صحة القلب في الأربعين تبدأ من العادات في عمر العشرين
دراسات و أبحاث
صحة القلب في الأربعين تبدأ من العادات في عمر العشرين
24 تشرين الأول 2025 , 12:42 م

تعرف مرحلة البلوغ ، الممتدة بين سن 18 و25 عاما، بأنها فترة التحول الكبرى في حياة الإنسان، فهي مرحلة يبدأ فيها الشباب حياتهم الجامعية أو المهنية، ويكوّنون صداقات وعلاقات جديدة، ويكتسبون استقلاليتهم تدريجيا.

لكن هذه الفترة تشهد أيضا بداية تشكّل العادات غير الصحية التي تضعف القلب، مثل قلة الحركة، والإفراط في تناول الوجبات السريعة، وزيادة استهلاك الكحول أو التبغ. وتشير الإحصاءات إلى أن واحدا فقط من كل أربعة شباب يحافظ على نمط حياة صحي أثناء الانتقال إلى مرحلة البلوغ.

ورغم أن أمراض القلب تُعدّ السبب الأول للوفاة في الولايات المتحدة، فإن الكثيرين يظنون أنها تخص كبار السن فقط. إلا أن البيانات الحديثة تكشف تضاعف معدلات أمراض القلب بين من هم دون الأربعين منذ عام 2010، بل زادت ثلاث مرات بين مستخدمي التبغ.

الجذور المبكرة لأمراض القلب

عاداتك في أواخر المراهقة وبداية العشرينات تحدد صحة قلبك مدى الحياة

النوع الأكثر شيوعا من أمراض القلب هو مرض تصلب الشرايين، الناتج عن تراكم اللويحات الدهنية داخل الأوعية الدموية مما يعيق تدفق الدم.

ولا تبدأ صحة القلب بالتدهور فجأة في منتصف العمر، بل تبدأ من سن المراهقة المتأخرة دون أن يلاحظها معظم الناس.

تشير الأبحاث إلى أن سن 17 عاما يمثل نقطة تحول رئيسية؛ إذ تبدأ مؤشرات صحة القلب — مثل النظام الغذائي، ومستوى النشاط، وجودة النوم، وضغط الدم — في التراجع.

وهذا يعني أن خطر الإصابة بأمراض القلب قد يبدأ بالفعل مع نهاية المرحلة الثانوية.

الخبر الجيد هو أن معظم العوامل المسببة لهذه الأمراض قابلة للتغيير عبر تحسين العادات اليومية.

النيكوتين والسمنة: خطران صامتان

تشير دراسة نُشرت في مارس 2025 إلى أن أحد أخطر العوامل هو التعرّض للنيكوتين. فقد ارتفع معدل استخدام السجائر ومنتجات التدخين الإلكتروني بين الفئة العمرية 18–23 عاما من 21٪ في عام 2002 إلى 43٪ في عام 2018.

يسبب النيكوتين تلف الأوعية الدموية ويُسرّع من تراكم الترسبات الدهنية، مما يمهد لأمراض القلب في وقت لاحق من الحياة.

أما السمنة، فهي عامل مبكر آخر، إذ يُعاني واحد من كل خمسة شبان دون سن 25 عامًا من مؤشر كتلة جسم يبلغ 30 أو أكثر، ويتوقع أن يصل الرقم إلى ثلاثة من كل خمسة بحلول سن 35 عاما.

ورغم انتشار هذه المخاطر، لا يدرك سوى نصف الشباب تقريبًا بين 18 و34 عاما أن الكولسترول المرتفع والسمنة وارتفاع ضغط الدم وقلة النشاط هي عوامل رئيسية لأمراض القلب.

كيف تؤثر العوامل الاجتماعية والسياسات الصحية؟

صحة القلب لا تتشكل فقط من الخيارات الفردية، بل تتأثر أيضا بالأنظمة والسياسات العامة.

على سبيل المثال، سمح قانون الرعاية الصحية الميسرة (ACA) للأمريكيين بالبقاء على تأمين والديهم حتى سن 26، مما يوفر فرصة للحصول على الفحوصات الوقائية مثل قياس ضغط الدم ومتابعة التاريخ العائلي.

لكن رغم هذا التقدم، لا تزال نسبة زيارات الرعاية الوقائية منخفضة بين الشباب. وتشير الدراسة إلى أن تسهيل الوصول إلى الرعاية — مثل التوسع في خدمات الطب عن بُعد — يمكن أن يُحدث فرقا ملموسا.

كذلك، تؤثر الظروف المعيشية والتعليم والدخل على صحة القلب؛ فالأحياء التي تحتوي على حدائق ومساحات خضراء تتيح فرصًا أكبر للحركة، كما أن الاستقرار الاقتصادي والتعليم الجيد يرتبطان بانخفاض التوتر وتحسين التغذية والوصول إلى الرعاية الصحية.

الروابط الاجتماعية وصحة القلب

تُظهر الأبحاث أن العلاقات الاجتماعية القوية تساهم في تحسين صحة القلب وتقليل التوتر.

وقد حذّرت منظمات صحية عالمية مؤخرا من أن الوحدة أصبحت مشكلة صحية عامة.

غير أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لا يعوض التواصل الواقعي، إذ أظهرت بيانات مركز "بيو" أن ثلث المراهقين تقريبا يستخدمون السوشيال ميديا بشكل شبه دائم، دون أن يحصلوا على الفوائد الصحية نفسها من العلاقات الحقيقية.

وتبحث الباحثة جول سكوت في تأثير الترابط الاجتماعي على صحة القلب لدى الشباب، مؤكدة أن التواصل الإنساني الحقيقي قد يكون عنصرا أساسيا في الوقاية من أمراض القلب.

كيف تبني أساسا لقلب سليم مدى الحياة؟

تشير جمعية القلب الأمريكية (AHA) إلى ثمانية عوامل أساسية تُعرف باسم "العناصر الثمانية الجوهرية" (Essential 8)، يمكن من خلالها تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب.

أربعة سلوكيات صحية رئيسية:

1. تجنّب النيكوتين تماما.

2. ممارسة النشاط البدني لمدة 150 دقيقة أسبوعيا (أي نحو 20 دقيقة يوميا).

3. النوم الكافي بين 7 و9 ساعات يوميا.

4. اتباع نظام غذائي صحي غني بالأسماك، والتوت، والخضروات.

ويُعد النظام الغذائي أكثر الجوانب ضعفا بين الشباب الأميركي، لذا يُنصح بتعلّم الطهي لتحسين العادات الغذائية المستقبلية.

أربعة مؤشرات سريرية يجب مراقبتها:

1. ضغط الدم

2. نسبة السكر في الدم

3. الكولسترول

4. مؤشر كتلة الجسم (BMI)

تُظهر البيانات أن ثلاثة من هذه الأربعة — ضغط الدم، السكر، والوزن — ازدادت سوءا منذ أوائل الألفية بين الشباب.

ولهذا، من المهم متابعة هذه المؤشرات مبكرا لتجنّب تراكم المشكلات لاحقا.

“الوقت الأفضل لحماية قلبك هو الآن، حتى لو كنت في العشرين".

زيارة الطبيب لمراجعة ضغط الدم، أو مناقشة العادات اليومية، قد تكون الخطوة الأولى نحو حياة أطول وأقلب أكثر صحة.

فالعادات التي تبنيها اليوم ستحدد شكل حياتك الصحية لعقود قادمة — وقلبك في المستقبل سيشكرك على ذلك.

المصدر: The Conversation