"قصّة قصيرة "
القاعة مسكونة بأشواق الطلاب الذين تألّبوا لسماع قصائد وقصص جديدة تمجِّد طوفان الأحرار.
عريف الحفل يطلب إليّ تقديم موضوع جديد من وحي ذلك الطوفان المبارك والمنتظر منذ زمن.
- على الرحب والسعة (قلت)، وبعد التحيّة رفعت إصبعين هكذا.
وسألت:
- ما هذه؟
- شارة النصر (أجابوا بصوت واحد)
- لا ليست شارة نصرنا، فهذه الشارة سبق ورفعها ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا مفاخراً في استعماره ما يزيد عن مئتين وخمسة وثمانين بلداً.
- ما هذه إذاً؟ (سألوا)
- هذا رقم سبعة، أجل إنّه الرقم سبعة احفظوه جيّداً، احفظوه وخزّنوه في ذاكراتكم جيّداً. قلت ذلك وسألت من جديد، وسط دهشة محيّرة ارتسمت على وجوه العديدين منهم. أنا قرأت ذلك وتابعت:
- وما هذه؟
- هذه عشرة
- ممتاز. ردّدوا معي: سبع عشرة، هذا هو التاريخ الذي لن يُنسى بعد اليوم، لأنّه وضع نقطة على سطر تاريخ الاستعلاء الصهيوني الذي رسَّخ في أذهان الشعوب مقولة: إنّ جيش الكيان لا يقهر، فإذا به يسقط تحت أقدام الطالعين من فوق الأرض ومن باطنها ليكسروا تلك المقولة، وليمرغوا وجوه المحتلين بالتراب.
سبع عشرة نقطة مضيئة في تاريخ هذا الصراع الدامي.
أجل. إنّ أصابعنا الضاغطة على الزناد ترسم السابع من الشهر العاشر، وهذا ما صار يعرف ب: سبعه أكتوبر.
- وما رمز شارة نصرنا الجديدة يا أستاذ؟ (سألوا)
- هذه شارة نصرنا الجديدة (قلت)
- هاتان إصبعان مصوّبتان نحو الأرض (أجابوا)
- نعم. هاتان الإصبعان ترمزان إلى الرقم ثمانية اي الثامن من تشرين الأول، اليوم التالي لانطلاقة الطوفان وهذان مثّلا ويمثّلان الصمود الأسطوري الذي لا يوصف في غزة ولبنان وفي اليمن وسوريا والعراق، وترسمان حال التشبث الذي يوصف بالأرض، بالصخر والرمل والتراب، بما فوق الأرض أرض غزة واليمن وجبل عامل وما في حضنها. أصابعنا التي تغرس الشجر، وتزرع، وتبني وتتوالد قبضات، وتقيم الأعراس أعراس الحياة والشهادة جديرة بأن نرفعها شارة جديدة للنصر. أمّا أصابعهم الشيطانيّة الضاغطة على آلات الموت والدمار، وإبادة الحياة ومعانيها فجديرة بالتكسير، إنّها رمز الاستقواء والاستعمار والاستيطان.
الإنكليز مع الأمريكان وعصابات الصهاينة احتلوا أرضنا، وقتلوا ودمّروا وأبادوا، وآن لنا أنّ نوحِّد أصابع قبضاتنا، ونوجّهها كدمات في وجوه الغاصبين أعداء الحياة والحريّة والمستقبل.
لا مكان لهم ولأصابعهم في أرضنا بعد انتصارنا في أيّار الألفين وفي انتصار آب، وفي صمودنا وصمود أبطال هذا المحور المقاوم الممتدّ من ياسين غزة التي تشوي جلود الصهاينة وشركائهم في الجرائم التي لا تعدّ، وتذيب حديد دباباتهم فخر صناعتهم المهترئة، إلى خناجر اليمن التي غارت في صدور الغزاة وبوارجهم الحربيّة وسفنهم التجاريّة، إلى نسور سوريا والعراق التي كسَّرت جماجم الغزاة الطامحين إلى امتصاص خيرات الشعوب، واسترقاق الأبناء الشرفاء، عشاق البذل والشهادة، والمتّصل بأرض الطهر في طهران حيث أذاق ابنها القاسم السليماني البطل الأعداء الموت الزؤام.
أبنائي الأعزاء
ردّدوا معي، بصوت واحد:
سبعة / عشرة.
سبعة / عشرة.
سبعة / عشرة حبر جديد من دم الأحرار يؤرّخ انبلاج فجر يوم مجيد عنوانه: طوفان الأحرار، طوفان الأقصى.
١٠/١٠/٢٠٢٣
عن ۷/١٠/٢٠٢٣