تفتح هذه النتائج آفاقًا جديدة أمام العلاج النفسي الموجّه بيولوجيًا، الذي يأخذ في الاعتبار العلاقة المعقدة بين الدماغ والجسد.

إن فهم كيفية اختلاف أنواع الاكتئاب في تأثيرها على الأعضاء الحيوية قد يساعد الأطباء في تصميم خطط علاج مخصصة لكل مريض، تجمع بين الرعاية النفسية والبدنية لتحقيق شفاء شامل.

المصدر: European College