استخدام الأطفال لمواقع التواصل الاجتماعي يؤثر على الذاكرة والإدراك لديهم
دراسات و أبحاث
استخدام الأطفال لمواقع التواصل الاجتماعي يؤثر على الذاكرة والإدراك لديهم
19 تشرين الأول 2025 , 13:17 م

كشفت دراسة جديدة أن الاستخدام المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي بين الأطفال يرتبط بانخفاض ملحوظ في الأداء الإدراكي واللغوي.

وبحسب التقرير المنشور في مجلة JAMA الطبية، فإن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و13 عاما والذين يقضون وقتا أطول على السوشيال ميديا، حققوا نتائج أقل في اختبارات القراءة الشفهية، والذاكرة، والمفردات اللغوية مقارنةً بأقرانهم الأقل استخداما لها.

تشير الدراسة إلى أن الطفل في هذه الفئة العمرية يقضي حوالي خمس ساعات ونصف يوميًا أمام الشاشات لأغراض غير تعليمية، ويُخصص جزء كبير من هذا الوقت لوسائل التواصل الاجتماعي، سواء عبر إنشاء المحتوى أو استهلاكه.

على عكس مشاهدة التلفاز أو الفيديوهات، فإن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يتطلب تفاعلاً ذهنيا مستمرا، مثل التمرير، والتفاعل مع الإشعارات، والتواصل مع الآخرين، مما ينشّط باستمرار مناطق الدماغ المسؤولة عن معالجة المعلومات واتخاذ القرار.

هذا النشاط الذهني المتواصل يجعل السوشيال ميديا أكثر إرهاقا للعقل من مجرد مشاهدة شاشة ثابتة.

تأثيرات سلوكية ونفسية وإدراكية

تشير أبحاث سابقة إلى أن الاستخدام المفرط والمُدمن للسوشيال ميديا يرتبط بزيادة مخاطر الاضطرابات النفسية بين المراهقين.

لكن هذه الدراسة الجديدة ركزت على التأثيرات الإدراكية والمعرفية — أي كيف يفكر الأطفال ويتعلمون ويعالجون المعلومات — وهي جوانب لم تكن مفهومة بوضوح سابقا.

تصميم الدراسة وتحليل البيانات

اعتمد الباحثون على بيانات مشروع التطور الإدراكي والدماغي للمراهقين (ABCD)، وهو مبادرة بحثية ضخمة تتابع تطور 11,880 طفلا من الطفولة حتى المراهقة عبر 21 مركزا بحثيا في الولايات المتحدة.

ولتحليل العينة، اختير 6,554 طفلا، نصفهم تقريبا من الذكور (51.1%) والبقية من الإناث (48.9%).

تم جمع البيانات على ثلاث مراحل زمنية:

المرحلة الأولى (2016–2018) عندما كان الأطفال بعمر 9–10 سنوات

المرحلة الثانية (2017–2019)

المرحلة الثالثة (2018–2020)

استخدم الفريق البحثي أسلوب النمذجة الإحصائية للمسارات الزمنية (Group-Based Trajectory Modeling) لتحديد أنماط استخدام السوشيال ميديا، فوجدوا ثلاث مجموعات رئيسية:

1. استخدام منخفض جدا أو منعدم (57.6%)

2. استخدام منخفض لكنه متزايد تدريجيا (36.6%)

3. استخدام مرتفع ومتزايد بسرعة (5.8%)

نتائج الدراسة: كلما زاد الاستخدام تراجع الأداء

تم قياس الأداء المعرفي باستخدام بطارية الإدراك من أدوات المعهد الوطني للصحة (NIH Toolbox Cognition Battery)، وهي مجموعة من الاختبارات الموحدة التي تقيس القراءة، والذاكرة المتسلسلة، وسرعة المقارنة النمطية، والمفردات المصوّرة.

أظهرت النتائج أن الأطفال الذين ينتمون إلى المجموعة ذات الاستخدام المرتفع والمتزايد للسوشيال ميديا حصلوا على أدنى الدرجات في الاختبارات الإدراكية، خصوصا تلك المتعلقة بالذاكرة واللغة.

في المقابل، سجل الأطفال في المجموعة ذات الاستخدام المنخفض جدا أو المنعدم أعلى الدرجات عموما.

هذه النتائج تدعم دعوات الخبراء إلى تشديد القيود العمرية على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بين الأطفال والمراهقين.

ملاحظات ختامية وتوصيات الباحثين

تؤكد الدراسة أن النتائج ترتبط ارتباطا إحصائيا ولا تثبت علاقة سببية مباشرة، أي أنها تُظهر الارتباط بين الاستخدام المكثف للسوشيال ميديا وانخفاض الأداء المعرفي، لكنها لا تحدد ما إذا كان الاستخدام هو السبب المباشر.

ويحث الباحثون على إجراء المزيد من الدراسات التجريبية لفهم الآليات الدقيقة وراء هذا التراجع المعرفي، وتحديد تأثير كل منصة اجتماعية على حدة.

المصدر: مجلة JAMA الطبية