دوامات مغناطيسية خفية تكشف سر العواصف الفضائية
علوم و تكنولوجيا
دوامات مغناطيسية خفية تكشف سر العواصف الفضائية
15 تشرين الأول 2025 , 13:37 م

كشف علماء الفضاء في دراسة حديثة عبر موقع Наука Mail (ناوكا مايل) عن اكتشاف مدهش: وجود دوامات مغناطيسية غير مرئية تتشكل في الفضاء بين الشمس والأرض، وقد تكون سببا في العواصف الجيومغناطيسية المفاجئة التي تُربك الاتصالات وشبكات الطاقة على سطح الأرض.

تُظهر النماذج الحاسوبية الحديثة أن هذه الدوّامات تنشأ في منطقة التفاعل بين الانبعاثات الإكليلية من الشمس (Coronal Mass Ejections) والرياح الشمسية البطيئة، مما يؤدي إلى تشكّل ما يشبه أعاصير مغناطيسية مصغّرة في أعماق الفضاء.

الشمس مصدر الطاقة والعواصف

في الفضاء الساكن ظاهريا، تهب عواصف شمسية قادرة على تغيير مجرى الحياة على الأرض.

فعندما تطلق الشمس تدفقات هائلة من البلازما والمجالات المغناطيسية، تسافر هذه الموجات ملايين الكيلومترات بسرعة تصل إلى 2900 كيلومتر في الثانية، حاملةً طاقة تكفي لإضاءة السماء بألوان الشفق القطبي — أو لتعطيل الأقمار الصناعية ومحطات الكهرباء.

هذه الظواهر تُعرف بـ الانبعاثات الإكليلية الكتلية (CME)، وتُعد من أكثر الظواهر الشمسية عنفا وتأثيرا على الأرض.

ظواهر غامضة دون سبب واضح

لاحظ العلماء في فترات هدوء الشمس حدوث اضطرابات مغناطيسية مفاجئة دون وجود أي انفجارات شمسية مرصودة.

وهنا بدأ التساؤل:

هل يمكن أن تتكوّن عواصف مغناطيسية محلية في الفضاء بين الشمس والأرض، دون أن يكون منشؤها الشمس نفسها؟

محاكاة رقمية تكشف السر


للإجابة عن هذا اللغز، استخدم فريق من الباحثين نموذجا رقميا متطورا، وصفوه بـ “الحوض الفضائي الافتراضي”.

في هذا الفضاء الرقمي، تمثّل العلماء الشمس والكواكب وتدفقات الجسيمات الشمسية لمحاكاة التفاعلات الدقيقة بين الرياح الشمسية والانبعاثات الإكليلية.

في النماذج التقليدية، يُقسم الفضاء إلى مكعبات رقمية كبيرة بحجم 1.5 كيلومتر، ما يتيح دراسة الظواهر الكبرى فقط. لكن التفاصيل الصغيرة تضيع وسط هذا النطاق الواسع، كما لو كنت تحاول فحص ذرة باستخدام مجهر عملاق.

أما في النموذج الجديد، فقد تمكن العلماء من زيادة دقة المحاكاة بمقدار 100 ضعف، مما أتاح لهم رؤية تفاصيل دقيقة غير مسبوقة في منطقة التقاء تدفقات الجسيمات.

ولادة دوامات مغناطيسية بين الشمس والأرض

عند هذا المستوى العالي من الدقة، ظهرت هياكل غريبة — دوامات مغناطيسية مصغّرة تشبه أعاصير من طاقة غير مرئية.

كانت هذه الدوّامات عبارة عن حبال متشابكة من خطوط المجال المغناطيسي، تدور وتلتف كما لو كانت إعصارا فضائيا متكوّنا من طاقة بدلاً من الهواء.

المثير أن هذه الدوّامات لم تكن مؤقتة، بل أظهرت استقرارا مذهلا وقدرة على تخزين طاقة مغناطيسية كافية لإحداث عاصفة جيومغناطيسية محسوسة على سطح الأرض.

عواصف لا تنشأ من الشمس

خلص العلماء إلى أن ليس كل العواصف المغناطيسية مصدرها الشمس، بل يمكن أن تتكوّن بعضُها في الفضاء ذاته — تحديدا في مناطق تصادم الرياح الشمسية السريعة مع البطيئة.

هذه “الأعاصير الشمسية الخفية” صغيرة جدا بحيث لا يمكن للأجهزة الحالية رصدها بسهولة، لكنها قد تكون العنصر المفقود في فهم الطقس الفضائي وتأثيراته على الأرض.

تداعيات الاكتشاف على الحياة الأرضية

تُعد العواصف الجيومغناطيسية من أخطر الظواهر على التكنولوجيا الحديثة. فهي قادرة على:

تعطيل أنظمة الملاحة GPS.

التأثير على الاتصالات اللاسلكية.

إحداث انقطاعات كهربائية واسعة.

وحتى التسبب في تشويش الأقمار الصناعية.

ويأمل العلماء أن يساعد هذا الاكتشاف في تطوير أنظمة إنذار مبكر متقدمة لرصد هذه الدوّامات قبل أن تؤثر على كوكبنا.

المصدر: مجلة Astrophysical Journal Letters