العلاقة بين الدهون الخفية وتلف الشرايين الصامت
دراسات و أبحاث
العلاقة بين الدهون الخفية وتلف الشرايين الصامت
18 تشرين الأول 2025 , 15:58 م

كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة ماكماستر في كندا أن الدهون الخفية المتراكمة بعمق داخل البطن والكبد قد تسبب تلفاً خطيراً وصامتاً في الشرايين، حتى لدى الأشخاص الذين يبدون نحيفين أو يتمتعون بوزن صحي ظاهرياً.

تحدّت هذه النتائج المفهوم السائد الذي يعتمد على مؤشر كتلة الجسم (BMI) لتقييم السمنة، مشيرةً إلى أن الوزن وحده لا يعكس الصورة الكاملة لصحة القلب والشرايين.

ما المقصود بـ "الدهون الخفية"؟

الدهون الحشوية (التي تلتف حول الأعضاء الداخلية) ودهون الكبد (المخزّنة داخل الكبد) تُعدّ من أكثر أنواع الدهون خطورة، إذ ترتبط بارتفاع احتمالات الإصابة بـ داء السكري من النوع الثاني وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب.

لكن تأثيرها على صحة الشرايين لم يكن واضحاً سابقاً — إلى أن جاءت هذه الدراسة لتؤكد أن هذه الدهون قد تسبب تلفاً صامتاً في الشرايين دون أعراض مبكرة.

تأثير الدهون الخفية على الشرايين

اعتمد الباحثون على تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لتحليل بيانات أكثر من 33,000 شخص بالغ من كندا والمملكة المتحدة، ضمن مشروعين بحثيين كبيرين:

تحالف كندا للقلوب والعقول الصحية (CAHHM)

قاعدة بيانات المملكة المتحدة الحيوية (UK Biobank)

وأظهرت النتائج أن الدهون الحشوية ترتبط بشكل قوي بتكوّن اللويحات وتصلب جدران الشرايين السباتية (الواقعة في الرقبة والمسؤولة عن تزويد الدماغ بالدم). أما دهون الكبد فقد أظهرت علاقة أضعف، لكنها لا تزال ذات دلالة إحصائية مهمة.

تصريحات الخبراء

يقول الدكتور راسل دي سوزا، المؤلف المشارك في الدراسة وأستاذ في قسم طرق البحث الصحي بجامعة ماكماستر:

"تُظهر نتائجنا أن الدهون الحشوية ودهون الكبد تساهمان في تلف الشرايين حتى بعد أخذ عوامل الخطر التقليدية مثل الكوليسترول وضغط الدم في الاعتبار."

ويضيف: "إنها رسالة تنبيه قوية للأطباء والجمهور على حد سواء لإعادة النظر في كيفية تقييم السمنة ومخاطر أمراض القلب."

أما الدكتورة سونيا أناند، الأستاذة في قسم الطب بجامعة ماكماستر والمتخصصة في طب الأوعية الدموية، فتؤكد:

"لا يمكنك الحكم على صحة شخص ما من مظهره الخارجي. فالدهون الداخلية النشطة أحيائياً قد تسبب التهابات وأضراراً بالشرايين حتى لدى الأشخاص غير البدينين ظاهرياً.

النتائج والتوصيات

تسلّط هذه الدراسة الضوء على ضرورة تجاوز مؤشر كتلة الجسم واستخدام وسائل أكثر دقة لتقييم توزيع الدهون في الجسم، خصوصاً التصوير الطبي القائم على الرنين المغناطيسي.

كما تدعو الأطباء إلى التركيز على تقييم الدهون الداخلية ضمن برامج الفحص الوقائي، لأن الدهون الخفية قد تكون عاملاً خفياً وراء العديد من الجلطات والسكتات الدماغية غير المتوقعة.

الدهون الخفية ليست مجرد مشكلة جمالية، بل خطر صحي صامت قد يهدد القلب والدماغ حتى عند الأشخاص النحفاء. إن الكشف المبكر عنها وفهم طبيعتها يمثلان خطوة أساسية نحو الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية.

المصدر: مجلة Communications Medicine